اخبار الساعة
أوصى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الأربعاء، مجلس الأمن الدولي بإحالة حالات العنف الجنسي والانتهاكات الجنسية المرتبطة بالصراع في اليمن ودول أخرى بينها ست دول عربية إلى محكمة الجنائية الدولية.
جاء ذلك في التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة "عن العنف الجنسي المتصل بالنزاعات"، والذي استعرضته ممثلة غوتيريش المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، "براميلا باتن"، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، عقد الاربعاء عبر الاتصال المرئي.
ويغطي تقرير العنف الجنسي المتصل بالنزاعات المقدم من الأمين العام لمجلس الأمن 18 حالة قطرية منها اليمن، ويوثق التقرير أكثر من 2,500 حالة تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع المرتكب خلال عام 2020.
واستهدفت الغالبية العظمى من هذه الحوادث النساء والفتيات (96%)، وتم تسجيل تقارير عن العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان، كالاغتصاب وصعق الاعضاء التناسلية والتهديد بالعقم وغيرها من صنوف الممارسات التي أشار التقرير إلى حدوثها في سجون خاضعة لجماعة الحوثي في اليمن كالسجن المركزي بصنعاء وسجن الصالح بتعز.
وفي إحاطتها لمجلس الأمن قالت "براميلا باتن"، إن "آخر تقرير أممي بشأن الموضوع أحصى 52 شخصاً وكياناً يشتبه في ارتكابهم أعمال عنف جنسيّ، وأن 70% منهم مصنفون على قائمة سوداء للأمم المتحدة منذ 5 أعوام أو أكثر بدون اتخاذ تدابير جماعية في حقهم".
وأضافت أن أغلب الحوادث تلك الحوادث والانتهاكات "حدث معظمها في أماكن الاحتجاز".
وأوضحت أن ما يقرب من نصف النساء في 57 دولة حول العالم يواجهن قيودا على ما يمكن أن يفعلوه بأجسادهن، مثل ممارسة الجنس أو استخدام وسائل منع الحمل أو الرعاية الصحية.
وأشارت براميلا بشكل مستفيض إلى وقوع عنف جنسي بمستويات لا يمكن تصورها في إقليم تيجراي الأثيوبي.
وأكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة أن الميليشيات المجتمعية استخدمت الاغتصاب والزواج القسري والاستعباد الجنسي في عدة دول.
وقالت "ثمّة نقص مزمن في الإبلاغ عن العنف الجنسي في حالات الحرب بسبب وصمة العار وانعدام الأمن والخوف من الانتقام ونقص الخدمات من خلال تدابير احتواء فيروس كورونا".
واعتبرت المسؤولة الأممية، أن "من الضروري ضمان قدر أكبر من الانسجام بين الإدراج على القائمة وفرض لجان العقوبات تدابير موجهة ومتدرّجة".
وأضافت براميلا، أنه "إذا تم فرضها في الوقت المناسب وبطريقة متسقة، يمكن للعقوبات أن تغير طريقة تفكير الجناة الذين يفترضون أن الاغتصاب مجاني ومربح في الحروب التي يتم فيها الاتجار بالنساء عبر مبادلتهن وبيعهنّ".
وعلى الرغم من وقوف عدة أعضاء في مجلس الأمن، ضدّ اللجوء إلى العنف الجنسي باعتباره "سلاح حرب"، فإن دولاً قليلة أيدت فكرة فرض مزيد من العقوبات الدولية على مرتكبي العنف الجنسيّ، من بينهم الولايات المتحدة الأمريكية العضو الدائم بمجلس الأمن وإيرلندا العضو غير الدائم بالمجلس.
وحثت المندوبة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد، مجلس الأمن على "الاهتمام بالتقارير المقلقة للغاية عن العنف الجنسي الجماعي في تيجراي".
وقالت إنه يجب علينا كمجلس "أن نتصدى لما ورد في تلك التقارير، التي تتحدث عن إجبار النساء من قبل عناصر عسكرية على ممارسة الجنس مقابل السلع الأساسية، وتقارير أخرى عن وقوع أعمال عنف جنسي في مخيمات اللاجئين".
وأضافت: "يتعين على المجتمع الدولي إنشاء آليات حماية فورية وتقديم مساعدات إنسانية وإجراء تحقيقات مستقلة وذات مصداقية لمحاسبة المتورطين".
من جهتها، أعبرت مندوبة إيرلندا في الأمم المتحدة "جيرالدين بيرن ناسون"، أن العقوبات "أداة قليلة الاستعمال لردع ومعاقبة العنف خلال النزاعات".
وقالت إن "لهذا المجلس الوسائل اللازمة للتحرك ويجب علينا مراجعة استخدامنا للعقوبات الموجهة لا سيما معايير تحديد العنف الجنسي المرتبط بالنزاع وقائمة الخاضعين للعقوبات".
من جانبه، قال الطبيب الكونغولي الحائز على جائزة نوبل للسلام " دينيس موكويغي" في إحاطة أمام مجلس الأمن، "إن آفة العنف الجنسي هي عبارة عن جائحة حقيقية موجودة في كل سياقات النزاع، ولا تحظى الاستجابات لها بالتمويل الكافي، إضافة للإفلات من العقاب".
وأضاف: "نحن لم نقترب من وضع خط أحمر فيما يخصّ استخدام الاغتصاب والعنف الجنسي كاستراتيجية للحرب والهيمنة وبث الذعر في النفوس. وعليه فإن نضالنا من أجل عالم يكون لكل امرأة وفتاة الحق في العيش بعيدا عن العنف، هو نضال لا يزال مستمرا".
وأوضح أنه منذ إنشاء ولاية الممثل الخاص للعنف الجنسي المتصل بالنزاعات، لم تستهدف الجزاءات الخاصة بمجلس الأمن أي شخص أو كيان ارتكب هذه الأعمال.
وأكد الطبيب الكونغولي أن "هذا الخط الأحمر لا بُد أن يُترجم إلى قوائم سوداء وجزاءات اقتصادية ومالية وسياسية وملاحقات قضائية ضد من يقومون بهذه الجرائم أو يحرّضون عليها".
وتؤكد الأمم المتحدة وتقاريرها العدة، إن الانتهاكات التي تحدث في اليمن جسيمة، وأن الجناة لم يطالهم العقاب أو المحاسبة، ومستمرون في ارتكاب انتهاكات جسيمة منها العنف الجنسي والتعذيب بالجنس وغيرها من صنوف الانتهاكات القائمة على النوع الجنسي.
وكان تقرير فريق خبراء البارزين المعني باليمن الصادر في سبتمبر الماضي، وثق العديد من الانتهاكات المرتكبة بحق النساء والفتيات والعنف الجنسي الذي تعرض له مختطفون وفتيان في سجون الحوثيين والمجلس الانتقالي، مشددا على ضرورة إحالة الانتهاكات الجسيمة المستمرة في اليمن إلى محكمة الجنائيات الدولية.