قال حكيم أذا سجلت تجارب الشعوب بصدق وعرفت البدايات والنهايات, فلن يجرؤ أي أنسان لأن يكون جلاداً أو سجاناً ,أِذ سيعرف ماذا يمكن أن يحل به أذا أسقطه سجان أو جلاد آخر...؟
البعثة النبوية الشريفة أوجدت حداً فاصلاً في تأريخ العرب,بعد أن عاشو,جاهلين معرفة الله, يطغى على حياتهم السفه والعصبية والغضب.! قال الرسول الكريم –أِنما جئت لأُتَمِمَ مكارم الأخلاق– فالأسلام يعني السلم والسلام والأمن والمسالمة ,والأنقياد لأوامرالله ورسوله,حمل معاني – الدين – الدولة – الثقافة – كان عامل وحدة عربية, روحية , ووحدة قومية لجميع المتكلمين بالعربية مسلمين ومسيحين وغيرهم , ثم تطورت الثقافة الأسلامية مع مرور الزمن,فصارت مزيجاً من ثقافات الأمم,خلق ثقافة جديدة تضم العرب بلغتهم ودينهم ,وباقي الأمم – الترك - الفرس- اليونان- الروم – الهند - الآراميين والسريان - بنواحي العلم والفن. قال عنها الأديب طه حسين – أذا أردنا أن نعرف متى تكونت القومية العربية, فينبغي أن نردها الى ظهور الأسلام,أنما هو النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- الذي جاء بالقرآن ودعا الى الحق, لها نظامها السياسي,ووحدت قومية عربية منظمة لها قانونها هو القرآن الذي دعا الى العدل والأنصاف والمساواة بين الناس وأكد – طه حسين- أن محمداً صاحب رسالة عامة للبشر جميعاً- وأيده بذلك المفكرألياس خليل – محمد هو لنصارى العرب كما هو لمسلميهم – أيها المسلمون ليس محمد لكم وحدكم, ولكنه لنا ولكم -, لقد حول الأسلام حياة الأنسان العربي, من البداوة والغزو الى الأستقرار وتحقيق العدالة والمساواة,ولما أنتقل الرسول الى جوار ربه,ترك تراثاً فكرياً غزيراً,يتمثل بمصدرين أساسيين للتشريع والحكم, القرآن الكريم معجزة النبوة والتحدي بالبيان والبلاغة والأسلوب والأيجاز والأخبار الصادقة, وأحاديث النبوة وأعمال الرسول من قول أو فعل أو تقرير,تعتبرمتمماً لتعاليم القرآن.- وماينطق عن الهوى, أِن هو اِلا وحي يوحى – وكان تأثير التعاليم الأسلامية في حياة العرب,متدرجاً ولكن سريعاً,حيث رفع مستواهم العقلي, وقد تفاجأ الناس بفاجعة رحيل الرسول, عندها تنازعوا وأتجهوا في آراءهم وجهات مختلفة بدأً من سقيفة بني ساعدة ,نقاشات طويلة بين الأنصار والمهاجرين, فالخلافة أول مسألة أشتد فيها الخلاف بين المسلمين وتشعبت آرأؤهم وتكون حولها أهم الفرق الأسلامية كالشيعة والمرجئة والخوارج والمعتزلة ,وهو القائل-صلى الله علية وآله وسلم – الأئمة من قريش – و- الخلافة بعدي أربعون سنة ثم تصيرملكاً عضوضاً – وها نحن نتجرع العلقم المُر من الحكام منذ ذلك الزمان البعيد الى يومنا القريب.!!
