أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

سور بغداد بين القرصنة الطائفية والوجود الامريكي الذكي

- *د.مهند العزاوي

توصيات إستراتيجية لمؤسسة راند

فلسفة الأسوار والحواجز الكونكريتية

دوافع ودلالات أنشاء سور عزل بغداد

تثير السلوكيات الإستراتيجية السياسية والعسكرية للولايات المتحدة الكثير من الدهشة والريبة والتساؤل, خصوصا بعد الانهيار العسكري التقليدي في العراق وأفغانستان , والتحول الى عسكرة السياسة الخارجية , وممارسة سياسة الهروب الى الأمام , باستخدام مزدوجي المهارشة والقدرة المكتسبة,ناهيك عن مضاعفات الأزمة الاقتصادية وتداعيات العجز المالي والدين المتعاظم,ونجدها أسيرة لرغبات اللوبي الصهيوني, وضغوط الشركات القابضة, واتساقها بمفاهيم راديكالية متشددة تذكي النزاعات والحروب الدينية في العالم العربي والإسلامي حصرا, والتي تعصف بالاستقرار والأمن الدولي,  ناهيك عن التوصيات والدراسات التي تقدمها المعاهد والمؤسسات والمراكز البحثية الأمريكية المتنافسة فيما بينها ,والمرتبطة ماليا بالشركات القابضة ,ومراكز صنع واتخاذ القرار المختلفة في أمريكا , مما يجعل غالبية تلك الدراسات والندوات والمؤتمرات الملحقة بها , تفتقر للمعالجة الواقعية بل وتعزز النزعة العسكرية , وتجعل من الولايات المتحدة الأمريكية دولة حرب مارقة تنخر مقومات الأمن  والسلم الدوليين.

توصيات إستراتيجية لمؤسسة راند

عقدت مؤسسة راند للبحوث والتطوير, والمختصة بالشؤون الإستراتيجية العسكرية والأمنية الأمريكية في عام 2008 , وبالتعاون مع مركز التحليلات البحرية , مؤتمرا تحت عنوان( أمريكا والتحديات الأمنية لما بعد العراق)1 ,وشارك فيه كبار المحليين والسياسيين والعسكريين ونخبة من كبار الضباط في الجيش الامريكي, وممثلين عن الحكومة ووزارة الدفاع والخارجية وقد عقد في "آرلينغتون-ولاية فيرجينيا", بغية الخروج بتوصيات الى البنتاغون ولجنة الدفاع في الكونغرس الامريكي, وتزويد القيادات العسكرية واللوجستيه دراسة كاملة عن القضايا والتحديات الأمنية التي ستواجهها الإدارة القادمة في العراق , والتي تستلزم وضع استراتيجيات جديدة(عسكرية وغير عسكرية) , وإعادة ترتيب الأولويات الأمنية, وكان من ابرز ما ناقشته لأعداد الدراسة: هي

  1. أولوية العراق في قائمة التعهدات الأمنية
  2. استمرار استخدام الأساليب التقليدية والغير تقليدية كما في العراق وأفغانستان
  3. خطر التنامي السكاني السريع في العالم الإسلامي
  4. قدرة القوات العسكرية الأمريكية على إدارة قواعد طويلة البقاء.
  5. توفير إسناد على درجة عالية من التدريب والتجهيز .
  6. القدرة على تنفيذ المهام والعمليات داخل البلدان من ذوي القواعد الإسلامية

