حين طالعتنا وسائل الإعلام عن مقتل شائف الشبواني كانت المبررات أنه رجل خارج القانون وأنه أحد أعضاء تنظيم القاعدة الإرهابي ، الذي اعتدى على حاجز أمني في نفق المصباحي بالقرب من دار الرئاسة ، حين حدث ذلك كان رد الفعل لدى الرأي العام يشير إلى أن ما قام به الجنود ليس إلا من قبيل الدفاع عن النفس ، سيما وأن ما هو معروف بقوة لدى المجتمع اليمني أن آل شبوان يقفون وراء تدمير أبراج الكهرباء وأنابيب النفط عشرات المرات وبحسب الإعلام الرسمي والشهرة الشعبية. وتبادر إلى الأذهان أن ذلك سيكون بداية لعمليات التصدي المتوقعة للإرهاب بعد ما حققته القوات المسلحة والأمن من انتصارات في محافظات أبين و شبوة و البيضاء ، ثم بعد ذلك قرأنا و سمعنا من يقول أن شائف الشبواني ليس من تنظيم القاعدة ، ولما استقصينا وتتبعنا الموقف الرسمي قيل لنا من جهات معلوماتية رسمية أن ما تناقلته وسائل الإعلام الرسمي هو صحيح 100% ، ولم يثر الخبر الكثير من الجدل باعتبار أن المنطقة تعج بالقاعدة وأنصارهم الذين يمارسون العديد من الأعمال الخارجة عن القانون ويسعون لتدمير الأمن الاجتماعي –الاقتصادي والسياسي معا. ولكن الفاجعة الكبرى التي أصابت القراء والمستمعين وجميع الأهالي ، تقريبا ، هي خبر التحكيم ا لتي أوردت تفاصيله ومقداره ونوعه بعض الصحف وانتشر في الأوساط الشعبية كالنار في الهشيم ، وتضمن 22مليون من الدولارات وآلاف البنادق الآلية ومائات السيارات المتنوعة وآلاف البراميل من المشتقات البترولية تعطى للمنطقة بشكل يومي وآلاف الدرجات الوظيفية ... وبمزيد من الاستقصاء وتتبع صحة الخبر الفاجعة تبين من أكثر من مصدر مهتم أن ذلك الخبر عار عن الصحة ، وأنه غير من مطروح أو وارد من الأساس ، سواء من قبل الرئاسة أومن قبل آل شبوان أنفسهم ، فالإجراءات قد انحصرت في تشكيل لجنة رئاسية للتحقيق في مقتل شائف وحمد الشبواني والتحقق مما إذا كانا بالفعل من تنظيم القاعدة أم أنهما مجرد مواطنين مسالمين لا علاقة لهما بالإرهاب ، وهذا ما ألح عليه قبائل آل شبوان. .
وبقراءة وتتبع ما ينشر في بعض الصحف التي تقول أنها مستقلة وبعض القنوات التي تملآ الدنيا كذبا، يجد القارئ الكثير مما يثير الدهشة والتأمل في مضامين تلك المنشورات ، ويضع على معظمها الكثير من علامات الاستفهام ، ويتساءل عما ترمي إليه ، ولقد كان السئوال الرئيس بعد قراءة خبر التحكيم وماهيته هو : هل ما جرى ويجري في محافظات أبين وشبوة والبيضاء هو معركة وطنية ضد الإرهاب ام معركة إعلامية يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي ويريد أن يشغلنا بها ؟ وبالمزيد من الحقائق يتجلى لكل ذي عقل أنها معركة ضد الإرهاب بالفعل تحت إشرافه المباشر، سيما إذا استحضر مشاهد مائات الجثث التي تناثرت في ميدان السبعين وباب كلية الشرطة وفي المنطقتين العسكريتين الثانية والرابعة وفي مجمع الدفاع وغيرها الكثير، وسيصل إلى قناعة بأنها معركة كل الوطن ضد الإرهاب ومن يناصره ، أو القاعدة وأخواتها ، ومن أجل تحقق الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية لكل المواطنين ..
لقد صار أكثر من واضح أن ما ترمي إليه بعض وسائل الإعلام والمطبوعات ليس فقط مجرد التوزيع الأكبر لمطبوعاتهم وجني الربح الأكثر حتى وإن كان ذلك على حساب أمن وأعصاب وصحة وحياة المواطنين ، بل هو خدمة لذوي المصالح التي لا يستطيعون أن يضمنوا دوامها إلا في ظل الفوضى والاضطرابات والعنف والقتل وتغييب الدولة ومؤسساتها وفي ظل الصراع المجتمعي تحت شعارات ما دون وطنية، وفي ظل الأزمات الاقتصادية وإضعاف وتغييب دور قوى الحداثة ومنظمات المجتمع المدني وتتويه المجتمع خارج العملية السياسية الجارية بشكل عام ومخرجات الحوار الوطني الشامل على وجه الخصوص.
إ/ن القوات المسلحة والأمن تخوضان معارك يومية ضد الإرهاب على مستوى مساحة الوطن ، في أكثر من جبهة ، وفي المدن بشكل عام والعاصمة بشكل خاص ، وقد نجحت الأجهزة الأمنية ، وفق مصادر موثوقة ، في اعتقال ما يقرب من عشرة أعضاء في تنظيم القاعدة في العاصمة ، وهي ترصد الكثير من الأوكار المحتملة والمعروفة. وما زلنا نبحث عن المعلومة الصحيحة عن المستويات التنظيمية للمعتقلين وجنسياتهم. .والمهم في كل ما سبق هو ألا تكون المصلحة الوطنية العليا وأمن الوطن القومي محل مساومة و عرضة للبيع والشراء من قبل بعض المتاجرين بهموم ومعاناة المجتمع. وأنا أعتقد أن ما وصل إليه الحال لم يعد يسمح باستمرار تسخير وجائع المواطنين من أجل التكريس لمصالح غير مشروعة لمتنفذين طالما أوغلوا في تسخير مصالح المجتمع لحساباتهم الشخصية فتسببوا في اتساع دوائر الفقر والبطالة والفساد المستشري في كل اتجاه ، وأنا أعتقد جازما أنه قد آن الأوان لزجرهم وإيقافهم عند حدهم بقوة القانون و بالإرادة السياسية التي لا بد وأن تستفيد بقوة من الدعم الشعبي الكبير الذي تحظى به الدولة في هذا الظرف التاريخي المهم التي تلتحم فيه الإرادة الشعبية مع الإرادة السياسية في مواجهة الإرهاب والفساد والمفسدين وديناصورات النهب للمال العام.
khosroof@yahoo.com