هل يتحول امراء الطوائف في لبنان الى امراء نفط ؟
اخبار الساعة - د. صالح بكر الطيار بتاريخ: 15-07-2010 | 14 سنوات مضت
القراءات : (2915) قراءة
ينشغل اللبنانيون اليوم بملفهم النفطي بعد إن كثرت الدراسات التي تتحدث عن ان بحر لبنان يعوم على مساحات نفطية كبيرة تمتد من شماله الى جنوبه وتقدر قيمتها بمليارت الدولارات .
وزاد من اهمية هذا الموضوع ما اعلنته اسرائيل من انها باشرت التنقيب عن الغاز في مياهها الإقليمية بعد ان اكدت انها اكتشفت كميات كبيرة والتي بحسب الخرائط التي نشرتها يتبين ان بعض هذه الكميات قد تكون داخل المياه الإقليمية اللبنانية او ضمن المنطقة الإقتصادية البحرية التابعة له.والحديث عن النفط في لبنان يعود الى اربعينيات القرن العشرين حيث عملت بعض الشركات على التنقيب عن النفط فيبعض المناطق اللبنانية ومن ثم توقفت لأن النتائج لم تكن مشجعة .
وفي الخمسينيات والستينيات جرت محاولات أخرى ولكنها لم تكن جدية ومليئة بشروط تعجيزية مرهقة للدولة اللبنالنية . وبقيت هذه المسألة متداولة في بعض الدوائر السياسية والإعلامية الى ان اخذت منحى عملي عام 2006 حين قامت شركة: Spectrum البريطانية بعمليات تنقيب واسعة عن البترول وختمت أعمالها دون تزويد الدولة اللبنانية والوزارة المعنية بالتقرير النهائي ما لم تدفع الدولة مبلغ مالي و قدره ثلاثون مليون دولار أميركي .
والغريب ان الدولة في حينه لم تهتم كثيراً بهذا الموضوع الأمر الذي فتح المجال امام تأويلات كثيرة منها ان ضغوطات مورست على الحكومة لعدم التعمق بهذا الملف ، فكانت النتيجة ان وضعت الحكومة كل الدراسات في ادراج النسيان .
ثم جاءت شركة Etenergy النرويجية والتي عملت في منطقة الشمال خصوصاً بين عكار ونهر إبراهيم . ثم جاءت شركة P.G.S التي اجرت مسوحات ثلاثية الأبعاد في العامين 2006 - 2007 واحد ضمن المياه اللبنانية وآخر ضمن المياه اللبنانية - القبرصية، حيث اشارت الى احتمال وجود كميات تجارية من النفط تصل إلى 50 بالمائة، وان لبنان ربما كان يمتلك مخزونات تصل الى 8 مليارات برميل• الا أن الملف لم يتحرك بشكل فعلي الا بعد ان اكدت شركة" نوبل للطاقة " الأميركية في 22 حزيران / يونيو 2010 بعد فحوص زلزالية ثلاثية الأبعاد ما كانت شركة P.G.S اكتشفته متحدثة عن وجود حقل هائل للغاز يسمى "فيتان" يحوي ما لا يقل عن 16 تريليون قدم مكعب في منطقة امتياز لها في البحر المتوسط في منطقة تقع قبالة الشواطئ اللبنانية في منطقة بحرية دولية بين حدود فلسطين البحرية وقبرص• وإذا ما ثبتت صحة هذه المعلومات فإن الدراسات الأولية تفيد ان لبنان قد يستفيد سنوياً من مبلغ 5 مليارات دولار أي نحو 100 مليار دولار على مدى 20 سنة قبل ان تنضب. وتزامنت هذه المعلومات مع ما نشرته اسرائيل حيث اعلنت اكتشاف حقل غازي ضخم تقدراحتياطاته بنحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز و1.7 مليار برميل نفط.
وتشير الخرائط الى امتداده تحت مياه المنطقة الاقتصادية اللبنانية.
إزاء ذلك بات لبنان امام تحدي جديد إذ لم يعد بإمكانه تجاهل الموضوع النفطي فعمدت وزارة الطاقة الى اعداد دراسة دعت فيها الى تشكيل هيئة عليا للنفط وأقترحت ان يكون الصندوق النفطي تحت وصاية رئيس الجمهورية .
فدب الخلاف بين امراء الطوائف في لبنان حول هذه النقطة الأخيرة حيث ممثل كل طائفة ضمن هرم السلطة يريد ان يكون هو " امير النفط " فنامت الدراسة في ادراج الحكومة ولم يعاد تحريكها إلا بعد ان طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري الموضوع امام اللجان المختصة في البرلمان ولكن كان الخلاف سيد الموقف حيث اعتبرت السلطة التنفيذية ان الأمر من اختصاصها.
فتم نتيجة ذلك ايجاد تسوية مفادها ان يناقش المجلس النيابي مشروع وزارة الطاقة وليس مشروعاً مستقلاً .
وبذلك وضح ان الخلاف في لبنان هو على " جلد الدب " قبل اصطياده كما هي عادة اللبنانيين في كل الملفات علماً ان بدء التنقيب يتطلب بداية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسورية ولبنان وإسرائيل ، وتحديد عمق المناطق الإقتصادية بين هذه الدول الثلاث وبين لبنان وقبرص وتسليم الترسيم الى الأمم المتحدة ليحفظ كل طرف حقه فيما لو كان هناك فعلاً نفط وغاز .وقد تستمر الخلافات اللبنانية فترة زمنية طويلة فيما اسرائيل تتوقع ان تبدأ بإستثمار النفط عام 2013 مع ما يعني ذلك من احتمال استيلائها على النفط اللبناني بعد ان اصبح بالإمكان من وجهة نظر تكنولوجية حفر الأبار افقياً وليس فقط عامودياً كما كان معمولاً به في الماضي .
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي
اقرأ ايضا: