اخبار الساعة - د.طارق الحروي
- ومن الجدير بالذكر أن اتفاق اليمنيين حكاما ومحكومين على أهمية لا بل وضرورة إحداث نقلة جذرية نوعية تطال واقعهم في الشكل والمضمون من خلال تحويل البحر محور الارتكاز الأساسي لها باتجاه تحويل اليمن إلى دولة بحرية مدنية حديثة لها كيان بحري متكامل، سوف يشكل إسقاطا وسقوط مدويا بصورة غير مسبوقة لكافة مشاريع تفتيت التراب الوطني وتفكيك كيانه القومي وإضعاف أواصر نسيجه المجتمعي التي تتبناها بعض الجهات ذات النوايا والارتباطات المشبوهة، باتجاه اختراق الجبهة الداخلية وتمزيق الصف الوطني؛ من خلال المطالبة بالفيدرالية والنظام النيابي ودعاوي فك الارتباط والانفصال وصولا إلى الأحقية الدينية بالسلطة.....الخ.
- في ضوء ما سوف يمثله هذا الأمر من نقلة نوعية في طبيعة ومستوى ومن حجم اهتمامات اليمنيين وممثليهم في هذه المرحلة، بصورة سوف تفرض نفسها بقوة على طبيعة المواضيع المطروحة والقضايا والأطروحات المثارة وكيفية تناولها وزوايا النظر إليها بما يتفق مع إمكانية تحول اليمن إلى دولة بحرية عظيمة، التي يتوقع أن تأخذ كل اهتماماتهم ووقتهم ومن ثم جهودهم في اتجاه محاولة رسم المعالم الرئيسة لطبيعة ومستوى ومن ثم حجم التحول المنشود من الآن وليس بعد ذلك، وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية...الخ.
- والذي سوف يكون موضوعا خصبا جدا للجدل والنقاش والحوار الجاد بين مختلف مكونات المجتمع المعنية، سيما في حال ارتقت بهذا الشأن طبيعة ومستوى الإدراك والإرادة لدي ممثلي الأمة إلى أعلى درجة من درجات التمثيل اللازم لأولويات المصلحة الوطنية العليا، بصورة تحظى معها بمباركة وتأييد الأمة بأكملها، على حساب المصالح الضيقة لهذه العناصر أو الجهات التي فرضت المعطيات الظرفية وجودها كأطراف لها شأنها في دهاليز الحوار القادم بالرغم أن البعض منها لا تنطبق عليه معايير تمثيل الأمة ومصالحها إلا في أدنى حدودها.
- وتأسيسا على ما تقدم وعند هذا المستوى من الطرح يبرز أمامنا هذا التساؤل المحوري ما الذي تحتاجه اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا إليه بالدرجة الأساس كي يتسنى لها الانتقال الأمن إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة ؟ بمعنى أخر بالاستناد إلى طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التحديات المحيطة بها وعظمة الغاية التي هي بصددها هل هي بحاجة كي تصل إلى غايتها المنشودة إلى تبني النظام النيابي (البرلماني) ونظام الإدارة الفيدرالية أم النظام الرئاسي ونظام الإدارة المحلية ؟ هل اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا بحاجة إلى منظومة تؤسس لتفكيك وتفتيت أوضاعها الحالية كي تصل إلى غايتها أم العكس ؟
- سيما أن خارطة إرساء مداميك الدولة البحرية المدنية الحديثة سوف تقوم على مد نفوذ الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المعنية بشقها العسكري والمدني إلى أبعد نقطة على الشريط الساحلي ليس هذا فحسب، لا بل وسوف تسعى وراء استيعاب الجميع فيها كما أوردنا ذلك في الكثير من مقالاتنا المنشورة مسبقا أو قيد الإعداد والنشر؛ بصورة سوف تفضي- في نهاية المطاف- إلى توزيع الاهتمامات الرسمية وغير الرسمية إلى طول البلاد وعرضها من خلال تبنيها لنظام الإدارة اللا مركزية التي تعطي للمجالس المحلية استقلالا إداريا وماليا في إدارة شئون المجتمعات المحلية والجديدة منها- بوجه خاص- بما يضمن لها انتقال أمن للصلاحيات والسلطات.
- مع أهمية لا بل وضرورة توزيع الأجهزة والمؤسسات الرسمية للدولة بين أقاليمها الرئيسة الثلاثة (الشمال والوسط والجنوب والشرق) بصورة تحول دون تكرار ما حدث من شلل شبه كلي خطير لها في العام 2011م، وصولا إلى إعادة توزيع الأرض ومصادر الثروة والقوة بين أبنائها وأقاليمها بحسب ما تفرضه مقتضيات أولويات المصلحة الوطنية العليا في كل مرحلة من مراحل تشييد الدولة.
والله ولي التوفيق وبه نستعين
([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.
المصدر : الكاتب