انضباط دوام ما بعد إجازة العيد؟ ..كُـذبنا من قبل وفي عهدك يا حكومة الوفاق
بتاريخ 2012-09-03T09:15:47+0300 منذ: 12 سنوات مضت
القراءات : (2259) قراءة
اخبار الساعة - عبد القوي اليمني
تفاجأت كغيري من الكثير من موظفي الدولة وأنا استمع إلى نشرة أخبار التاسعة مساءاً من يوم الثلاثاء 28 /8 ومجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية برئاسة الأخ المناضل (التغييري) / محمد سالم باسندوه يعبر عن ارتياحه للانضباط العالي لدوام موظفي الدولة بعد إجازة العيد حيث بلغت نسبة الحضور أكثر من 89%.
ولا يُعرف من أين جاءت هذه النسبة الكذوبة بامتياز؟ فحسب معلومات مؤكدة ، بلغت نسبة الحضور في واحدة من أكثر الوزارة انضباطاً نسبة 60% ، ومع الأخذ في الاعتبار الرقم الكبير للإجازات التي منحت في شهر رمضان إلى ما بعد العيد.
وكان الحضور في هذه الوزارة في الأسبوع الأول ما بين التاسعة وإلى الساعة الواحدة تقريباً. وبالطبع فشقيقات هذه الوزارة أسوأ منها.
ياليت ـ وما نيل المطالب بالتمني ـ أن تكون نسبة الحضور في الأيام العادية 80% فقط وبمعدل عمل 4 ساعات في اليوم .. عندئذ بشرانا بمنافسة نمور أسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل المتجهات صوب دائمية مجلس الأمن.
هل تقـرّون أيها المسئولون بأننا في بلد يسعى فيه الغالبية العظمى من موظفيه إلى التطفيف في الدوام من أوله ووسطه وآخره؟ وأن هذه الشريحة لم تعد تكترث بأي إجراءات قد تُتخذ لأنهم يعلمون أن الحال من بعضه؟
ألم تستحِ وزارة الخدمة المدنية من تقديم تقرير كهذا إلى مجلس الوزراء ويُعلن للشعب؟ وإذا كان المتكلم مجنون فالمستمع بعقله..فأين الوزراء من هذا التقرير وهم يعرفون جيداً مدى الانفلات الوظيفي في وزاراتهم في الأيام العادية فما بالكم بـ" سبلة العيد"؟.
كان بالإمكان أن يعترض أحد الوزراء على تقرير الخدمة المدنية لأنه يعرف الحقيقة ؟ فإن لم يكن هناك ذكرً شجاع أو أمين فمن الإناث عسى نجد فيهن بعض الصدق ، لكن تقرير الكذب مُرّرِ بسلام. أعلينا تكذبون ؟ ونحن شاهدون ؟
أما لماذا "ويستمر الكذب " فإلى القارئ قصة واقعية شاهدة على هذا النوع من التضليل الممقوت :
ففي مناسبة كهذه ( في عيد الفطر) قبل سنوات قليلة..أصر موظف الخدمة المدنية الموفد إلى إحدى الوزارات الهامة على الحصول على تقرير متميز للانضباط الوظيفي في اليوم الأول لما بعد إجاز العيد ثم في اليوم الثاني وكذا اليوم الثالث . فيما كان مدير شئون الموظفين تلك الوزارة حريصاً على تسليم التقرير الحقيقي للدوام. فامتعض موظف الخدمة المدنية ومعه قسم مراقبة الدوام ومن فوقهم أو خلفهم مسئولي الجهة ، وتضامنوا جميعاً في إعداد تقرير غير حقيقي ، بانضباط فوق الـ90% تقريباً من خلف المدير ، وقّعه نائبه والوكيل المختص وسلمته الجهة ـ كالعادة ـ إلى موظف الخدمة الذي يحصل على مكافأة لهذا الإنجاز.
