هذا المقال عبارة عن قراءة عاجلة في حديث الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي بث الليلة السبت الموافق 25يناير2014م من قناتي اليمن اليوم وازال ومحاولة متواضعة وصادقة - من طرف يزعم انه كان خصم له في الاحداث الثورية الاخيرة- للامساك بالرسائل العديدة التي احتواها حديثه المتلفز والذي نرى انه مختلف هذه المرة من حيث توقيته واللحظة الفارقة التي يمر بها الوطن وشفافيته وطابعه الانساني المميز وهو الحديث الذي نصفه ايضا بالهام )
حديث الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أنتهى قبل لحظات مليء بالهموم والشجون كما انه ايضا مليء بالكثير من الوقائع والحقائق, وهنا لا أجد غضاضة من الاعتراف الصريح بأنني أتفق معه في معظم ما جاء في حديثه المتلفز أنف الذكر وانا الخصم الذي نزل للساحات لعزلة ومن أجل التغيير للأحسن والأفضل وكتبت في ذلك السياق وفي نقد الزعيم العديد من المقالات .
نعم وجدت نفسي أتفق مع الرئيس السابق صالح في معظم ما جاء في حديثه عدى انكارهم للحقيقة ورفضهم تحمل أي مسؤوليه شخصية أو حزبية أو عامة (كرئيس لحزب المؤتمر أو كهيئات حزبية لتنظيم مشارك في الحكومة التوافقية والسلطة القائمة حاليا) فيما يحدث اليوم من تدهور للأوضاع العامة في البلد بينما لديهم كحزب مشارك في الحكومة 17 حقيبة وزارية, سواء هو من قام باختيار وترشيح الأسماء التي تقلدت تلك الحقائب الوزارية أم لم يفعل وقام غيره من قيادات حزب المؤتمر بذلك الاختيار للأسماء المرشحة فالمسؤولية هنا تضامنية وقبل ذلك فحزب المؤتمر حزب كبير وعريق والعمل فيه يتم بألية مؤسسية والقرارات تتخذ فيه من قبل الهيئات الحزبية المعنية .
كما أن لحزب المؤتمر معظم قيادات الأجهزة والمؤسسات الحكومية في البلد وايضا فالرئيس السابق (صالح) بصفته الشخصية والحزبية يسيطر على قرارات السلطة التشريعية بانتماء معظم أعضاء مجلسي النواب والشورى لحزب المؤتمر أو بالولاء لشخصه ..بالإضافة لسيطرته على معظم القيادات العسكرية والامنية العليا والوسطية والدنيا في اليمن والتي ما زالت تمتثل لأوامره بشكل أو بآخر وحتى اللحظة وكما يعرف الجميع ! وهنا الحديث عن اعادة الهيكلة للجيش والأمن يصبح أمر يدعوا للاستغراب بل والادانة والحكم النهائي عليه بالفشل, أن لم يكن يدعوا للتندر والسخرية .
أما عن تأثير حديث الرئيس السابق (صالح)من الناحية الاجتماعية والانسانية فقد أجاد صالح أن يصبغ حديثه بالكثير من الاحساس بالمصداقية والشفافية مما كان لهُ بالغ الأثر والتأثير على جمهور المشاهدين لشفافيته وبساطته والكثير من الألم في نبراته ..
الناحية البارزة المتوخاة في نتائج هذا الحديث أجدها تنحصر كثيرا في أهمية أن يستمع الطرف الأخر بقلب وعقل مفتوح لهذا الحديث الهام الذي لاشك انه سيكون له تأثيره الايجابي على الاوضاع العامة في الوطن لو أستوعب الطرف الأخر الرسائل العديدة التي حاول صالح أن يبثها في حديثه اليوم وتلامس كثير من القضايا الحيوية التي تتفاعل اليوم في الساحة الوطنية اليمنية مما يؤدي لجلوس الفرقاء إلى طاولة الحوار أو إجراء مفاوضات مباشرة للبت فيها وحسمها ايجابا لما فيه الصالح العام كخطوة أولى على طريق طي صفحة الماضي و فتح صفحة جديدة ناصعة البياض نرسم فيها جميعا مستقبل اليمن الذي نرغب به جميعا بل ونشترك سويا في تحديد ملامح النهضة والتنمية القادمة بعيدا عن تأثير سلبيات الماضي وأحقاده الدفينة التي الحقت بالوطن الكثير من الأضرار الجسيمة ومازالت .