  أن عبارة "ما بعد العراق" تعني استمرار العمل العسكري والأمني في العراق لمدة عشر سنوات على الأقل أي حرب طويلة الأمد, استنادا الى دراسة أخرى تؤكد أن أمريكا ستعزز قواتها في الشرق الأوسط لتصل الى 1,8 مليون جندي  حتى عام 20172, وأكدت توصيات "مؤسسة راند" على  التغيير في الخصائص السكانية وتأثيراتها السياسية والمخاوف الأمنية, وتعشيقها مع فوبيا الإسلام التي تذكيه وسائل الدعاية السياسية والإعلامية الأمريكية وتهيكل عقول الرأي العام ضمن فلسفة الخوف وصناعة التخويف لشرعنة حروب الشركات والمجمع العسكري الصناعي في أمريكا , والتي تتسق مع فلسفة "صدام الحضارات" لـ"صموئيل هنغتون" والتي لم تبتعد الإستراتيجية الأمريكية عن فلسفتها حتى يومنا هذا , و تتخذ من الإسلام عدوا محوريا , وعززت ذلك تقارير ودراسات أخرى صدرت عن "مؤسسة راند" تؤكد بان الحرب ستكون طويلة جدا ضد ما أطلق عليه التنظيمات الإسلامية , وقد أكدت راند على الاستثمار الحكومي الامريكي في العالم الإسلامي, وابرز اعتراف في المؤتمر أن أمريكا نفسها خلقت الوضع الفوضوي والمأساوي بالعراق , وذلك باستمرار قمع الدولة, وسوء التوقيت, والشمولية في إصدار القرارات  الخاطئة التي تغذي ثقافة العنف والإرهاب السياسي,وقد أكد المؤتمر في توصياته على ضرورة تطوير القدرات الحربية كالدرع الصاروخي, والقوات المشتركة في القواعد الأمريكية حول العالم, وتحسين منظومة الدفاع الالكتروني(الانترنيت), وتحسين القدرة على توجيه ضربات بعيدة المدى, وكذلك تحسين قدرة الاستخبارات على المراقبة والاستطلاع , ونجد انها خلاصة  التوصيات التي قدمتها مؤسسة راند للإدارة الحالية ذات طابع حربي توسعي(تعاظم النزعة العسكرية) ,لعل فكرة أنشاء سور عزل بغداد من متطلبات تحقيق أمنها السياسي - الوجود الامريكي الذكي في العراق3.

فلسفة الأسوار والحواجز الكونكريتية

خضعت مدينة بغداد لأكبر عملية تجريف وتغيير ديموغرافي استهدف سكانها الأصليين , وتعد العاصمة بغداد رأس الهرم السياسي والمعنوي لدولة وكيان العراق, وقد احتلت في 9-4-2003 من قبل القوات الأمريكية الغازية, وشهدت عمليات مقاومة شرسة منذ الأيام الأولى للغزو, وكبدت قوات الاحتلال خسائر بشرية ومادية كبيرة, مما دفع بدوائر الاحتلال الى الانتقام من سكانها , وتقطيع مناطقها بشكل ناعم,وذلك بإذكاء الاحتراب الطائفي الذي مارسته المليشيات والدوائر المخابراتية الأمريكية وفرق الموت الأمريكية والإيرانية والإسرائيلية, واتجهت الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2004الى تعشيق العمل الحربي الامريكي مع إسرائيل على ارض العراق, وتبادل الخبرات الدموية فيما يخص التعامل مع سكان العاصمة بغداد ,بما يتسق مع ممارسات قوات الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية من قمع وفتن واغتيالات وتقطيع المدن وسكانها بالحواجز ومنها الجدار العازل , وقد كشف المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد عن المباشرة بإنشاء سور أطلق عليه "سور بغداد الأمني" الذي سيحيط بالعاصمة، وسيفصلها عن المحافظات المجاورة، موضحا أن السور سيتكون من سياج كونكريتي وخنادق في المناطق الزراعية، وستكون المداخل الرئيسة للعاصمة عبر ثماني نقاط تفتيش نموذجية, وعلى طول السور وامتداده سيحوي أجهزة مراقبة وتصوير بري وجوي، إضافة إلى منظومة اتصال حديثة في كل نقطة من نقاط التفتيش، زاعما أن السور سيقطع الطريق أمام ما سماهم الإرهابيين الذين يمرون عبر الطرق الفرعية , والتي ليس فيها نقاط التفتيش، وسيسهم بشكل كبير في تحسن الوضع الأمني في العاصمة؟؟, وقد خصص لهذا المشروع ما يقارب 560مليار دينار عراقي,ولابد  من مناقشة هذا الأمر والذي يحتوي على دوافع ودلالات مختلفة تقود الى شكل العراق القادم في ظل الاحتلال وأدواته السياسية وتداعياته على الشعب العراقي بشكل عام وعلى أهالي بغداد بشكل خاص وانتعاش المشروع الامريكي في المنطقة.