سأل مدير شئون الموظفين موظف الخدمة في اليوم التالي لماذا تعملون هذا ؟ فرد نريد رفع هذه التقارير إلى مجلس الوزراء ، وجهتكم كالعادة يجب أن تكون في الصدارة مع مكتب الرئاسة ، أتريد أن تتراجع ؟ طبعاً الفوارق في تقارير مختلف الجهات بسيط لأن النسبة الإجمالية عالية. فرد عليه المدير لكن هذا كذب على مجلس الوزراء . فرد موظف الخدمة المدنية ومجلس الوزراء يكذب على الذي فوقه ..فكمّل المدير والذي فوقهم يكذب على الشعب بأن كل شيء تمام.. فهز الموظف رأسه موافقاً إياه القول .
أخذها المدير في نفسه متحسراً ، وطلب إجازة في العيد التالي حتى لا يشترك في هذا المأتم الأثيم.
يا هؤلاء لقد أندلعت الثورة الشيبابية السلمية وضحوا الناس بأرواحهم من أجل يمن جديد ، اليمن الذي يؤكد علي الأخ/ الرئيس هادي في لقاءاته وخطبه وأنه لا يستطيع أحد إعادة عجلة التغيير إلى الوراء أو يوقفها. لكن أين اليمن الجديد والفساد بأشكاله المختلفة باقِ ويتجسد كل يوم ؟
أما في تضليل الشعب في أبسط معلومة كالدوام الرسمي ـ تحت قالب كل شيء تمام ـ هو شكل من أشكال الفساد الإداري إن لم يرتق إلى الخيانة ، لأن الآمر الكذوب خائن لرعيته؟
أما يكفي الإعلام الرسمي تضليلاً بأن يروج لهكذا معلومة وهو يعرف مدى خيانتها؟
ونمتد قليلاً إلى مخالفة مسئولي الدولة لمعايير وشروط القانون" أليس في ذلك فساداً ؟
وبصورة أخرى، أما استمرار الاعتماد على التوجيهات في التوظيف والترقيات المخالفة للشروط القانونية هو فساد وتمييز يثير الأحقاد ويعمق اليأس والإحباط؟
من يخلصنا من عهد جمهورية الفساد التي طغت على قيمنا وأخلاقنا وحياتنا وآليات عملنا وينقلنا إلى عهد الجمهورية الجديدة عسى نستطيع العيش فيه بين الشعوب؟
من يصدقنا القول يا حكومة الوفاق؟ هل أنتم مدركون أننا قد انتقلنا إلى مرحلة جديدة ؟ هل تعرفون أن الثوار مازالوا في خيامهم بالساحات يرقبون أقوالكم وأفعالكم ؟
أما تقرؤون ما تكتبه النخب ، وتسمعون ما تبُح به الحناجر كل يوم؟
أما سمعتم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم " تحروا الصدق وإن رأيتم أن فيه الهَلَكَة، فإن فيه النجاة ".
بدأت أيقن كالكثير بأن أحلامنا تتبخر ، فمنجزات الثورة أمام حالة من الابتلاع ، وأن الأمور تعود إلى إدراج جمهورية الفساد. وفي أحسن الظنون فإماّ المسئولين الحاليين وعلى رأسهم الصف الأعلى والذي يليه غير قادرين على إدراك ما حدث في 2011م ، أو غير قادرين إجمالاً على التعامل الإيجابي مع متطلبات الواقع الجديد ، أي غير مؤهلين للوفاق القائم على سيادة القانون وقول وفعل الصدق ، الوفاق المفضي إلى إحداث التغيير المنشود. التغيير الإنقاذي لهذا البلد من السقوط في براثن الدولة الفاشلة والصوملة.
وهنا أتذكر ما قرأته قبل أيام ، ملخص تقرير نشره موقع "تشاثام هاوس" البريطاني، نتائج ورشتي عمل عُقدتا في العاصمة البريطانية لندن في أبريل ومايو 2012، ، حيث خرج بأربعة سيناريوهات محتملة لليمن ، الأول منها تفاؤلي والثاني توقع بأن النظام لن يتغير جذريا " وأن بان بقايا فصيل صالح يفسدون جهود هادي". أما السيناريو الثالث والرابع فكابوس نسأل الله السلامة.
أيها المسئولون إن حديثكم في وادٍ وأقلامكم وأفعالكم في وادٍ آخر. لكن يجب أن تدركوا أن عهد السكوت على الباطل قد ولّى ، وعليكم أن تعتدلوا أو تعتزلوا.