أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

تجليات الحكمة اليمانية : دلالات التصالح زمانا ومكانا وأشخاصا

- عباس الضالعي

ما حدث اليوم في جامع الصالح لا يمكن وصفه سوى باللحظة الوطنية الشجاعة بكل المعاني والدلالات ،  خطوة وطنية شجاعة جاءت في فترة والوطن ينتظر المصالحة بين الفرقاء .

لقاء التصالح الذي رعاه فخامة الاخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بين كل من الرئيس السابق علي عبد الله صالح واللواء علي محسن الاحمر والشيخ حمير الاحمر خطوة على طريق التسامح وبداية مشجعة ستنعكس على الامن والاستقرار وتطبيع الاوضاع الغير مستقرة وستنعكس ايضا على الاداء في مؤسسات الدولة المختلفة.

لقاء التصالح لاقى ارتياحا شعبيا ومؤيدا بصفة عامة للتصالح ،  صحيح ان التصالح الذي جرى هو مؤتمري مؤتمري لكنه يعني التصالح بين اهم الفرقاء رغم غياب فرقاء اساسيين عن المشهد الا ان تمثيلهم قد تواجد ضمنيا بصورة غير مباشرة  .

قد يعتقد البعض ان جماعة الحوثي وتهديداتها العسكرية بإسقاط الدولة والنظام وراء هذه الخطوة وقد يعتقد آخرون ان السعودية هي من تقف وراءها ويعتقد آخرون ايضا ان المتغيرات هي من دفعت بالفرقاء للتصالح ،  وانا اقول هناك جزء صحيح من تلك الاعتقادات لكن الحقيقة الثابتة برأيي ان الفرقاء استشعروا مسئوليتهم الوطنية ووصلوا الى قناعة راسخة بأن العبث والرهانات الخاسرة قد تجاوزت حدودها وان استمرار العبث الذي طال الفترة الماضية قد يؤدي الى غرق المركب ( الوطن)  بمن عليه وان عملية الانقاذ عملية مشتركة.

لقاء التصالح اليوم يحمل دلالات كثيرة من حيث الاشخاص والمكان والمناسبة وهذا ان دل فإنما يدل على ذكاء وفراسة الرئيس هادي الذي اتقن ترتيب عملية التصالح ،  وانتقاءه الذكي الذي حصره في ثلاثة من اهم القيادات الرئيسية والتي تمثل ضمنا كل الاطراف  المؤثرة واللاعبين الرئيسيين في البلاد،  والحضور  الشخصي للرئيس السابق علي صالح واللواء علي محسن الاحمر والشيخ حمير الاحمر للتصالح في مسجد الصالح وفي يوم عيد الاضحى المبارك وبرعاية وطنية من فخامة الرئيس هادي تدل من حيث الاشخاص على تصالح مؤتمري مؤتمري ويمثله رئيس المؤتمر وأمين عام المؤتمر وحلفائهما وانصارهما  وهو تصالح مؤتمري اصلاحي ايضا ويمثله حضور الشيخ حمير الاحمر الذي يمثل عائلة آل الاحمر ومن وراءه القبيلة وحلفائهم ضمنيا حزب الاصلاح الذي اعتقد ان حضوره خطوة يؤيدها الاصلاح نظرا للتحالف القوي بين الاصلاح وبين آل الاحمر والقبيلة وحضور اللواء على محسن الاحمر يمثل الجناح العسكري بالدرجة الاولى " انصار الثورة " ويمثل ضمنا حلفاءه من الاطراف السياسية والقبلية والثورية هذا بالنسبة لدلالة اشخاص التصالح،   اما فيما يتعلق بدلالة التصالح مكانا وهو الشيئ الذي يشير برمزية الى ما يسمى بالنظام السابق الذي يحمل المكان اسم الرئيس السابق ويدل على تصالح بين الرئيسين السابق والحالي بالدرجة الاولى وهو تصالح بين قيادة المرحلة الحالية للبلاد وبين النظام السابق وتصالح بين قوى الثورة والدولة واعتراف ضمني بمكانة وحقوق النظام السابق  السياسية ،  ومن حيث دلالة التصالح زمانا فلا شك ان مناسبة دينية هامة مثل عيد الفطر المبارك تمثل نزولا والتزاما من الجميع عند مستوى احترام هذه المناسبة التي تعد محطة لتصفية النفوس وتهذيبها واعادة وشائج العلاقات بين الناس وانهاء الخصومات والاختلافات وبشكل عام ماحدث هو تصالح عنوانه ودلالاته حيثياته هي اليمن والمصلحة الوطنية وكل هذا جاء تلبية لدعوة الاخ رئيس الجمهورية او بمعنى اكثر وضوحا هي خطوة سعى لتحقيقها عمليا الرئيس هادي وهي خطوة محسوبة له بالدرجة الاولى وخطوة شجاعة لكل من حضروا وخاصة الرئيس السابق صالح  واللواء علي محسن والشيخ حمير الاحمر  وبشكل عام ومؤكد ان الحكمة اليمانية قد تجلت في هذه المناسبة الهامة والمطلوبة في ظل الاوضاع الاستثنائية التي يمر بها اليمن .

التصالح خطوة شجاعة يجب الاشادة بها وتشجيعها ومباركتها لان لا حل لمشاكل اليمن دون التصالح والمصالحة ، والتصالح لاعلاقة له بالتغيير والثورة والاستحقاقات المترتبة عليهما لان هذه الاستحقاقات تم تضمينها في بنود وثيقة مؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية ويجب التفريق بين ما حدث اليوم وبين متطلبات المرحلة .

والملاحظ والمخجل ان التسريبات التي بدأت تتناول المناسبة بعدد من الاشاعات تدل على انفعال البعض من الذين يستغلون الخلافات لتحقيق مكاسب شخصية ويعتبرون التصالح جريمة تستهدف مصالحهم فهؤلاء هم من يجب ان يتوقفوا او يوقفوا عن هذه الممارسة .

 وللمتشائمين ... يجب ان يعلموا ان البديل عن المصالحة هو الخراب والدمار وبصورة اكثر وضوحا البديل عن المصالحة هو دخول اليمن في نفق صراعات دائمة اسوة بما يجري في سوريا والعراق وليبيا وهذا ما لا يرضاه اي عاقل في اليمن .

حقيقة يجب الاعتراف بها ان اليمنيين اصحاب حكمة وان حكمتهم تجلت يوم عيد الفطر المبارك 1435هجرية – 2014م ، ولا يجب التركيز على الصورة لان المهم هو ما وراء الصورة ، وما نتمناه من المتصالحين وحلفاءهم هو اثبات حسن النوايا وترجمة التصالح الى واقع عملي ومواقف ملموسة وجادة .

لن نشيد بهذا اللقاء اكثر من هذا حتى نرى المواقف العملية واقعا ملموسا .. جعل الله عيدكم واعياد اليمن كلها فرحة وسرور .....

 

 

Total time: 0.0365