الشرق الأوسط: إسلاميو اليمن يتطلعون إلى تسلم الحكم
اخبار الساعة - لندن بتاريخ: 13-12-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (2773) قراءة
التجمع اليمني للإصلاح يجمع أطيافا شتى ومتناقضة أحيانا
يستعد إسلاميو اليمن، بدورهم، لوراثة حكم علي عبد الله صالح في ظل بروز التيار الإسلامي كقوة أساسية في دول الربيع العربي، وإنما بالشراكة مع اليساريين والقوميين وحتى مع الزيديين الشيعة. والتجمع اليمني للإصلاح، الذي يعد الحزب المعارض الرئيسي، يجمع في حزب واحد الإخوان المسلمين وقسما من السلفيين، إضافة لشخصيات قبلية أساسية مثل الشيخ حميد الأحمر، نجل الزعيم القبلي التاريخي رئيس البرلمان السابق عبد الله الأحمر. وأكد رئيس الدائرة السياسية في «التجمع»، محمد قحطان، لوكالة الصحافة الفرنسية أن حزبه الذي تأسس في أعقاب توحيد اليمن عام 1990 لا يرفع شعار «الإسلام هو الحل» كالإخوان في مصر، وليس له أجندة سياسية إسلامية؛ لأن اليمن «بلد مسلم ومتجانس»، كما أنه ينوي الاستمرار في التحالف مع اليساريين والقوميين. وقال قحطان: «لا يستطيع طرف في اليمن أن يتميز لا بالإسلام ولا بالعروبة، نحن مجتمع كله مسلم، ونحن نعتقد أننا أصل العرب. ولا يستطيع أي طرف أن يكسب الناس عبر شعار (الإسلام هو الحل)؛ فموضوع الإسلام في الدولة ليس مشكلة في اليمن»، وهو بلد محافظ. وشدد على أن «الأولويات التي ينشدها اليمنيون هي أولويات عملية» وليست دينية، مشيرا بشكل خاص إلى «محاربة الفقر وإرساء الاستقرار وبناء الدولة». وبحسب قحطان فإن هاجس الحفاظ على المقومات الهيكلية القليلة للدولة اليمنية المنهكة، وهي من أفقر دول العالم، دفع بالمعارضة إلى القبول بالمبادرة الخليجية التي منحت الرئيس مخرجا «مشرفا جدا»، وتجنب نزاع يقضي على «القليل الباقي من الدولة». والتجمع اليمني للإصلاح كيان متعدد الأطياف إلى حد التناقض أحيانا؛ فهو يجمع بين شخصيات قبلية وإسلامية معتدلة وسلفية في آن واحد، وبين صفوفه الداعية البارز عبد المجيد الزنداني المطلوب لدى واشنطن بتهمة دعم الإرهاب ماليا، والناشطة توكل كرمان، حائزة جائزة نوبل للسلام. وتأسس «التجمع» عام 1990 تحت عباءة القبيلة، خصوصا الشيخ عبد الله الأحمر، زعيم قبائل حاشد التاريخي، ثم ظل طوال 15 عاما على الأقل في تحالف وثيق مع نظام الرئيس علي عبد الله صالح قبل أن يتحول إلى عدوه اللدود ويقود سياسيا الحركة المناهضة له. وخرج «التجمع» في الأساس من رحم الإخوان المسلمين الذين بدأوا نشاطهم في اليمن عام 1968 على يد الطلاب العائدين من مصر.
والإخوان، كما «التجمع»، لم يكونوا في علاقة خصام مع السلطات على عكس الوضع في باقي الدول العربية. وخاض «التجمع» إلى جانب نظام صالح الحرب ضد الانفصاليين الجنوبيين عام 1994، وما انفك يعزز مكاسبه في الدولة حتى بات أتباعه يسيطرون على مراكز حساسة في الإدارة والأجهزة العسكرية، خصوصا في المؤسسات التربوية. ويرى المراقبون أن التاريخ المشترك مع النظام سيف ذو حدين بالنسبة للتجمع؛ فهو سمح له من جهة بأن يكون حاضرا بقوة في الدولة، مما يسهل الوصول إلى الحكم، لكن من جهة أخرى يترك إرثا ثقيلا على «التجمع». وقال المحلل اليمني فارس السقاف: «إن (التجمع) هو المرشح الأقوى لوراثة نظام علي عبد الله صالح»، على أن يتم ذلك خصوصا في الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستنظم بعد سنتين بموجب اتفاق المبادرة الخليجية لانتقال السلطة. وتوقع السقاف أن يتلاشى نفوذ حزب صالح، المؤتمر الشعبي العام، ليزداد نفوذ التجمع اليمني للإصلاح. وقال: «إن (التجمع) سيكون في الحكم وسيتولى السلطة بالتأكيد».
و«التجمع» يمثل مع باقي المعارضة نصف حكومة الوفاق الوطني الحالية في اليمن. وعن وجود سلفيين في «التجمع»، قال محمد قحطان: «نحن حزب مفتوح، ولسنا مصنع علب»، معتبرا أن «التعدد في وجهات النظر عامل صحة، ونحن فينا تنوعات كثيرة؛ فبعضنا يصنف لدى السلفيين علمانيا». ويؤكد «التجمع» أنه لا ينوي حكم اليمن منفردا في المستقبل، ويشدد على ضرورة استمرار منصة «اللقاء المشترك» لأحزاب المعارضة التي وقعت على المبادرة الخليجية كند للرئيس صالح. ويضم اللقاء خصوصا إلى جانب التجمع اليمني للإصلاح: الحزب الاشتراكي والحزب الناصري وحزب الحق الذي يمثل التيار الرئيسي بين الزيديين الشيعة. وقال قحطان: «لو تفردنا في الحكم لا نستطيع أن نعمل شيئا»، مؤكدا استمرار التحالف مع باقي أطياف المعارضة لدورتين انتخابيتين على الأقل. من جانبه أيضا، قال محمد الصبري، القيادي المعارض الناصري: «إن حجم إرث الفساد والدمار يحتاج إلى تحالف وطني عريض»، كما أكد أن هناك اتفاقا ضمن اللقاء المشترك حول «الأولويات».
في هذا السياق، أكد قحطان أن «الأولويات الحالية تندرج في مرحلة ما قبل المنافسة، فلا يتنافس، مثلا، المحافظون العماليون في بريطانيا على هل تكون هناك دولة أم لا تكون، هل يكون هناك قضاء مستقل أم لا يكون، هل يبقى السلاح منتشرا أم لا». وإذا ما بات إسلاميو «التجمع» في السلطة، فسيكون عليهم أيضا أن يواجهوا التطرف وتنظيم القاعدة الذي ينتشر خصوصا في جنوب البلاد. وقال قحطان: «إن التطرف طارئ على مجتمعنا ولا توجد له مبررات»، معتبرا أن وجود «حكم شرعي قوي ودولة القانون ونشر لثقافة الوسطية والاعتدال يشكل سدا أمام التطرف».
وأكد المتحدث أن التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، وهو مسألة بالغة الأهمية لواشنطن «لا بد أن يستمر، لكن على أساس الشراكة وليس مبدأ المقاولة الذي اعتمده علي عبد الله صالح، فهو كان يقول ادفعوا لي أنفذ».
المصدر : الشرق الأوسط
اقرأ ايضا: