عندما تسقط ثورة رئيس تربع على عرش اليمن لاكثر من ثلاثة عقود فاعلم أن هناك عدة قوى واطراف متنوعة ومتعدده ساهمت في إسقاطه.. فمن الاحزاب حزب الاصلاح رأس حربة الاحزاب اليمنية المعارضة والذي حشد انصاره ومحبيه في الساحات للمطالبة برحيل صالح .. ومن القبيلة ابناء الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر والذي كان لتخليهم عن صالح هدم كبير لركن متين طالما اتكأ عليه واعتمد على نفوذه القبلي..اما الجيش فقد كان علي محسن وانضمامه للثورة الاثر البالغ في تفكيك قوة صالح فضعف واستكان ومن ثم وقع اتفاق تخلية عن رئاسةالبلاد.
لقد كان لهذا المثلث الاثر البالغ والقوة الكبرى في تحقيق اول اهداف ثورة فبراير.
ولاشك ان هناك العديد من الاحزاب المعارضة والشخصيات الاجتماعية والمستقلين الذين شاركوا في الثورة وضحوا في سبيلها إلا انهم ليسو الورقة الاقوى ومن السهل القضاء عليهم والتغلب على معارضتهم لولا ما اضافة مثلث الثورة من قوة ومنعة حالت دون ذلك.
وعلي صالح الذي فقد المنصب ولم يفقد النفوذ يعلم بشكل جلي وواضح من هو عدوه الاكبر والاكثر تأثيرا عليه ليقوم بالانتقام منه وكسر قوته او إضعافها للسماح بعودته الى الحكم وإن كانت العودة من النافذه عبر شخصيات محسوبة عليه ..وهو الامر الذي لن يكتب له النجاح والثورة تمتلك هذا المثلث القوي.
عمل صالح على خلق ثالوث مضاد للثورة ليسقطها كما اسقطته..ولما شعر به من قوة المعارضة عندما تتنوع وتتعدد فتفقده التركيز على جهة بمفردها ليقضي عليها .. فأسس تحالف ضم الحوثي الذي يوازي في قوته علي محسن .. والحراك الذي يوازي الاصلاح في قوة الحشد في الشارع .. وامسك هو بملف القبائل التي يعرف نقاط ضعفها وقوتها بشكل جيد.
ركز صالح قوته الاعلامية مع حلفاءه من الشمال والجنوب ركزها على مثلث الثورة فقط دون غيره وتم ضخ كميات كبيرة من الاشاعات يصعب تصديق عددها كم يصعب ازالة آثارها من عقول الناس ..
فرغم أن الحوثيين كانوا في الساحات لاسقاط نظامة إلا أن الحملة لم تشملهم .. وكذلك الحراك الذي قمعت مظاهراته وطورد ناشطوه وسجنوا في عهد علي صالح إلا انهم لم يكونوا مستهدفين .. ليس لانهم حليف استراتيجي ولكنه نجح في اختراقهم ويستخدمهم كعصا ثم يقوم هو بكسرها بعد ان تكون مواجهتها مع اعداءه قد حسمت لصالحه.
كانت البداية بالاصلاح ..فهوجم إعلاميا ونسب له من الافك والبهتان مايجعل المستمع في حالة عداء له وتوجس من مشروعه للتغير ! فترك كل الاحزاب المعارضة وركز حملته على الاصلاح عقابا له على اشتراكه في الثورة ..ثم سار الامر مع علي محسن بنفس ماسار عليه مع الاصلاح فتم تصويره على انه مالك النفط والمستفيد الاوحد رغم ان هناك من هم اكثر منه بكثير ان سلمنا بكونه احد هوامير النفط.. فاحمد علي ويحيى محمد وبقية عائلة صالح تمتلك من النفوذ وشركات النفط اضعاف مايملكه علي محسن .. لكن احدا لايذكرهم بسوء وكأن ماتحت ايديهم من شركات واموال لم تكن بسبب النهب وسرقة اموال اليمنيين!
وهذا يؤكد مصدر الحملةالموجهة بجلاء.
اما الواجهة القبلية للثورة والمتمثلة في أبناء الاحمر فقد تم معاقبتهم بارسال الحوثي لحربهم وتأديبهم وكسر هيبتهم بعد أن صورهم إعلامه انهم حكام البلاد وهم من يديرونها وهم من يمتلك الاحزاب والقوة فجاء الحوثي في حين غفلة ليقوم بتفجير بيتهم وهزيمتهم في احد معاقلهم .. لست سعيدا بما حصل لهم وإن كان لهم من الاخطاء مالهم لكن هزيمتهم في هذه الجولة اظهرت لكل صاحب عقل أن ما اشيع عنهم انهم يحكمون اليمن ويحركون الرئيس والوزراء حسب رغبتهم .. لم يعد لهذا التصور مايسنده من الواقع .. فلماذا لم يحركوا قوة الدولة التي يقال انهم يسيطرون عليها.. ولماذا لم يتحرك معهم الاصلاح وهم مالكوه ومؤسسوه حسب مايزعم البعض.. لكن لان حجمهم الطبيعي هو النفوذ بالعلاقات والتحالفات وليس بالملك والتحكم كانت النتيجة أن قيل لهم اعتمدوا على انفسكم .. واعتقد ان قادم الايام سيكون فيها لهم مع الحوثي شأن آخر فقد جعلهم الحوثي اعداء بعد أن فجر بيتهم وكسب حقدهم.
واعتقد ان علي صالح لايملك إعادة الزمن إلى الوراء ولكنه يملك بما لديه من نفوذ ونقود تأديب الثورة ومعاقبتها خاصة مع قرب الانتهاء من المرحلة الانتقالية والتي ستدخل البلاد فيها الى الحكم الفدرالي الذي سيفقده الكثير من ادواته المنتشرة في كل المحافظات.
لكن اليمن الى خير وهذه الصعاب والالام تدل على قرب ميلاد جديد ليمن جديد ينعم به كل أبناءه.