ضمن هذا الشد لدقِّ عظم الرقبة يجيء قانون "شاليط" والذي يهدف إلى تجريم التفكير في أسر جنود إسرائيليين، ويهدف إلى تحريم تحرير أسرى فلسطينيين، قانون "شاليط" الذي يكشف عن نفسيه اليهودي الذي لا يرى غيره جديراً بالحياة، حين تصادق اللجنة الوزارية لشئون التشريع على اقتراح عضو حزب الليكود "داني دانون" الذي يشدد العقوبات على الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مثل: عزل أي أسير عن باقي الأسرى، وتقليص زيارات المحامين إلى الحد الأدنى، وتقليص زيارات عائلات الأسرى المسموح فيها، ومصادرة أجهزة التلفزيون، والتوقف عن توفير الصحف والمجلات، وعدم السماح لهم بتلقي التعليم داخل السجون.
ورغم ثقتي أن الأسرى الفلسطينيين لن يقايضوا تحررهم من السجون بمنافع مؤقتة، إلا أن هذا الجرم الإسرائيلي يتوجب ألا يتصدى له الأسرى بأمعائهم، وإنما يتوجب على الشعب الفلسطيني أن يحارب معركتهم، وأن يصرخ بحناجرهم، وهو يعلن عن موقف فلسطيني موحد؛ يجمع على حقهم في التحرر من السجون، ولا يقتصر على تحسين شروط حياتهم في الأسر، وعلى السلطة الفلسطينية أن تعلن رفضها تقسيم السجناء الفلسطينيين وفق انتماءاتهم السياسية، وأن ترفض حرمان الأسرى من الامتيازات التي حصلوا عليها نتاج إضرابات عن الطعام، واحتجاجات كلفتهم الدم، وأن تتخذ السلطة الفلسطينية خطوات تصعيده لفضح ومواجهة الجرم الإسرائيلي، ولو أدى الأمر إلى وقف مفاوضات التقارب، وأن تنقل وجع السجناء الفلسطينيين إلى مستوى جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، وألا تكتفي بدور المراقب، والمشارك بصمته، أو بنطقه في تحميل المسئولية لرجال المقاومة الذين أسروا الجندي الإسرائيلي "شاليط"، وكأن رجال المقاومة دولة مستقلة، لهم ممثلهم في الأمم المتحدة، ولهم سيادة على الأرض لا تجتازها الدبابات الإسرائيلية، ولهم حدود برية، وبحرية، وأجواء لا يسمح القانون الدولي للطيران الإسرائيلي باختراقها.
الأسرى الفلسطينيون سيحتملون العذاب، وهم يتأملون الحرية، ويأملون بغدهم النقي، ولن يفرطوا بالثوابت التي من أجلها مضغوا مرَّ السجن، ولن يكونوا أداة ضغط، فهم يعرفون معادلة الصراع أكثر من الذين يركب حراسهم السيارات المكيّفة، ويسافرون في كل الدنيا، ويغفون أمام الفضائيات من شدة الامتلاء، ويستيقظون على برامج هيفاء.