دوافع ودلالات أنشاء سور عزل بغداد

يُعتقد أن فكرة أنشاء سور لعزل سكان بغداد ومناطقها عن المحافظات, نابع من دوافع مختلفة ذات منحى استراتيجي, وتكتيكي لدواعي أمريكية , وأخرى تناغم رغبات طائفية إقليمية, ويتسق من حيث المبدأ مع جدار العزل في فلسطين , وجدار مصر مع غزة , وجدار السعودية مع العراق, وخندق  المراقبة والسور على الحدود السورية العراقية, ولم  نشهد جدار عزل مع إيران , وهنا يبرز تساؤل لماذا جدران العزل محصورة بين  الدول العربية وداخل أراضيها ,أم انها فلسفة حربية امبريالية بدوافع اقتصادية , لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد ,انطلاقا من تقسيم العراق أرضا وشعبا, ولعل تصريحات البرزاني الأخيرة حول تقسيم العراق وسخريته من وحدة العراق حيث يصفها( أحلام العصافير) تشكل مسجل خطر ,وتؤكد الشروع بتطبيقات تقسيم العراق وفق مشروع "بايدن- غليب" المطور بتوصيات معهد "بروكينز" بالخطة بـ والتي توصي بتكليف الجامعة العربية بتقسيم العراق ويبدوا أن الجامعة العربية حريصة على التكليف , نظرا لسلوكها  المشين تجاه أزمة احتلال العراق وطريقة تعاطيها مع الملفات الإنسانية الكارثية التي تعصف بالشعب العراقي, وبما لا يتسق مع  منظومة القيم العربية والنظام الداخلي لها؟ وهل سور عزل بغداد هو التحول من اللبننه الى البلقنة ؟ ولعل سلوك الأدوات السياسية الطائفية المتصارعة على المغانم الشخصية والحزبية تثبت ذلك.

الدوافع

  1. تطبيق الإجراءات الفعلية لتقسيم العراق, وعزل العاصمة بغداد عن حزامها الدموغرافي , تمهيدا لإعلانها إقليم أو دويلة بغداد لاحقا , وحسب تقدم بيئة التقسيم التي يجري العمل على تهيئتها سياسيا وعسكريا وامنيا ومعنويا وديموغرافيا.
  2. التقدم بمراحل الحرب الدموغرافية وتغيير التركيبة السكانية لمدينة بغداد, وتجريف المناطق والمدن وتحقيق الوجود الامريكي الذكي في وسط العراق.
  3. استمرار حرب التطهير الطائفي في العاصمة بغداد من قبل , الأحزاب الطائفية ومليشياتها , والمجاميع الخاصة , والقوات الحكومية المؤدلجة طائفيا, والمفاصل المخابراتية , لجعل العاصمة ذات صبغة طائفية معينة ,مما يخضعها لمعايير التقسيم الطائفي4  وهو مطلب إقليمي وامريصهيوني مزدوج يفقد العراقيين رمزهم المعنوي.
  4. تعزيز التواجد الامريكي السياسي في  العاصمة بغداد وهي تضم اكبر سفارة أمريكية في العالم ويقدر عدد موظفيها بثلاثة آلاف موظف مسندين بمفاصل الحماية الخاصة من المتعهدين وتجعل مقر عملها في بغداد  وفق فلسفة الوجود الامريكي الذكي.
  5. تعزيز التواجد العسكري الامريكي وتحقيق السيطرة الثابتة المستقرة في بغداد, وتحويلها الى حصن عسكري كبير أسوة بالقواعد والحصن الأمريكية الكبرى في أمريكا,وتخضع لاعتبارات الأمن العسكري الامريكي الذي يعتمد على الموانع الاصطناعية والمراقبة الالكترونية عبر الجو والفضاء وشبكات الاتصالات العنكبوتية, وبتمويل عراقي تجنبا للإنفاق والاستنزاف العسكري الامريكي.
  6. استمرار هيمنة الشركات الكبرى الأجنبية على الإرادة السياسية والاقتصادية والعسكرية العراقية , وذلك من خلال تصريف الأسلحة المعدات والآليات الالكترونية القديمة5 والفاسدة وحتى الحديثة والتي لا تتجانس مع الأولويات والأسبقيات الأمنية للمواطن العراقي المحروم والجائع والمضطهد, أو حماية حدوده من تسلل الجماعات الخاصة الطائفية الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة التي تعبث بأمن العراقيين.
  7. تحقيق سوق مفتوحة لسمسرة المتعهدين السياسيين والعسكريين العراقيين  في تحرير العقود الأجنبية لنهب أموال العراق, خصوصا في ظل تعاظم  انهيار البنى التحتية العراقية فان تلك المليارات  يفترض انها تصرف على الخدمات الأساسية والبنى التحتية وحاجيات الشعب الأساسية لتامين عناصر الأمن الايجابي ,  وليس لقمع المجتمع تحت يافطة الإرهاب الديمقراطي, وبناء الحواجز والاسيجة الكونكريتية ونصب الأجهزة الالكترونية ذات الطابع التسويقي لخدمة شركاتها المحتالة, والتي نصبت في مناطق وأزقة وشوارع بغداد , ولم تحفظ أرواح العراقيين طيلة السبع سنوات وثبت فشلها.
  8. استنزاف الاقتصاد العراقي بمشاريع ثانوية ذات إنفاق واكلاف كبيرة ويحرم منها الشعب العراقي وهو  بأمس الحاجة أليها وتدخل ضمن سياسية التجويع والتطويع.
  9. تبرير الفشل السياسي  والأمني والإيحاء بان الأمن يتحقق  بإنشاء الأسوار الأمنية.
 

