أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

الكشف عن تفاصيل مادار في آخر "مقيل "جمع صالح وهادي والسفير الامريكي

- الشرق الأوسط

في آخر مقيل ضم الرئيس السابق ونائبه بعد توقيع المبادرة الخليجية وقبل سفره إلى أمريكا للعلاج كان أهم ماطرحه الأول هو مخاوفه من استهداف الحرس الجمهوري وإبعاد نجله من قيادته ومع أنه استدرك أن ذلك من حق خلفه إلا أنه ربط ذلك فيما إذا خالف توجيهاته، وحينها أكد هادي لصالح من عدم حدوث أي تغييرات مهدئا من روعه، مطمئنا لمخاوفه، قائلا أحمد ابني أيضا وعلى هذا تعاهدا صالح يعرف ماذا يعني الحرس في معادل القوة العسكرية التي ستنعكس قوة في التأثير على القرار السياسي باعتباره القوة الضاربة ليس بانتشار ألويته في غالب محافظات الجمهورية وهو السبب الذي منع من تساقطها وإنما لسيطرة أربعة منها على الجبال المطلة على العاصمة ومداخلها الرئيسية في{ نقم} وعيبان {الصباحة } وجبل الطويل في بني حشيش والصمع في أرحب الذي يتمركز على امتداده ثلاثة ألوية وهو مايعني ببساطة أن من يسيطر على قيادة الحرس يمتلك العاصمة وهو مايعرفه يقينا اللواء علي محسن الذي يحاول جهده ليس تدمير قوات الحرس وإنما وراثتها وكانت البداية من خلال ضرب الحامية في المدخل الشمالي المتمثل بألوية الصمع من خلال محاصرتها بالقبائل ومليشيات الإصلاح لإسقاطها أسوة باللواء الثاني جبلي الذي تمت محاصرته في الجوف وحين انسحب تم الاستيلاء عليه، قاومت ولم تسقط، تم ترك إسقاطها لعوامل الإجهاد وما يفعله طول الحصار من إضعاف للمعنويات جراء الملل والضيق في جنود وقادة أقصى مايأملونه الصبر على البقاء دون امل بتحقيق نصر لانعدام وجود معركة تقتضي المواجهة .
ومع أن تقديرات علي محسن وهي مستندة على معرفة من أن اسقاط الوية الصمع اقل كلفة وأسهل من اسقاط أهم ألوية الحرس على الإطلاق اللواء الثالث فقد تكفل القرار السياسي بإخراجه من يد خصومه وإن لم يكن علي محسن بعيدا في اللحظات الأخيرة بعد أن عجل بتنفيذ القرار من خلال تمرد لثلاث كتائب داخل اللواء لم يصمد معه قادته لإيام قليلة مع كل الاحترازات التي بذلت لإبقائه في يد الرئيس السابق ونجله من خلال طلب لصالح نقله وسيط لهادي أثناء أزمة التسليم بأن يتم سحب اللواء إلى المعسكر الكائن في ريمة حميش على مقربة من قرية الرئيس في سنحان ورفض الطلب أو حتى حينما أصدر قائد الحرس قراراً استباقياً بتعيين طارق صالح قائدا للواء ورفع القرار للرئيس لتعميده ولم يوافق كما لم يرفض حتى تم اصدار قرارتعيين الحليلي. 
قوة علي محسن لاتكمن في امتلاكه لقوات أو لعتاد عسكري وإنما لشبكة علاقاته الممتدة على طول البلد وعرضها بالإضافة إلى تحكمه في ميليشيات الإصلاح التي أصبحت تمثل له اذرعا طويلة في كل مدينة وقرية وقبل كل ذلك مثابرة وصبر على تعزيز علاقته بالناس بمختلف مشاربهم متفرغا للالتقاء بهم منذ مابعد شروق الشمس وحتى ماقبل منتصف الليل وهنا يكمن الفرق بينه وبين خصمه صالح إذ يمتلك الأول مشروعا بغض النظر عن الاتفاق معه حوله من عدمه وبين الثاني الذي جعل التوريث مشروعه دون أن يعمل له، معتمدا فقط على مايسيطر عليه من جيش كان منقسما مع الفارق في العدد والعتاد وكان امتلاك كل من الحرس والفرقة لدائرتين ماليتين خاصة بكل منهما بعيدا عن وزارة الدفاع يؤكد هذا الانقسام الذي لايعد جديدا اليوم. 
ومن هذا الواقع لايمكن الحديث عن جديد في علاقة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن الأحمر على الأقل منذ مابعد 2006 الا باعتبارها انتقلت من خلاف داخلي غير معلن محكوم بما تفرضه ظروف السرية من اعداد للتمكن من عناصر القوة وإضعاف الخصم استعدادا لساعة الانقضاض إلى مرحلة صراع مسموع ومرئي يقود إلى نصر طرف وهزيمة آخر.