قام النزاع وأشتد الخلاف وأنقسم المسلمين منذ اليوم الأول لوفاة الرسول الكريم , قطعت غالبية القبائل صلتها بالمدينة,وعدت أرتباطها كان بسيد المدينة محمد- لابنظام ودولة .! وأنتهز أعداء قريش من العرب والمنافقين الآخرين لأظهار نواياهم الأنفصالية, وظهرت- حركة الردة-معتبرين أن النبوة أنقضت بموت محمد- فلا نطيع أحداً بعده وأن الطاعة لأبي بكر أمراً صعباً .! فيما قالت فرقة أخرى –لوكان محمداً نبياً مامات! – أطعنا رسول الله ماعاش بيننا -------- فيا لعباد الله ما لأبي بكر ------- أيورثها بكراً أذا مات بعده ----------- فتلك وبيت الله قاصمة الظهر -----
وأرتدت بعض القبائل لأعتقادهم بأن قريش سلبتهم حريتهم,وأدخلتهم تحت سلطانها بحكم الدين! فلماذا لايكون لها مثل ماكان لقريش .؟وتطلعت بعض القبائل الى أسترداد ماكانوا يتمتعون به من أستقلال ذاتي.! والأمتناع عن أداء الزكاة و العودة للملذات.؟ ومن المشاكل التي واجهت الخلافة الأسلامية بعد وفاة الرسول تنافس سادة البطون المختلفة فيما بينهم على الزعامة وظهر بينهم من مدعي النبوة منها – سجاح بنت الحارث –من قبيلة تميم من الجزيرة مدعية النبوة.؟ ومعها الهزيل أبن عمران في تغلب وكان نصرانياً فترك دينه وتبعها.! وكذلك فعل مسيلمه الحنفي عندما تنبأ بأنه شريك الرسول محمد في النبوة! وزعم أن النبي نزل له نصف أراضي المسلمين,وقد تجلت خطورة حركته بعد وفاة الرسول وأفتتان قومه به وبلغ عددهم أربعين ألفاً وأحرج الدولة العربية! فأرسل له جيشاً بقيادة خالد بن الوليد,وأرتدت عن الأسلام قبائل بكر وربيعةوعبدالقيس في البحرين وعمان واليمن أيضاً, وأدعى الأسود العنسي النبوة في اليمن وصدقه الكثيرين بعد مرض الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم – ثم قتل بالتآمر عليه بمساعدة زوجته؟ ولكن هذه الحادثة في حياة الرسول...لكن حدثت ردة بقيادة قيس بن عبد يغوث بعد وفاة الرسول, وقد رفض أبو بكر الصلح مع المرتدين أو الهدنه معهم وحاربهم وأنتصر عليهم , لكن حروب حركة الردة خلقت آثاراً ونتائج شملت أجيالاً وتصورات وافكار وسلوكيات وأحكام مازالت تغذي الأجيال من بعدها.؟ كما حدث أختلاف أبي بكر وعمر بن الخطاب حول بعثة أسامة أما تأجيلها أو تغيير قيادة البعثة الى شخص أقدم سناً من أسامه؟وصفها الطبري- وقد أرتدت العرب أما عامة أو خاصة في كل قبيلة, ونجم النفاق وأشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية لفقد نبيهم –صلى الله عليه وآله وسلم – وقلتهم وكثرة عددهم - أما الشيعة أعتبروا ذلك تغيراً للمبادئ الدينية السياسية وأن الأمامة لآل البيت وهم مؤتمنون على النهج الديني للرسول-- يقولون أن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم - أوصى للأمام علي –عليه السلام- في خطبة الوداع, أما بقية المسلمين لم يروا أنه أوصى بالزعامة لأحد أصحابه أو أهله.؟ وكل فئة أتجهت تريد أن يكون الخليفة منها,المهاجرين يدّعون كونهم أول من آمنوا بالنبي وصبروا على الأذى وهم قومه وعشيرته, وهم أهل قريش.! والأنصار يقولون أنهم نصروا النبي وآمنوا به وأعزوا دينه,وتوفي النبي وهو عنهم راض, وهم أولى بأن يخلفوه.! أما الشيعة,أنصارأهل البيت, فطالبوا أن تكون الخلافة من بيت النبي,أما للعباس بن عبدالمطلب,أو لعلي بن أبي طالب,أبن عمه وخاصته وأول الناس أسلاماً,و زوج السيدة فاطمة بنت النبي,وله فضل في الجهاد والعلم .! ويصر المؤرخين وعامة الشيعة الأمامية –أن النبي عين علياً خلفاً له-تصريحاً- بقوله في خطبة الوداع,- من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وأنصر من نصره, وأخذل من خذله- أما تعريضاً, فأن النبي – صلى الله عليه وسلم – مثلاً,أمَّرَ في كثير من البعوث والغزوات أناساً قادة على أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة , لكنه ماأمَّرَعلى علي أحداً قط.! وكان بطل خيبر والخندق شهد له الرسول بالفضل ووصفه ب-الأيمان كله-, أما الخوارج, قالوا أن الخلافة يجب أن تكون بأختيارعربي حرّ مسلم,ولو كان عبداً أسوداَ,وعلى الخليفة-الرئيس-أن يخضع خضوعاً تاماً لما أمر الله به,واِلا وجب عزله, وأشرطوا الأسلام والعدل بدل العروبة والحرية.! ما دعى- فلوتن- الى تسميتهم –الجمهوريين- لمبادئهم الديمقراطية المتطرفة.؟ لذلك فالخوارج خالفوا نظرية الشيعة القائلة أن الخلافة في بيت النبي حصراً.! كما خالفوا نظرية أهل السنة والجماعة القائلة أن الخلافة من قريش.! وهذا مما دعاهم الى الخروج على خلفاء بنو أمية, ثم على العباسيين,لأعتقادهم بأنهم جائرين غير عادلين.! أما المرجئة, محايدون لاضد الدولة ولا معها.! أما المعتزلة,تركوا الخلافة الى حرية أرادة الأنسان,وأن الأمة تختار أمامها.؟ ويأتي رأي أبن خلدون ولو متأخراً في السياسة الدينية بأنها جالبة للخير,تؤدي الى أسعاد المجتمع في جميع أحوالها , فالحكومة الدينية خير الحكومات,موكلة عن النبي في تمثيل السلطة السياسية والدينية, وقد أقرت أولى خلافة في الأسلام لأبي بكر الصديق من قريش, خلافاً لأغلب هذه الحسابات, وكان البعض من مناوئي بني هاشم وخاصة من قريش ,أستكثروا جمع النبوة و الخلافة لبني هاشم مع أعترافهم بأحقية بني هاشم لها.؟ وقد تطورت أنظمة الحكم في عهد الخلفاء الراشدين في أطار نظام دستوري أساسي سموه-المشاورة- كما في الآية الكريمة-وشاورهم في الأمر- لكن الأمر لم يدم طويلاً حيث تبدل نظام الحكم زمن الأمويين فصار ملكاً أستبداياً بقوة السيف والسياسة والمكائد ,بدل الشورى والدين.! ينطبق معه قول الشاعر المتنبي .. وماكل مايتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لاتشتهي السفن .؟ الوضع المقلق بدأ عندما أبتكر الأمويين – نظام التوريث –ولي العهد –في زمن معاوية؟ ومارس الحكام التمتع بالثروة والأبهة والملذات,بما يشبه النظام الملكي ,وراثية ملكية لأولادهم وقرابتهم دام 90عاماً- 41الى132هجريه-661-750ميلاديه تولى خلالها اربعة عشر حاكماً,أولهم معاوية وآخرهم مروان بن محمد,وأفضلهم جميعاً في تحقيق العدل ومثالاً للورع والتقى والزهد,الخليفة عمر بن عبدالعزيز,الذي خرج عن النهج الذي أختطه معاوية,وأعتبر المفاهيم الأموية شاذة.! ومن أقواله الشهيرة- أن الرجل الهارب من الأمام الظالم ليس بظالم, اِلا أن الأمام الظالم هو العاصي –وتسامح مع المسلمين الشيعة وأمر بترك لعن –الأمام علي بن أبي طالب- على منابر بني أمية, وأبدل الخطب بالآية –أن الله يأمر بالعدل والأحسان- وقد أعاد حكم الأمويين العصبية القبلية الجاهلية بين عرب الشمال الذين أنتسبوا لجدهم عدنان,وبين عرب الجنوب الذين أنتسبوا لجدهم قحطان, وتحولت مع مرور الزمن الى حزبين سياسين ,أشتد التنافس بينهما,وأثر في الأتجاهات السياسية للدولة الأموية, وكان معاوية قد تزوج من قبيلة كلب اليمنية الشامية , وشكل معهم حلفاً سياسياً,وأعتبر أفرادها أنهم أخوال ولي العهد-يزيد- وحماة البيت الحاكم ,أستخدمهم في صد التمرد والقتال ضد شيعة علي وأنصارة والخوارج! وتعتبر مسألة توريث معاوية لأبنه يزيد من بعده من أكثر المسائل التي دفعت الكثيرين الوقوف ضده وتوجية الّلوم والنقد اليه,على أعتبار أنه خرج بذلك عن نهج الخلفاء الراشدين,وأفرز النظام الذي تولاه معاوية تقليداً وراثياً في الحكم.! أذ لم يكن العرب يقرون قبل ذلك مبدأ الوراثة في الحكم.؟ وكان السبب الذي دعى معاوية الى كسر النهج الأسلامي,خوفه من أختيار هاشمي للخلافة من بعده أن صارالأمرشورى.! مما يسهل أزالة الأمويين من الحكم.؟
وكانت في عهده ثلاث فئات من المسلمين الطامحين للحكم,متعارضة متصارعة , الفئةالأولى–المتذمرة من الحكم الأموي ذات النزعة الراشدية,لاتقبل بالقرار الوراثي كونه دخيلاً خروجاً على العادات الأسلامية ,ومَثَلَ هذا الأتجاه من المعارضة أهل الحجاز والمدينة خاصة أبناء الخلفاء الراشدين بزعامة عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق, وعبدالله بن عمر بن الخطاب ,ومعهم عبدالله بن الزبير, وكان هؤلاء المحتجين معهم الحسين بن علي بن أبي طالب توافقوا في حقهم بالخلافة وهو يمثل الفئة الثانية –من التيار الشيعي المعارض التي تخول أهل البيت حقاً سياسياً ودينياً, ومثل هذا الأتجاه أهل العراق وقسم من أهل المدينة . أما الفئة الثالثة – فهي القوى المؤيدة للحكم الأموي والمتحالفة معه من أهل الشام,وهي الطبقة المستفيدة من أستمرارية المشروع المطروح! فالناس على دين ملوكها وهومبدأعام عند أهل الشام في محاباة الخليفة ؟. كانت نزعة الحكام الأمويين ميلهم نحوالعنصرالعربي وأعتمدوا عليه وبالغوا فيه,والتعالي على باقي الناس منهم الموالي المسلمين من غير العرب -الترك والفرس وغيرهم- مما أدى الى تذمر هؤلاء من الأمويين,وهكذا شهدت بلاد الشام والعراق وخراسان حركات سياسية قائمة على عنصرية الأموييين! وصارت مسرحاً للفتن والأضطرابات.! شملت أنحاء الدولة, وأصبح المجتمع أيام الأمويين منقسماً الى العرب يمنيين وقيسين, والرقيق ومصدرهم أسرى الحروب,وأهل الذمة وهم من غيرالمسلمين الذين يدفعون الجزية وتمتعوا بالحماية لأموالهم وأنفسهم ومعابدهم.؟ والموالي مسلمون أتراك وفُرِس أرادوا المساواة فلم يحصلوا عليها فمالوا الى نصرة العباسيين حتى تصدع البيت الأموي وزال على يد العباسيين,وقد ساند الموالي البيت العباسي وهم من سلالة العباس بن عبدالمطلب,أخذوا الوصية للبيعة بأسم –الرضى من آل البيت – أي عن شخص من أل البيت يتفق عليه.؟ وساعدوهم في دعوتهم طوال 32 أثنين وثلاثين عاماً, وقد تحركت القبائل اليمانية العربية في خراسان بأسم الضعفاء من عرب وغير العرب وأستعانت بجميع الثائرين ومنهم الشيعة العلويين,كما ظهر في حركة المختار ضد الأمويين, ومن الكوفة أنطلق أسماعيل بن جعفر الصادق وأحفاده للمطالبة بالحق الشيعي في عهدأبي جعفر المنصور..! وكانت الكوفة مجمعاً للثقافات والديانات القديمة ومركزاً للعلويين.! وكان التشيع في بدايته يعبر عن موقف سياسي يرى أحقية الأمام علي وآل بيته في الخلافة, يقول المؤرخ- لامانس- أن مقتل المختارأدى الى تطور كبيرفي تأريخ حزب الشيعة السياسي ,فقد أتخذ الشيعة من مصرعه الى الدعوة السرية-! ومع أن العباسيين أستقطبوا بعض القبائل العربية ومنهم العلويون وأستعانوا بالفرس في دعواهم وفي حروبهم ,أِلا أنهم بعد وصولهم الى الحكم تنصلوا منهم شيئاً فشيئاً وطعنوهم وسعوا لأقصاءهم وتدميرهم! وكان للموالي الفرس في بداية حكم العباسيين نفوذا مهماً أستمر نصف قرن من الزمان,تولوا فيه الوزارة وكان أول وزير –أبوسلمة الخلال- وقيادة الجيش –مسلم الخراساني- وطاهر بن الحسين –وخالد بن برمك- منذ عهد السفاح الى عهد هرون الرشيد 132-187هج, ثم عاد نفوذ الفرس وكان ميلهم واضحاً لمعسكرالمأمون.! وعندما تولى المعتصم الحكم أعتمد على الأتراك وقربهم وجعلهم عنصرا أساسياً في جيشه وبلغ تعدادهم بضعة عشرألفاً,وقد ضجت أهالي بغداد من تجوال الفرسان الأتراك الغرباء,وأضطر لنقلهم الى معسكرات خارج بغداد ونقل العاصمة الى سامراء لأمتصاص نقمة السكان منهم.؟ وصاروا وبالاً فيما بعد على العباسيين! وارتكزت الدولة العباسية على نظرية الحق المقدس للخليفة وأتبعوا نظام ولاية العهد –التوريث- والبيعة أي مبايعة الخليفة على أنه-رئيس- للمسلمين ينظر في أمورهم الدنيوية وأدارة بلادهم, وأصبحت مبايعة الخليفة في العصر العباسي في القرن التاسع الهجري كما وصفها –أبن خلدون- تشبه تحية الملوك الكسروية من تقبيل الأرض أو اليد أو الرجل وأستغني عن مصافحة أيدي الناس, والخليفة السلطان الأعظم,أما الخلافة,رياسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي – ص- لكن المفكر أرنولد- يختلف تحليله ورأيه حول الخليفة – على أنه موظف سياسي قبل أن يكون موظفاً دينياً, وأن الواجبات الدينية الملقاة على عاتقه لاتعطيه حقوقاً دينيه أو روحيه تجعله يمتاز عن غيره من المسلمين.؟؟؟ ,وأدخل علماء الدولة العباسية مسألة الخلافة ضمن مباحث العقائد الدينية,وطبقوا قانون الوراثة على أن الخلافة تركة بعد النبي,فقالوا أنهم من نسل العباس عم النبي.؟ بينما العلويون من فاطمة الزهراء بنت النبي,والعم في الميراث والعصبية-القرابة- مقدم على أبن البنت.؟ في العصر العباسي تنوعت المذاهب الفكرية والدينية وكان أغلب العلماء والمفكرين والكتاب والشعراء من أبناء فارس والأتراك أنصهروا في بودقة المجتمع وذابو في الأسلام ,كما في قول الرسول الكريم – لافرق لعربي على أعجمي اِلا بالتقوى- و قوله عن سلمان الفارسي – سلمان منا آل البيت- وقوله- صلى الله عليه وآله وسلم – عندما وضع يده على رأس سلمان- لوكان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس-أو من أبناءفارس- 1- مذهب الأمام أبي حنيفة بن النعمان-80-150هج أمام أهل الرأي- مذهب أهل الكوفة والبصرة -2- مذهب الأمام مالك بن أنس- ولد في 93هج-712م الذي يعتمدعلى الحديث-مدرسة الحديث الفقهية-وقد أعتقل وعذب في عصرالمنصور. 3- مذهب الأمام محمدالشافعي- ولد-150هج -767م -الذي جمع بين الحديث والرأي والقياس يلتقي نسبة بآل هاشم ,أتهموه بالميول العلوية ومعاداة الدولة العباسية زمن هرون الرشيد,طبق علوم أهل العراق والحجاز.-4- مذهب أحمد بن حنبل-164-241هج- 781-855م – الذي يتفق مع مذهب الأمام مالك,من حيث أعتماده على الحديث,أصطدم مع السلطة العباسية لأنه رفض القول بخلق القرآن ,وتَعرضَ للمحنةِ والضَربْ وعُذِبَ وسُجِنَ أيام المأمون.
