خبير اقتصادي يعتبر إدماج الرأسمال غير المادي لقياس القيمة الإجمالية للبلد وسيلة مثلى لتقييم حجم الثروات
بتاريخ 2014-08-05T22:26:25+0300 منذ: 10 سنوات مضت
القراءات : (6663) قراءة
الملك محمد السادس
اخبار الساعة - صنعاء: نادية عبدالملك
اعتبر الخبير الاقتصادي فؤاد بنصديق أن دعوة جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش إلى إنجاز دراسة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب ما بين سنة 1999 ونهاية 2013، من خلال إدماج الرأسمال غير المادي، " نقطة تحول في تقييم احتساب الثروة "بالمملكة. بنصديق ،مدير المناهج بوكالة التصنيف الدولية (فيغيو) التي يوجد مقرها بباريس، أكد أن " دعوة جلالة الملك احتساب الرأسمال غير المادي للمغرب وقدرته على خلق القيمة، مع أخذ قيمته وأصوله غير المادية بعين الاعتبار، أساسية لكونها ستشكل نقطة تحول في تقييم واحتساب الثروة ".
وقال الخبير المغربي الذي يصنف الدول وقدرتها على ابتكار الثروة ورأسمالها غير المادي إن "احتساب الثروة بهذه المقاربة الجديدة لن يقتصر على المقاربات المالية التقليدية والتي وإن كانت ستؤخذ دائما بعين الاعتبار إلا أنه ستتم مساءلتها، ووضعها في إطار منظور استشرافي في علاقتها بأبعادها المؤسساتية والاجتماعية والبيئية، وهنا سندرك أن الرأسمال غير المادي ثروة كبيرة ينعم بها المغرب ". وبالنسبة لبنصديق، فإن الرأسمال غير المادي هو مجموع الموارد الاجتماعية والمؤسساتية والبيئية التي تمكن جماعة ما من تحقيق تماسكها وخلق بشكل مستدام الأمن والتعاون والثروة.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الرأسمال غير المادي للمغرب، البلد العريق، ليس وليد اليوم، فهو " رأسمال غير مادي عريق زادت سرعة وتيرة تراكمه بفضل الإصلاحات التي تمت مباشرتها على المستوى المؤسساتي، والسياسي، والاقتصادي، خلال الخمسة عشر أو العشرين سنة الماضية " مضيفا أن هذا الرأسمال "يعد موردا خلفه لنا التاريخ وسنتركه لأبنائنا الذين لديهم حقوقا علينا ".
وأكد في هذا الصدد على ضرورة الاهتمام بحقوق، ومصالح وانتظارات الأجيال المقبلة على المستوى البيئي والاجتماعي والمؤسساتي "حتى نترك خلفنا مغربا قادرا على خلق الثروة". وفي مجال احتساب ثروة الدول، أشار الخبير الاقتصادي إلى " أن الكثيرين كانوا يعتقدون أن الرأس مال غير المادي لا يمكن احتسابه، ولا رؤيته". غير أن الخبير، يضيف أنه ومنذ سنوات قليلة، أظهرت التجربة على المستوى الدولي أن المؤشرات القائمة على عناصر مادية كمستوى المعيشة، والموارد الطبيعية، والأصول الاقتصادية والمالية، غير كافية لاحتساب الثروة الحقيقية لبلد ما وأنه " ينبغي، لتقييمها، مساءلة الحركية الاجتماعية والتقدم الاجتماعي والتوازنات البيئية"، مشيرا في هذا الصدد، إلى التماسك الاجتماعي، وكفاءة المؤسسات، وفعالية القضاء، واحترام القانون وحقوق الإنسان والأمن والتجديد وقدرة بلد ما على تسوية النزاعات بالطرق السلمية، وقدرة الفاعلين الاجتماعيين على الحوار والمحافظة على التوازنات البيئية والتنوع البيولوجي. وخلص السيد بنصديق إلى أن هذه الأبعاد الثلاثة تساهم مجتمعة في بناء ما يمكن أن "نسميه تنمية قائمة على الحاجيات وحقوق الناس"، معربا عن اقتناعه بأن " التنمية الحقيقية هي التي تدوم وتأخذ بعين الاعتبار مصالح الأجيال القادمة ".
وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد أصدر، في خطاب العرش الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، توجيهاته السامية إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتعاون مع بنك المغرب، ومع المؤسسات الوطنية المعنية، وبتنسيق مع المؤسسات الدولية المختصة، للقيام بدراسة، لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، ما بين 1999 ونهاية 2013 موضحا أن الهدف من هذه الدراسة ليس فقط إبراز قيمة الرأسمال غير المادي لبلادنا، وإنما لضرورة اعتماده كمعيار أساسي خلال وضع السياسات العمومية، وذلك لتعميم استفادة جميع المغاربة من ثروات وطنهم. وفي هذا الصدد قال جلالة الملك "وحتى لا يبقى التقرير الختامي لهذه الدراسة حبرا على ورق، أو مادة للاستهلاك الإعلامي فقط، فقد قررنا أن يتم نشره على أوسع نطاق، داعين الحكومة والبرلمان، وكل المؤسسات المعنية، والقوى الحية للأمة للانكباب على دراسة التوصيات البناءة التي يتضمنها، والعمل على تفعيلها".
وأشار جلالته إلى أنه "بما أن قياس الثروة غير المادية، يعتبر آلية للمساعدة على اتخاذ القرار، ندعو لأن يشمل الإحصاء العام للسكان، الذي سيتم القيام به خلال هذه السنة، المؤشرات المتعلقة بالرأسمال غير المادي للمغرب، بمختلف مكوناته". وكان بلاغ للديوان الملكي قد ذكر أن جلالة الملك أصدر توجيهاته السامية للسيدين نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وعبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب قصد العمل ، من خلال هذه الدراسة، على تبسيط المفاهيم وشرح المعايير المتعلقة بالرأسمال غير المادي، وكذا توضيح وتحيين المعطيات الوطنية في هذا المجال، لتمكين المغاربة من التعرف على وسائل وإمكانيات خلق الثروة وفرص الشغل.
واعتبارا لمكانته المتزايدة في عملية اتخاذ القرار، فقد أكد جلالة الملك، حفظه الله،على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار للرأسمال غير المادي خلال إعداد السياسات العمومية، وأن يشمل الإحصاء العام للسكان، الذي سيتم القيام به خلال هذه السنة، المؤشرات المتعلقة بالثروة غير المادية. وأوضح البلاغ أن التوجيهات الملكية السامية تقتضي ، أيضا ، بالتنسيق مع المؤسسات الوطنية المعنية والتعاون مع المؤسسات الدولية المختصة، وذلك لإضفاء المزيد من الدقة والمصداقية على هذه الدراسة، وكذا العمل على نشر وتعميم التقرير النهائي، والانكباب على تفعيل التوصيات البناءة التي يتضمنها.