الدلالات

تعد هذه الفكرة وتطبيقها من ابرز الشواهد العنصرية والامبريالية , وانتهاك للحريات وحقوق الإنسان التي ينص عليها القانون والدستور الحالي , ويعد عزل سكان ومناطق العاصمة بغداد ,وتجريف حزام بغداد بالقتل والتهجير والتعذيب والتفجيرات, وبدوافع سياسية وحربية إستراتيجية  وأخرى تكتيكية طائفية , والسعي الجاد لإلغاء هوية العراق , وتغيير معالمه التاريخية وارثه الحضاري, وذلك بفصل مناطق بغداد ومدن العراق  بالحواجز والاسيجة الكونكريتية , ولعل ابرز الدلالات لهذه الفكرة الشاذة هي:- 

  1. حجم المأزق السياسي والفشل العسكري والأمني الامريكي والحكومي في العراق.
  2. قمع الإرادة الشعبية , وتخطي السخط المجتمعي بالإجراءات القمعية السلبية, وتحويل الشعب الى سكان بلا حقوق وحريات, لتطبيع القرارات السياسية المرتبطة بأجندات أجنبية وإقليمية وتخصيص الأولوية لأمن قوات الاحتلال والأحزاب .
  3. ديمومة الاحتلال الأجنبي الإقليمي المركب , وفضح أضاليل الانسحاب وملئ الفراغ الإقليمي, وقد طرحت للاستهلاك السياسي والإعلامي لإغراض التخدير السياسي في ظل استمرار السياسات الحربية والقمعية في العراق.
  4. تهيئة بيئة التقسيم  وباستخدام أساليب التقطيع القاسي والتقطيع الناعم الطائفي العرقي لمدن العراق وبدء تطبيق مراحل التقسيم الجزئي.
  5. عسكرة العاصمة بغداد وجعلها قاعدة لوجستية أمريكية, وحصن عسكري تمهيدا لعمليات  حربية إستراتيجية قادمة, والتحكم بالأدوات السياسية عن بعد , وممارسة القمع المجتمعي ضد الشعب العراقي تحت يافطة تحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب.
  6. توأمة فلسفة القمع الصهيوني في فلسطين ونقلها الى العراق, وديمومة عجلة التعذيب والقتل والاغتصاب والإذلال النفسي وانتهاك حقوق الإنسان للشعب العراقي , والذي تمارسه القوات الأمريكية والحكومية والذي ثبت تأيده من كبار ساسة الولايات المتحدة وجنرالاتها , وبمباركة العالم ومنظماته , خصوصا بعد الصمت والسكوت المخزي على فضائح التعذيب والاغتصاب والقتل التي مارستها الأحزاب والقوات الحكومية, مما يدل بوضوح أكذوبة الديمقراطية .
  7. استمرار الاحتلال  المركب وتوافقه على تطبيق المشروع الامريكي في المنطقة وانطلاقا من تقسيم العراق وإلغاء هويته العربية والوطنية .
  8. بروز أنياب الانتقام الإمبراطوري والصهيوني من العراق  وذلك باغتصاب العاصمة بغداد  والتي تعد قبلة العالم العربي وقلعة الحضارة العربية والإسلامية.
  9. توافق الأدوات والزعانف السياسية مع الأطماع الامريصهيونية والإقليمية على ارض العراق  والي تستهدف ارض وشعب وثروات العراق والمنطقة.
  10. الإصرار على النهج الطائفي والعنصري والذي تمارسه الأدوات السياسية والمليشيات والجماعات الخاصة والدوائر المخابراتية الأمريكية والإقليمية , وتفتيت التلاحم الشعبي وجعل من كل مدينة عراقية مستعمرة أجنبية خاضعة .