وهنا أتمنى كثيرا أن يعيد الطرف الأخر (وخاصة الأخوة الرئيس هادي واللواء علي محسن الأحمر والشيخ حميد الأحمر ودولة الرئيس باسندوة) الاستماع لهذا الحديث الهام للرئيس السابق ويتأملوا فيه بعمق ليخرجوا منه ببعض التفاصيل التي تخدم المصلحة العامة وكذا الوصول للعديد من المضامين الجوهرية التي تساعد على الخروج من الأزمة السياسية والوطنية الراهنة والتي تلقي بضلالها القاتمة على مجمل الاوضاع في اليمن, مما يؤدي في محصلته النهائية إلى الاسهام الفاعل والعاجل في بناء اليمن الجديد الذي ننشده نحن جميعا في الوطن الواحد إلا اننا تأخرنا كثيرا وطويلا في القيام بالخطوة الاولى الايجابية لبنائه!.
من الناحية الاخلاقية والعملية فابرز ما جاء في حديث الزعيم صالح هي تلك الجزئية المتعلقة بإظهار تقديره الشخصي لشخص رئيس الحكومة باسندوة واقراره بأنه أخ وصديق قديم تمتد معرفته به إلى العام 1967م, ثم تأتي دعوته للشيخ حميد الأحمر ليتولى رئاسة الحكومة القادمة طالما وهو من يدير فعليا الحكومة الحالية, وكذا اشارته العابرة وشهادته الصادقة لخصم شرس وشريف ومنافس صلب وعنيد أذاقه كؤوس المرارة ومعاناة العذاب مرات ومرات وما زال يفعل ذلك حتى الأن هو الاخت المناضلة توكل كرمان عندما قال بانها الوحيدة من خصومة الحاليين الذي لا ينتمي للنظام السابق وهي شهادة لها مضمونها القوي وطابعها الخاص كونها تأتي من خصم لدود وكبير هو رأس النظام السابق كما أنها شهادة لها أبعادها الكثيرة ورسائلها العديدة سياسيا واجتماعيا واعلاميا (التي لا تخفى على أحد) والموجهة لأطراف مختلفة نعرفها جيدا نحن جميعا.
أما على الصعيد الوطني والشعبي فكانت دعوته للشعب اليمني ان يحافظ على وحدته الوطنية ويعض عليها بالنواجذ أهم ما جاء في ذلك الحديث .
وعلى الصعيد الشخصي نؤكد على صحة ما قاله الرئيس السابق صالح من عدم قدرة أي قوة في العالم اخراجه من وطنه اليمن بل ونؤكد أننا كمواطنين يمنيين نرفض هذا السلوك الا أخلاقي والأسلوب المجحف والتعسفي في التعامل مع رئيس سابق لليمن وأصبح مواطن صالح يساهم بفعالية في استقرار الوطن ويرغب بشكل ملح في البقاء فيه والعيش في ربوعه حتى يلقى ربه بنفس راضية مرضية .
أما عني وعن المناسبة التي كانت محور حديث الرئيس السابق صالح (وهي نجاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل) فأجد انه من المناسب والحق والانصاف أن أقول : شكرا لحزب المؤتمر الشعبي العام وشكرا للأخ علي عبدالله صالح الرئيس السابق والزعيم الحالي لحزب المؤتمر الذي سلم السلطة بطيب خاطر فأسلم الوطن وأهله الكثير من المخاطر.
نعم أخي الزعيم صالح, فقد كان لكم فعلا ولحزب المؤتمر دور هام وبارز في انجاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وعلى ذلك النحو الذي لم نتوقعه منكم أبدا نحن من نمثل خصومكم السياسيين في الساحة الوطنية اليمنية ..ولذلك لكم ان تفخروا بدوركم المشهود هذا (كحزب وزعيم قائدا له) وأن تحتفلوا بهذا المناسبة الوطنية الهامة التي أصبحت اليوم تجربة رائدة وملهمة للوطن العربي وللإقليم ولدول وشعوب العالم أجمع .
والله من وراء القصد وهو ولي الهداية والتوفيق
قراءة عاجلة في حديث الزعيم!
اخبار الساعة - طارق مصطفى سلام