يأتي ذلك في ظل ما يتردد عن وقوف الدولة العبرية وراء تحريض دول المنابع على توقيع الاتفاق الإطاري الذي تعترض عليه القاهرة وتشترط أن يحافظ على حصتها التاريخي في مياه النهر.
واشترطت "إسرائيل" على مصر في هذا العرض التوقف عن إثارة القدرات النووية الإسرائيلية في المحافل الدولية، في ظل مشاوراتها الجارية حاليًا مع الولايات المتحد والهادفة إلى إبرام اتفاقية لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وهو أحد الملفات التي كانت مطروحة على مائدة المباحثات بين الرئيس حسني مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائهما مؤخرًا بمنتجع شرم الشيخ.
ووفقًا لصحيفة "المصريون" فقد جاء الرد المصري بالرفض على العرض الذي حمله مسئولون "إسرائيليون" رفيعو المستوى، مؤكدة قدرتها على تسوية الخلافات القائمة مع دول حوض النيل، دون الدخول في صفقات مع "إسرائيل" لوقف إثارتها دول المنابع، بما يضمن محافظتها على حصتها التاريخية في مياه النهر، من خلال عدة مشروعات تؤمن لدول الحوض الاستفادة من مياه النيل بشكل يصون مصالح جميع دول الحوض.
تهديد مبطن:
وحمل الرد المصري تهديدًا مبطنًا لـ"إسرائيل"، بعد أن أبلغتها مصر رفضها الشديد لتمويلها أي سدود على النيل في إثيوبيا وتنزانيا قد تضر مستقبلاً بحصص مصر، وأكدت أن جميع الخيارات مفتوحة لمواجهة هذا الأمر، والرد على ما تعتبره تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
وأكدت في المقابل أنها لن تتخلى عن المطالبة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وتبني هذا الأمر في المحافل الدولية، وممارسة الضغوط من أجل إجبار "إسرائيل" على الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي، ومعالجة ملفها النووي بشكل يحفظ الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة: إن العرض "الإسرائيلي" جاء قبل لقاء الرئيس مبارك ونتنياهو بشرم الشيخ، ودفع الرد المصري بالأخير إلى عدم تجديد العرض خلال المباحثات، وإن حاول إقناع مصر بالتخلي عن ضغوطها على "إسرائيل" التي تمارسها عبر حليفتها الولايات المتحدة لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار، كما كشفت وسائل الإعلام "الإسرائيلية".
إشادة بالموقف المصري:
من جهته، أشاد السفير سيد أبو زيد مساعد وزير الخارجية السابق بالموقف المصري الرافض لما وصفه بـ"الابتزاز الإسرائيلي"، واعتبره موقفًا إيجابيًا ورسالة لإسرائيل بعدم قبول تدخلها في دول حوض النيل للإضرار بما يهدد أمن مصر المائي.
وشدد على قدرة مصر على معالجة خلافاتها مع دول حوض النيل وعدم الانصياع لرغبات "إسرائيل" بالتخلي عن مبادرة إخلاء دول المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وعدم إثارة تلك المسألة في المحافل الدولية كاستراتيجية ثابتة.
"إسرائيل" تمول بناء 5 سدود:
من جانب آخر ذكرت تقارير صحفية "إسرائيلية" أن وزارة الخارجية المصرية تلقت معلومات تفيد بأن شركات "إسرائيلية" وافقت على تمويل خمسة سدود على النيل في تنزانيا ورواندا، وأنه يجرى تشييد هذه السدود من دون موافقة مصر، وستؤثر بالتالي على تدفق المياه على حساب مصر.
يأتي هذا في سياق الدور الذي تلعبه "إسرائيل" بين دول منابع النيل، والتي تطالب بتعديل اتفاق تاريخي من أجل تقليص حصة مصر دولة المصب من مياه النهر، ومعها السودان، وهو ما يثير نزاعًا بين دول حوض النيل.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت": "بدون التوصل إلى اتفاق بين دول الحوض ستحدث هناك أزمة اقتصادية ضخمة"، مشيرة إلى أن مسألة توزيع المياه في الأنهار الأفريقية سبب الكثير من التوتر بين مصر والسودان، من جهة وبقية الدول التي تتبع أثيوبيا من جهة أخرى، وزادت التوترات بعد فشل اجتماع لوزراء الري بتلك الدول من أجل التوصل إلى اتفاق خلال مؤتمر في شرم الشيخ قبل أسبوعين.
دور "إسرائيلي":
وفي ضوء إصرار دول المنابع، تحدثت الصحف المصرية عن دور "إسرائيلي" في الوقوف وراء تفجير تلك الخلافات، وهو ما دفع الصحيفة إلى انتقاد الصحافة المصرية، التي حاولت إقحام إسرائيل كطرف في هذه الأزمة، وتصويرها على أنها لاعب رئيسي في الكواليس لتحريض دول حوض النيل ضد كل من مصر والسودان.
وكان وزير الموارد المائية والري المصري محمد نصر الدين حذر دول حوض النيل بأنه إذا تم التوقيع على اتفاق جديد حول المياه، فإنه لن يتم التوصل إلى توزيع مناسب للمياه، وإنهم سيعانون من دفع تعويضات مالية تقدر بـ20 مليار دولار.
وتطالب مصر والسودان بأن تأخذ دول الحوض في الاعتبار حقهما التاريخي في مياه النيل، في حين أن دول مثل كينيا وبوروندي وتنزانيا وأوغندا والكونغو اعترضت على إعادة صياغة الاتفاقات الأصلية التي وقعت في القرن الماضي.