بات المشهد العراقي خطير وقاتم للغاية, وأضحت تطبيقات تقسيم العراق تتجه الى التفعيل الشامل , خصوصا أن هناك أسوار كنوكريتية ونقاط مراقبة تنشئها قوات الاحتلال على الحدود الإدارية لمدينة الموصل, وكذلك في كركوك , ونشر قوات أمريكية مشتركة على شريط التماس على "خط دايتون" العربي الكردي, وسعي الأحزاب الكردية لمنح أمريكا قاعدة عسكرية أمريكية دائمة وهذا مخالف للدستور والقانون, وتعهد أوباما بمنح كركوك كهبة للأحزاب الكردية, تحت يافطة المناطق المتنازع عليها في الوطن الواحد والتي اقرها الدستور الحالي بالمادة 140؟, ناهيك عن تقطيب العملية السياسية بمشهدها الطائفي , والساعي الى المطالبة بإقليم الجنوب وإقليم البصرة من الأحزاب الطائفية, إضافة الى عمليات التجريف المجتمعي للقدرة البشرية العراقية, واستنزاف القدرات العلمية والمهنية السياسية والاقتصادية والعسكرية , وفظاعة ممارسات وسلوك القوات الأمنية العراقية المخزي والمستهجن, والتي نهلت عقيدتها الأمنية من شركات الجريمة الخاصة , واتسقت بسلوك قوات الاحتلال الدموي , وانتهجت عقيدتها السياسية الطائفية والعرقية  من أحزابها , وفق مفهوم المحاصصة الطائفية والعرقية الذي يفضي للتقسيم الناعم المؤسساتي6 , وسيادة مناخ الفوضى السياسية وغياب الرؤية الإستراتيجية لمستقبل العراق, مع وجود جيش من الميلشيات ومليشيات الجيش , وغياب الدولة وتطويع القانون, ناهيك عن منح الحصانة لمرتكبي جرائم الإرهاب السياسي والفساد السياسي والمالي والإداري, وغياب الأمن والاستقرار, وبقاء الشعب تحت مطرقة الإرهاب السياسي الشامل , خصوصا أن عمليات التهجير المنظم التي جرت طيلة السنوات الماضية ولحد الآن والتي بلغت تقريبا 4 ملايين مهجر داخل وخارج العراق تتسق مع عمليات القتل الشامل التي تمارسها أدوات القتل المختلفة, وهي ذات دلالات سياسية وحربية نابعة من بنات أفكار المخططات الأجنبية والإقليمية, لذا أضحت العاصمة بغداد بين مطرقة القرصنة الطائفية وسندان الوجود الامريكي الذكي في العراق.

*مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية

saqarc@yahoo.com

Total time: 0.044