مِن ثِمَارِ الثّورَة
اخبار الساعة - المحامي/احمدمحمد نعمان بتاريخ: 27-12-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (2105) قراءة
ما من شك ولا ريب أن الشعب اليمني يتطلع اليوم إلى حياة مدنية حرة ويتطلع أيضا إلى العيش السعيد في اليمن السعيد إلى حياة العزة الكرامة والشموخ لاسيما بعد أن دخل في عهد جديد هو عهد الثورة التي أسقطت النظام الفاسد وأجبرت (صالح ) على التنحي عن السلطة ونقل صلاحياته إلى نائبه (هادي ) تمهيدا لمغادرة الرئاسة الشرفية في 21/2/2012م ناهيك أن نظام (صالح) كان قد عطل العمل بالدستور والقوانين واللوائح إلا فيما ينسجم مع مصالحه ومصالح حزبه فقط أما ما يتعلق بمصالح الشعب والشباب والوطن فالباب مغلق أمام الجميع فالنصوص الدستورية والقانونية مجمدة مع أنها نصوص كفيلة للنهوض بالبلد وحفظ الحقوق كما أنها تحمي الحريات وتصون الكرامة وهذه الأمور لا تُرضِي (الحاكم ) فقد نصت المادة (5) من الدستور ( يقوم النظام الأساسي في الجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة والمال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين ) لكن واقع الحال يشهد تعطيل هذا النص الدستوري تماماً والوظيفة العامة والمال العام تم تسخيرهما للحزب الحاكم لا سواه فقد غاب العمل المؤسسي وأصبحت المؤسسات تمارس مهامها لترضي السلطة العليا وبما تمليه هذه السلطة فحسب . ولذلك تم تسخير جميع موارد الدولة المالية والوظيفة العامة لفوز الحزب الحاكم في الانتخابات في جميع دوراته الانتخابية وبالأغلبية المطلقة في تحقيق هذه النتيجة والفوز المسبق وقد شُكلت لجنة انتخابات غير محايدة وتم تسخير الجهاز الإداري للدولة والجيش والأمن لتحقيق هذا الغرض فكان لزاما أن يكون تداول السلطة سلمياً مستحيلا وبعيد المنال وفي كل ما حدث من مخالفات ولعقود من الزمن وحزب (صالح) يفوز بالأغلبية المطلقة بالمخالفة للنصوص الدستورية ومبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية التي كانت شرطا في اتفاقية الوحدة وهذه المخالفات المرتكبة من قبل (صالح ) والنافذين من حزبه شجع على التمرد والعنف المسلح في صعده وبالمحافظات الجنوبية والشرقية وأوجدت ما يسمى بالقاعدة والحراك الجنوبي وقد كان للقاء المشترك رؤية واضحة لإخراج البلاد من المآزق التي أوجدها الحزب الحاكم خلال السنوات الماضية وتم طرحها على (صالح وحزبه) ومن هذه الرؤى (سيادة القانون) ليكون أساس نظام الحكم في الدولة وضرورة الالتزام بالديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة وتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات كأساس حاكم للتنظيم الدستوري باختصاصات وصلاحيات سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية ورفع القبضة الأمنية عن كاهل الجهاز الإداري للدولة واستقلالية الجيش والأمن وتبعيتهما للحكومة في نظام برلماني يمنح الصلاحيات الموازية للمسئولية وتشكيل لجنة انتخابات حرة مستقلة تُمَثل فيها الأحزاب الممثلة بمجلس النواب بتشكيل متساوي وبقاء النظر في جميع فروعها وكادرها بحيث يخضع التعيين فيها للتنافس وفق قانون الخدمة المدنية ومنع استخدام الوظيفة العامة والمال العام والمؤسسات العسكرية والمدنية من قبل أي حزب أو تنظيم سياسي للتأثير الانتخابي) وما أن طرحت هذه الرؤى وغيرها على الحزب الحاكم وتطبيقها على الواقع فاجتمع بلجنتيه العامة والدائمة ولكن للأسف لم تثمر هذه الاجتماعات لتدلل على صدق النوايا من قبل الحزب الحاكم حيث اتضح انه مستمر في تفضيل مصلحته الحزبية على مصلحة الشعب واستمر في إدخال البلد نحو نفق مظلم لا خروج منه ولم يكن هناك من مخرج أمام الشعب سوء اللجوء إلى الحق الشرعي والدستوري والقانوني والشعبي وذلك بقيام الثورة الشبابية السلمية المباركة المطالبة بتغيير نظام الحكم واستبدال الفاسدين بغيرهم من الشرفاء الوطنين وقد نجحت الثورة وقطفت أولى ثمارها بتغيير (صالح ) وتشكيل حكومة وفاق وطني وما زالت مستمرة في تحقيق أهدافها طالما والضمانة الأكيدة موجودة وهي بقاء الشباب في الساحات وعلى كل حال فلا نستطيع أن نحمل اللوم كاملا على الحزب الحاكم بمفرده لجميع الانتهاكات الدستورية والقانونية وإيصال البلاد إلى ما وصلت إليه لان رئيسه (صالح ) كان كل شيء فهو يعمل عمله كرئيس وكوزير ومحافظ ومدير عام ومدير إدارة أي انه كل شيء في اليمن ولا صوت يعلو فوق صوته ولو كان محقاً أو ايجابيا ولما كان (صالح) ومعه الفاسدون من حزبه قد عطلوا جميع الرؤى السالف ذكرها الكفيلة بإصلاح النظام السياسي اليمني فالمعول الآن على حكومة الوفاق تطبيق تلك الرؤى على ارض الواقع وبناء يمن جديد قائم على التعددية السياسية الحقيقية وعلى العدل والحرية والمساواة في جميع الحقوق والواجبات وعلى أن تكون مصلحة الوطن فوق أي مصلحة شخصية أو أسرية وسيكون تطبيق تلك الرؤى والمبادئ الدستورية والقانونية هي ثمرة من ثمار هذه الثورة المباركة
اقرأ ايضا: