الشاعر الدكتور عبد الحسن زلزلة
وزير المالية والصناعة والتخطيط ومحافظ البنك المركزي العراقي الاسبق
من شعر الحماسة
هذي دماك على فمي تتكلم ماذا يقول الشعر إن نطق الدم
هتفت وللاصفاد في اليد رنة والسوط في ظهر الضعيف يحكم
هل في النفوس بقية من عزة تأبى وتأنف أن أنفا يرغم
أتعرت الاعراب عن عاداتها وعفت كرامتها فلا تتبرم
أفتترتضي ذل الحياة وفي الورى لبني علي ألف حق يهضم
أم ترتجي عدلا وهذا بيتها بين الذئاب موزع ومقسم
الله أكبر لاحياة لامة إن لم يرق من أجل عزتها الدم
يتشكل النص الشعري التصويري الدموي من قصائد - الموثبات -الحماسية الحربية التي اشاعت في العصر الاسلامي والعصر الجاهلي وقبله ! التي توحي بمعركة دموية ماضية او قادمة تتفجر دماؤها من الافواه عوضا عن الكلمات لتعميق صورة المشهدالماساوي المدمرلوجود الامة والشاعر والحرية والحلم معا. انت أزاء صورة دموية حمراء معتمة ترقص من الالم تتكلم فتنعدم الرؤيا فيها ، فالشاعرلهول الحدث وعظمته .
بقوله:
هذي دماك على فمي تتكلم :صدر شعري يصير عجزا لاعتبارات فنية ! كيف تقدم العجز وتخلف الصدر ؟ ذلك ما افتتحنا به القصيدة الميمية المعلقة ! العجز سؤال متأخر عن جوابه (ماذا يقول الشعر أن نطق الدم ؟) وجواب ذلك ( هذي دماك على فمي تتكلم ) وايقاعات القصيدة من البحر الكامل - متفاعلن – متفاعلن - والقافية ميم مرفوعة حد الاشباع فتشكل هذه اللوحة جورنيكا دموية عراقية مخالفة بذلك قتامة جورنيكا بيكاسو سوداء. فالشاعرحسن أنسن الدم بحذق عال وخلقه انسانا محاورا له .ماذا يقول الشعر أن نطق الدم )نلاحظ ان للدم حضورا طاغيا للقصيدة في ثنائية الدم والشعروالنطق من خلال حوارية بين الدم والشعر وهما مخلتفان لايأتلفان
الدم - الابادة لاوجود لاحياة
الشعر- وجود تفاعل كينونة للحياة
النطق - التواصل التعبير
بالضرورة نحن أمام نظرية قطرب الشهيرة لغويا والشاعر حسن دمويا.
هتفت وللاصفاد في اليد رنة
فأن المتخيل الشعري الذي يوحي بالقيود الحديدية والسلاسل كاف لرسم لوحات من المعاناة ، ليتوصل اليها المتلقي من خلال ايماءات في اللوحة التي بين ايدينا ، فأستخدم الشاعر في تكويناته الفنية الحواس بمهارة فائقة البصرية والسمعية واللمسية .
الضعيف- صورة تجسيمية وبصرية
السلاسل - صورة لمسية بصرية سمعية
الجسد - صورة بصرية لمسية
السوط - صورة لمسية بصرية سمعية
الرنة- صوت الضرب المبرح الذي يترك اثرا على الجسد
المكان – الجسد
يشتغل النص الشعري على الحوار الخارجي والذاتي .
( هل في النفوس بقية من عزة )
فالمتخيل الشعري يقوم بتوارد سؤالات فثمة سؤال العارف وسؤال المحتج وسؤال اليائس وغالبا ما يكون الجواب مخبوءا في حنايا النص الشعري موح بإستهجان الحدث المكثف بالمسكوت عنه . فالاسطر تخفي احتجاجا للساسة العرب وتدين اسرائيل وتدين الحكام العرب وظلمها للرعية فنلاحظ صرختين خلال ثمانية عقود الاولى لليازجي خاطب فيها العرب وزلزلة خاطب فيها الاعراب ! لماذا ؟
اليازجي : ابراهيم
تنبهوا استفيقوا ايه العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
زلزلة : حسن
أتعرت الاعراب عن عاداتها وعفت كرامتها فلا تتبرم
فالنسيج الشعري يشي بالمنادات والتوسلات للاعراب التي تلبسهم الشهامة والتقاليد هل تخلت عن عاداتها وسماتها وكرامتها وكرمها - الخلق والكرم والضيافة.
يعود المتن الشعري للمناورة .
أفتترتضي ذل الحياة وفي الورى لبني علي الف حق يهضم
يعود المتن الشعري بالحوار الذاتي للشاعر حسن معاتبا للحياة بتقنية مباشرة ومخاطبة للحياة كيف تذل رمزا من رموزالعلم والحياة فهوالامام علي بن ابي طالب (ع) إنه رمزا عالميا من رموز الحرية والسلام والنزاهة، فالمحاججة لهذا الواقع المعيش فبيت العرب كناية عن الوطن شعبا وسياسين .
أم ترتجي عدلا وهذا بيتها بين الذئاب موزع ومقسم
يحيلنا النص الشعري الظاهري لمشاهدة فلما يصور احداثا من حياة الغاب ومن الحياة فالصراعات والانكسارات التي يمر بها الشعب من غدر ومعاناة وتمزيق العراق اربا اربا فهو موزع ومقسم في داخله وخارجة
بقوله
الله اكبر لاحياة لامة إن لم يرق من عزتها الدم
المشهد الشعري الذي يوحد المناداة الى الله والامة لسان حاله إين انتم لاتزالوا في غفوة أصحوا لقد فار تنور الدم أصحو أين العزة أين العروبة أين العروبة ولكن لاحياة لمن تنادي.
. فنلاحظ التناص مع قول الشاعر المتنبي .
لايسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى يراق على جوانبه الدم
زلزلة :
الله أكبر لاحياة لامة إن لم يرق من أجل عزتها الدم
أن المتن الشعري جاء معنونا من الوهلة الاولى صراعا داميا محاورا للدم للقتل للابادة، نحن بمواجهة قضية تاريخية سياسية ترمز لايقاف محارق البشرية وسيلان الدماء البريئة.
في قراءتي لهذه الابيات والتناص الوارد بينها نلاحظ إننا في حيرة من أمرنا فالمتنبي وزلزلة حاربوا بالكلمة لاجل السلام ولغة الحوار لا الدماء أنا ضد مقولة العرب لايمحو الدم الا الدم او تقول لايمحو العار الا النار أذن الشاعران أخذا من هذه القيم العربية المعروضة للقاصي والداني
تحية للشاعر الكبير الاستاذ حسن زلزلة