حل الأزمة بين الشقيق وأشقائه طريقه الصدق في النوايا والإلتزام بالتعهدات وتغيير السلوك الذي سبب ضررا وفتح صفحة جديدة لا العودة الي نفس البئر.
ما الثمن الذي ستدفعه قطر هذه المرة؟
يصل أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى الكويت اليوم في زيارة وصفت بالأخوية تستمر لعدة ساعات، إلا أنه من المرجح أن يكون هدفها الرئيس التمهيد لوساطة كويتية بين قطر وشقيقاتها.
الكويت كانت قد تدخلت في أزمة أولى بين قطر والدول الرئيسة الأخرى في مجلس التعاون الخليجي لتسوية أزمة وصلت إلى حد سحب تلك الدول لسفرائها من الدوحة.
وقد نجحت تلك الوساطة عام 2014 في رأب الصدع في وقت قصير نسبيا وتمكنت من لملمة أزمة كادت أن تستفحل بين قطر وجاراتها، إلا أن الأزمة الراهنة التي تفجرت إثر نشر تصريحات على لسان أمير قطر، نفتها الدوحة لاحقا مؤكدة أن وكالة أنبائها الرسمية تعرضت لقرصنة ودست التصريح فيها، تبدو مختلفة عن سابقتها.
تلا ذلك اشتعال حرب إعلامية بين مؤسسات الطرفين زادت الطين بلة، وتفنن مشعلوها في كشف عورات الخصم وكيل مختلف الاتهامات إليه، وأظهر كل ذلك أن الأزمة الراهنة أكثر تعقيدا وأشد مما سلف.
وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن زيارة أمير قطر إلى الكويت تبدو أنها محاولة لترطيب الأجواء وتسوية الخلافات عبر وسيط اكتسب خبرة من أزمة عام 2014.
أما صحيفة "العرب" القطرية فنقلت عن سياسيين وأعضاء في مجلس الشورى القطري قولهم إن لقاءات الأميرين تتوخى دائما "العمل على تعزيز العلاقات الخليجية بما يخدم شعوب المنطقة."وكالة الأنباء الكويتية الرسمية وصفت زيارة الأمير تميم بن حمد إلى الكويت بأنها زيارة أخوية بهدف تهنئة أمير البلاد بحلول شهر رمضان المبارك، فيما عدتها صحيفة "الراية" القطرية زيارة تقليدية في إطار "الزيارات الأخوية في رمضان من كل عام"، مضيفة أيضا أن الزيارة تأتي "تأكيداً وتعزيزاً للعلاقات الأخوية الراسخة التي تربط بين البلدين تحت مظلة البيت الخليجي".
إلا أن زيارة صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي إلى العاصمة القطرية الدوحة يوم الجمعة الماضي تشير إلى أن الزيارة الحالية لن تكون اعتيادية، وسيُفتح خلالها هذا الملف الساخن بهدف محاولة تبريده.
كما أن تصريحات وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الخميس الماضي تشير بوضوح إلى أن الدوحة تسعى إلى الخروج من الأزمة الراهنة وتبحث عن مخرج لها، حيث قال الوزير القطري :"قطر تحتفظ دوما بعلاقات ودية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتسعى لعلاقات خليجية متينة لإيمانها بأن المصالح الخليجية واحدة والمصير واحد".
ويبدو أن الدول الخليجية وخاصة السعودية والإمارات تصر هذه المرة على أن تغير قطر من سلوكها قبل إتمام أية مصالحة. ظهر مثل هذا الموقف في تصريحات وتعليقات أنور قرقاش، عضو مجلس الوزراء وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، عبّر فيها عن نفاد صبر الأشقاء من قطر ورغبتهم في رؤية تغيير جذري يتأتى من خلال "مراجعة شاملة وإعادة تصويب لمنهج خطر".
في السياق ذاته، رأت صحيفة عكاظ السعودية أن أمير قطر يحاول الخروج من العزلة التي وضع نفسه فيها بالاستعانة بدولة الكويت، وواصلت الصحيفة في نفس الوقت شن حملة شديدة على أمير قطر بعبارات نارية.
صحيفة الاتحاد الإماراتية لم تجد أي هامش للخروج من الأزمة الراهنة، مشيرة إلى أنه "من حسن حظ الحكومة القطرية أن الحكومات الخليجية كانت في كل مرة تحاول إيجاد مخارج سياسية لما تمارسه قطر تجاه دول المنطقة، لكن يبدو أن تلك المساحة لم تعد الآن موجودة لأن الأمر بحكم التطورات الميدانية ربما يفقد الخليج مكتسباته الاستراتيجية، خاصة ونحن الآن أمام مرحلة فارقة تتطلب قدرا من تحمل المسؤولية بعيدا عن العواطف والمجاملة السياسية".
عقب انقضاء زيارة الأمير تميم بن حمد إلى الكويت، يمكن تقييم مآلات الأزمة بين قطر ودول الخليج الأخرى متمثلة في السعودية والإمارات والبحرين، ومعرفة الاستحقاقات المطلوبة لرأب الصدع وإنهاء الخلاف المستجد، وهل سيتم ذلك بتفاهمات وبسياسة ما يعرف "بتبويس اللحى"، أم أن الأمر هذه المرة يتطلب تنازلات وإجراءات ملموسة من قبل قطر تغير من خلالها الدوحة السياسات التي تثير حفيظة جيرانها.
الأهم يكمن في الإجابة عن السؤال التالي، هل يمكن لقطر أن تغير نهجها بعد سنوات طويلة من تغريدها خارج السرب ما جعلها خصما في الخليج وخارج الخليج؟