وبرزمن الترك والفرس في حركة التأليف وعلوم الحديث منهم الأمام البخاري, والأمام مسلم,وأبوداود زأبن ماجه,والترمذي والنسائي, وهم أصحاب الصحاح المعروفين وغيرهم أبن كثير والنيسابوري والظاهري والدارقطبي, وفي مناصب الكتابة في الدولة العباسية –أبن المقفع,أحمدبن يوسف,سهل بن هرون,وغيرهم من أصول فارسية, وقد هاجرت بعض القبائل العربية الى بلادفارس واستوطنت هناك! ,كما أن بعض القبائل الفارسية أستقرت في الأمصار العربية.! وكان العصرالعباسي الثاني الذي أمتد أربعة قرون قسمه المؤرخون الى أربعة عصور رئيسية أمتازت بهيمنة الأقوام الأجنبية على مقدرات الدولة العباسية 1- عصر نفوذ –الأتراك -2-عصرالبويهين-3- عصرالسلاجقة-الترك-4- عصر مابعد السلاجقة.
وتميز المجتمع في العصر العباسي الى فئات متباينة1- فئة الحكام-الخليفة رأس الدولة و- فئة الوزراء والكتاب والقضاة والأمراء والقادة والحجاب, هؤلاء بيدهم مقدرات الأمور في البلاد,الثروة الواسعة,القصور العظيمة,الأثاث الفاخروالجواري والحفلات روت عنها القصص وأمتزجت فيهاالحقيقة مع الخيال! ,الفئة الوسطى- عامة الشعب وسواده الأعظم-يتمتعون بمكانه سامية,منهم العلماء ,رجال الدين,التجار,المعلمين,المغنون,الشعراء.! الفئة الثالثة – سواد الناس العامة – العمال في حقول الكسب يمتازون بكثرة أعدادهم وقلة رزقهم وتدني مستواهم الثقافي,تعرضوا للأهمال والاستغلال والظلم .؟ وصاروا مصدر الأحتجاجات والحركات الشعبية التي أضعفت الدولة العباسية......ينطبق عليهم قول المتنبي- خذ ماتراه ودع شيئاً سمعت به ------ في طلعة الشمس مايغنيك عن زحل ----- والهجرأقتل لي مما أراقبه --------- أنا الغريق فما خوفي من البلل ---------- وقد أشرفت الدولة العباسية التي تمثل هيبة الدولة الأسلاميةعلى الأنحلال والتفكك في العصر العباسي الرابع عهد المقتدر-295-320هج- وهو عصر نفوذ السلاجقة الترك, وتعددت الدويلات المستقلة,أقام الأخشيديون ملكهم على مصر وسوريا ووصلوا حتى الحجاز وأشرفوا على الحرمين الشرفيين في عهد كافور! الذي هجاه الشاعر العربي المتنبي كونه عبداً أسوداً نقض العهد معه.! بقوله ---- لاتشتري العبد اِلا والعصا معه ------------ أن العبيد لأنجاس مناكيد --------- نامت نواطير مصر عن ثعالبها ---------- وقد بشمن وماتفنى العناقيد -------- لايقبض الموت نفساً من نفوسهم --------- اِلا وفي يده من نتنها عود --------- من علم الأسود المخصي مكرمة -------- أقومه البيض أم آباؤه السود -------- أم أذنه في يد النخاس دامية ------------ أم قدره وهو بالفلسين مردود -------- وقد حكمت الدولة الأخشيديه بعد سقوط الدولة الطولونية من-323-358هج , وأعلن الفاطميون-358-567هج-969-1172م- بسط نفوذهم في المغرب وأفريقيا وركزوا دعوتهم نحو- موالي البربر- ,فأنضم اليهم الآلاف وجعل من القيروان عاصمتهم بادئ الأمر,وأسقطوا الأغالبة, وقد قضت الدولة الفاطمية على الخوارج الأباضية–الدولة الرستمية- الذين خرجوا على الأمام علي وتسببوا في مقتله على يد الخارجي -عبدالرحمن بن ملجم – وكانوا يتبنون سياسة الخروج والثورة على الخلافة الأسلامية , ويكفرون من خالفهم من المسلمين , وبعض فرقهم تبيح دماء مخالفيهم في الرأي.! بما يشبه بعض الفئات -الوهابية- المتشدده المتطرفه في وقتنا الحالي.!! وكان هؤلاء الخوارج قد فروا من الأمويين بدمشق والشام الى المغرب ,وأبقوا هؤلاء علاقتهم الطيبه مع الأمويين في الأندلس.! على مبدأ عدو عدوي هو صديقي.! كما قضت الدولة الفاطمية على دولة خارجية أخرى من المذهب الصفري –دولة سجلماسه أو المداريه- في جنوب المغرب, وأنتهى حكمها 296هج- 909م - وبعد توالي الخلفاء الفاطميين منهم- المعز لدين الله- أرسل جيشه بقيادة جوهر الصقلي,ففتح دولة الأدارسة ووصل الى المحيط الأطلسي ,ثم مد نفوذه الى مصر ففتحها وأحسن معاملة المصريين وكسبهم وأحترم حرية العقيدة ونشر الأمن والعدل وبنى مدينة القاهرة وجامع الأزهر وصارت مصر مقراً للدولة الفاطمية وعزلت عن العباسيين الضعفاء في بغداد, ووصلت السيطره على بغداد في خلافة المستنصر الفاطمي وخطب على منابر بغداد وسكت له النقود, وقد أزدهرت وتطورت مصر في مجال العلم والفنون والعمران,وكان الفاطميين يفضلون لقب الأمام كرمز لخلافة النبي وكذلك السلطان الديني المستمد من الله مباشرة ,وأنهم الوارثون لعلم النبي عن طريق علي وهم ورثة حق علي وورثة الرسول محمد-صلى الله عليه وسلم – وقد أنتهت الدولة الفاطمية 567هج-1171م- على يد صلاح الدين الأيوبي الذي كان وزيرا في بلاط الملك الفاطمي,فأستغل ظروف ضعف الخلافة فعمل على تغيير قادة الجيش ثم هيمن وأستولى على الحكم في مصر بطريقة سلميه دون قتال.؟ لكن عدها بعض المؤرخين خيانة للثقة والأمانة التي أوكلها له الملك الفاطمي.؟ وسار صلاح الدين على نهج السلاجقة والأتابكه الزنكيين , وكان السلاجقه قد جلبوا معهم العادات التركية والفارسية وغيرها ونظماً في البلاط والمواكب الرسمية لم تكن تستعمل من قبل في أيام الأمويين والعباسيين والفاطميين.؟ مثال ذلك حمل الغاشية بين يدي السلطان,والغاشية سرج من أديم مخروزة بالذهب.! وأنتقلت هذه العادات الى مصر عن طريق صلاح الدين! وكانت الدولة الفاطمية شيعية , فعمل صلاح الدين الى أعادتها الى المذهب السني وباشر بأنشاء مدارس سنية , وعنل على مضايقة الشيعة وأغلاق مدارسهم.؟ كذلك سار الأيوبيون على نهج السلاجقة والأتابكة بالأكثار من المماليك الأتراك وأستخدامهم في الجيش –الذين يجلبونهم صغارا من بلدان تركمانيه مختلفة ويربوهم ويدربوهم على أستخدام السلاح في معسكرات خاصه ويعزلون من لقاء الناس لحين تجنيدهم – وهؤلاء المماليك زاد وعددهم وقوتهم العسكرية بعد زوال الأيوبيين وكونوا دولة مملوكية في مصر وبلاد الشام .
النرويج – sadikalsafy@yahoo.com
----المصادر---------------------------------------------------------------
أ.د.أحمد مختار- تأريخ الدولة العباسية-2005
د.سهيل زكار- عصر الرسول والخلفاء الراشدين2004
أ.أنور الرفاعي- النظم الأسلامية- دارالفكر
المفكر- الأديب طه حسين- مؤتمر الأدباء الثالث-1958
عبدالشافي-العالم الأسلامي في العصر الأموي- ص121
يوسف العش- الخلافة الأموية ص 161
بن قتيبه –ج1 ص152