وحتى في استخدام مسمى التسوية فإنها ليست أكثر من إخراج مهذب لإعلان هزيمة أحد الأطراف الذي درس نقاط قوته وضعفه ووازن مقدار خسائره في حالة الاستسلام والمضي في الحرب فاختار الأول تحوطا رغم أن للاستسلام مخاطره أيضا إذ لن يسمح منتصر لمهزوم من الإبقاء على مايمكن أن تمثل له قوة أو أن تصبح كذلك في المستقبل وهي مسلمات لها مايسندها في كل الحروب التي انتهت على هذا النحو تحت مسمى التسويات وهو ما لن يتجاوزه صراع محسن وصالح بتحالفاتهما الذي قد يختلف شكل الصراع وأدواته الذي هو أقرب لصراع متنافسين على حكم استغل كل طرف ما أمكنه من وسائل لجعله يبدو شرعيا وثوريا ووطنيا من اجل اكتساب المساندة الشعبية والذي عبر عنه عام الأزمة الذي لم ينقسم الشعب وحسب وإنما الأسرة والبيت الواحد. 
وبالعودة إلى الرجلين باعتبارهما قطبي الصراع وهي حقيقة أكدها لقاؤهما عقب الانشقاق في منزل الرئيس الحالي وبحضوره حين تحاضنا بحب وتعاتبا بود إلى درجة إجهاش محسن بالبكاء في حضن صالح ليتفقا بوجود السفير الإمريكي ورئيس هيئة الإصلاح محمد اليدومي ونائبي رئيس المؤتمر على خروجهما من السلطة والبلد أيضا وأوكل للأخيرين مسألة استكمال الترتيبات وتحويله إلى اتفاق يتم التوقيع عليه وهو مالم يتم بعد ذلك، ووصلت الأمور إلى ماهي عليه اليوم. 
علي محسن وعلي صالح يتقاربان في العمر تقريبا 73 /71، تربيا في بيئة واحدة لايملكان أي مؤهل دراسي، يحملان ذات الثقافة التي اكسبتهما التجارب، كلاهما حاد الذكاء ويعتقدان بأن القوة تتمثل بالسيطرة على الجيش باعتباره مفتاح أي نصر والفارق يتمثل في أن الأول ظل عسكريا يقضي أكثر يومه في الميدان، يعامل الناس بجدية مطلقة وحزم يصل حد القسوة ما أكسبه مهابة حولته إلى منهى في أي قضية قبلية أو عسكرية أو حتى سياسية، ساعده في ذلك كونه صاحب الكلمة التي لاترد في أي مفصل من مفاصل الدولة وعند رئيسها الذي مكنه من كل ملفات البلد فيما هو منصرفا إلى صغائر الأمور مهتما بتفاصيلها باعتبارها احدى وسائل التسلية ومخففات ضجر التعود على البقاء في سلطة مطلقة دون مخاوف من أن ينازعه أحد سدتها وهو تصور ساعد في جعله يقينا كون أبناءه وأبناء أخيه وحتى بعض أصهاره على رأس قيادات الجيش والأمن والمخابرات وهو أحد أهم انشقاق حلفائه عليه حينما بدا مبكرا بإزاحتهم عن قيادة المعسكرات أو جعلها مجرد هياكل لأسماء وهمية لجنود يتم استلام مرتباتهم واعتماداتهم كتعويض للتهميش والذي بدا مقبولا في بادئ الأمر الا أنه قبول المظطر الذي سرعان ماتلاشى حين تطور إلى استبعاد ابنائهم من الجيش وإن تم منحهم رتباً عسكرية وتحويلهم إلى تجار وسماسرة سلاح ووكلاء لشركات نفطية ولم يستثن من ذلك أحد بما فيهم علي محسن الذي يعمل نجله محسن بالإضافة الى كونه موظفاً في الخارجية فإنه يدير شركة خدمات نفطية مفتوحة على مصراعيها وكذلك حامد نجل اللواء احمد فرج والذي يرأس الهيئة العامة للطيران وأبناء اللواء محمد اسماعيل وأبناء اللواء صالح الضنين الذي كان احد انجاله يدير معسكر خالد في غياب والده قبل أن يتم الإطاحة بهما جميعا.
وينضم الى المبعدين أولاد اللواء عبداللاه القاضي الذي عين نجله الأكبر رئيسا للهيئة العامة للأدوية قبل أن يقوم ببيعها بينما كمال وهو خريج الكلية العسكرية في الأردن وزميل لأحمد علي لم يتم تعيينه في عمل عسكري وكان ذلك مثار غضب والده في ذلك الوقت قبل أن يؤسس شركة اصطياد بحرية وجه الرئيس السابق حينها أمرا بتمكينه من الاصطياد في عرض البحر وطوله خلافا للقانون وجاء في الأمر (يتم تمكينه حتى يتم تعديل القانون). 
