يعرف عن الدكتور/ عبدالرزاق الأشول- وزير التربية والتعليم- بأنه أكاديمي مهني متميز في عمله نشيط في أداء مهامه.. جاد في تعامله.. يعشق الإبداع والابتكار والتجديد وفي حدود الإمكانات غير متعصب حزبياً أو مذهبياً أو مناطقياً.. لا يتمتع بعلاقات مشبوهة مع مشائخ ووجاهات نافذة.. لا يجيد الثرثرة والتحدث عن إنجازاته.. يمتلك قدرات فائقة في تحفيز العاملين معه وتوفير أجواء متناغمة وإذابة جليد المكايدات السياسية.. يعمل معظم ساعات اليوم والليلة.. يتنقل في اليوم بين أكثر من محافظة يتفقد احتياجات العملية التعليمية ويعالج المشكلات الطارئة التي يفتعلها أحياناً قليلو التربية!
بدلاً من استغلال منصبه لصالح الحزب فهو يستغل علاقاته الحزبية والشخصية لصالح العمل العام.. قد يضطر مكرهاً للاستجابة للتوافقات السياسية العليا لكنه يرفض قطعاً التوصيات الجانبية, بل يفرض قناعات المنطقية على الجميع، الذين لا يملكون في نهاية المطاف سوى رفع القبعة احتراماً لهذا الأشول المتيمّن منطقاً ونبلاً ولباقة..
قد يختلف الناس معه لكنهم لم ولن يختلفوا عليه وعلى جهوده الدؤوبة والمثمرة.. في الأيام الأولى من تسلمه قيادة الوزارة كان الكثير -ممن ينظر إلى المظهر لا الجوهر- يظن بأنه المسؤول الخطأ في المكان الخطأ, لكنه استطاع أن يخيب ظنون هؤلاء في فترة زمنية وجيزة وقياسية, فعلى سبيل المثال فمنذ الشهر الأول من تعيينه في نهاية العام 2011م نجح الوزير الأشول في اجتياز أولى العقبات المتمثلة في توفير مرتب شهر ديسمبر، الذي كان قد تم أخذه أثناء القيادة السابقة لتغطية تسويات وزيادات شهر نوفمبر؛ حيث كان يتم تغطية عجز كل شهر من الشهر الذي يليه، ولم تظهر المشكلة إلا في آخر شهر من العام المالي، وكان البعض يترقب حدوث مشكلة عويصة من شأنها أن تخلق سخطاً عاماً إزاء الوزير الجديد، لكنه نجح في إقناع رئيس الحكومة ووزير المالية في توفير المرتب، وفعلاً تم صرفه ولأول مرة قبل أيام من نهاية الشهر.
كما تم التركيز بدرجة أساسية حول الحصول على المعلومات الصحيحة التي تساعد في اتخاذ القرارات الصائبة، فتم تشكيل لجان مسح ميدانية والتعرف عن كثب عن واقع التعليم، ولأول مرة يتم الكشف عن تلك المعلومات أمام الرأي العام وبشفافية مطلقة.. لم نكن نعرف أن هناك العشرات من مدراء المدارس لا يجيدون القراءة والكتابة.. وأكثر من (39) ألف معلم مغتربون يتقاضون من الدولة ما يزيد عن ملياري ريال شهرياً، وأن هناك الآلاف من المؤهلات المزورة لموظفي التربية والتعليم!!
لكم أن تتخيلوا وزارة بحجم التربية والتعليم لا تقوى على تنفيذ برنامج تدريبي واحد.. لم تكن تملك إرشيفاً إلكترونياً، ولا مطبعة سرية لطباعة الامتحانات، بينما مطابع الكتاب منهمكة في طباعة صور الزعيم!! وأن الغالبية العظمى من مدارس الجمهورية لم يكن يرصد لها أية مبالغ تشغيلية.. بينما حالياً تم رصد أكثر من مليار وأربعمائة ألف ريال كمبالغ تشغيلية.
أنّى لقيادة أن تعمل في ظل ظروف بالغة الصعوبة وإمكانات مادية شحيحة؛ إذ ينفق على التعليم حوالي ( %) من الموازنة العامة التي تذهب في معظمها للدفاع والأمن!! ثم كيف لها أن تتمكن في غضون أشهر من تصحيح اختلالات
متراكمة؛ إلى درجة أن الغش استحال من مشكلة إلى ظاهرة ثم ثقافة متجذرة يمارسها الأبناء بدعم وإصرار من قبل آبائهم!!
فالعملية التعليمية والتربوية بحاجة إلى جهود رسمية كبيرة ومشاركة مجتمعية موازية، والكفّ عن ممارسة العادات السيئة والسالفة التي كانت تنظر إلى التعليم باعتباره مجرد حقل بشري يحتضن ثروة انتخابية لترجيح الكفّة السياسية، ولهذا كلما اقتربت الانتخابات كلما تزايدت حمى الاستهدافات العمياء لكل ما هو جميل ومشرق في هذا البلد!