في المحصلة فإن علي صالح أراد فك شراكته مع حلفائه من سنحان بإزاحتهم وضمان عدم خلق منافسين مستقبليين لأنجاله باستبعاد أبناء خصومه من السلك العسكري بموازاة متابعة خسارته لحلفاء آخرين أبناء الشيخ الأحمر وحزب الإصلاح ليقوم أنجاله بالقضاء على من تبقى سواء بسبب استئثارهم باأعمال تجارية أو بتعاليهم حيث يغادر كل هولاء حانقين وغاضبين ميممين وجوههم حيث هو علي محسن الذي تمكن من الإمساك بكل خيوط اللعبة دون منازع. 
وفي المقابل لم يبن صالح دولة مثلما لم يعمل على خلق مواطنة متساوية لخلق قاعدة شعبية وترك أيادي الفساد حرة طليقة على قاعدة المشاركة بالفساد ولضمان البقاء إلى حد أن الصفات المطلوبة لتنصيب كبار مسؤولي الدولة كانت تتسم باختيار الأكثر ضعفا واستكانة وتقبلا للتعاطي مع الفساد فكانوا أول من انقلب عليه حين اشتدت الأزمة وبدأت الخسارة تطل برأسها حين كان الرئيس السابق مسترخيا يبحث عن ندماء ومقايلة مؤانسين يمتازون بالدعابة وحس الفكاهة، يضيق بالحديث عن البلد وقضاياه، كان مقيل علي محسن يضم قادة ألوية وعسكريين ومتبرمين من سياسة الرئيس وخفته في التعامل معهم وكان هو من يتبنى قضاياهم وما كان يرفضه لهم الرئيس يعود فيقبله من محسن.
وكان من هؤلاء كل العسكريين الجنوبيين وعلى رأسهم الرئيس الحالي عبد ربه هادي وحتى حينما تحدث الأخير مع وزير الدفاع السابق عبدالله عليوة حول مسألة انشقاقه فقد ذكره انه حينما كان يعد أي خطة لها علاقة بالجيش أو بوزارته فإنه كان يحيله الى علي محسن وان ماينفذ هو مايوافق عليه. وختم: انا لم أتغير وبحسب التوجيهات السابقة انا مع علي محسن، ومنطق مثل هذا قاله كثيرون ومازال اليوم علي محسن يفكك كل ماعمله الرئيس السابق وبمساندة من كل الحلفاء الذين تم الإطاحة بهم ومسألة القيادة الجوية وإقالة محمد صالح الأحمر وتغيير اللواء الثالث حرس جمهوري هي بداية لن ينجو منها بقية الألوية المحسوبة عليه ليس بغرض تسريحها وإنما وراثتها من خلال تعيين محسوبين عليه، ومسألة نجاح ذلك مرتبطة بمدى رضا الرئيس من عدمه وبالذات بعد أن أثبت علي محسن قدرته على اختراق اللواء الثالث الأكثر ولاء والذي أقنع الرافضين بسرعة تسليمه متنازلين عن أي شروط وغير مطالبين حتى بما كان قد عرض عليهم باستبدال القائد غير المرضي عليه بآخر سماه الرئيس هادي في حينه.
وبعد كل ماسبق سيكون على الرئيس أن يختار بين أن يكون قائدا حقيقيا للتغيير في اليمن وبين أن يكون مجرد محلل لانتقال حكم من طرف إلى طرف آخر في ظل تدوير المناصب لقيادات سنحان وهو أمر مقدماته تقول إن علي محسن صار اليوم أقوى بكثير مما كان عليه في ظل النظام السابق، وأن القبيلة ممثلة بالخصم الثاني للرئيس السابق حميد الأحمر صاراليوم هو صاحب الصوت المسموع ليس في الحكومة فقط وإنما في حزب الإصلاح وهو مايضطرنا للاعتراف من أن ماحققته الثورة ليس أكثر من تغيير بسيط في التحالفات مع الأشخاص بحيث تم استبدال صالح بمحسن والشيخ عبدالله بنجله وبينهما الإصلاح كقاسم مشترك يريد أن يستفيد من الجميع دون أن يكون كرتا يتم احراقه ذات يوم وهو أمل يصعب تحقيقه في حالة مالم ينفتح على الناس ويتجاوز سياسة الإقصاء ويقدم برنامجا اصلاحيا ينطلق من رؤية اقتصادية لادعوية.

Total time: 0.0468