أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

حرب المذاهب والشرق الاوسط الجديد

- ابو معتز بشير
بعيدة هي صورة العالم العربي الذي كان يضج في ستينات وسبيعنات القرن الماضي بالافكار القومية العابرة للطوائف والمذاهب والانتماءات الدينة والعرقية على انواعها . لقد اضمحلت هذه الافكار منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين وبدا الصراع الطائفي يتغلغل في مجتمعات المنطقة ويقسم شعوبها ليتحول منذ سقوط نظام صدام حسين الى مواجهة مذهبية مكشوفة بين سنة وشيعة.

لقد تطورت هذه المواجهة لتنتقل نارها الى المنطقة باكملها التي تفككت معالم مؤسساتها الحكومية وتحولت جغرافيتها الى ساحة قتال تحت شعارات وتسميات علنية هي عمليا صحوة لمارد الحرب النائمة في قمقم التاريخ بين الشيعة والسنة منذ مقتل الامام الحسين على يد الأمويين السنة في معركة كربلاء عام 680.

 

 

بعيد في الذاكرة هو عصر ما بعد الاستعمار حيث ازدهرت شعارات خلق هوية عربية وطنية شاملة. حينها كان العراق و سوريا البعث يفاخران بانهما انموذج فسيفساء المذاهب واوطان الاقليات الدينية والعرقية المتعايشة تحت راية المواطنة ويتنافسان مع مصر الناصرية في اعلاء شان القومية العربية .

 

قد يعيد البعض صحوة العصبية المذهبية الى قيام الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979، والتي اعتبرت ضربة للافكار القومية وصحوة للشيعة الذين يعتبرون انفهسم مضطهدين في كل مكان. وجاء رد فعل السنة في العرب العراقية الايرانية في العام 1980 التي وصفت بأنها الحرب العربية ضد الفرس .

 

الطائفية التي تعكس الاختلافات الدينية الحقيقية اصبحت مرتبطة بالحفاظ على السلطة والموارد . ففي العراق انتقل الحكم من اقلية سنية الى اكثرية شيعية وفي سوريا بدات الثورة مطالبة بالاصلاح لتصبح مطالبة بحق السنة بنظام لا تتحكم فيه اقلية علوية وفي البحرين، تطالب الغالبية الشيعية باخذ حصتها التمثيلية في حكم الاقلية السنية .

 

مع دخول تنظيم الدولة الاسلامية الى ساحة الصراع ، تحولت طبيعة المواجهة التي اطلقها اسامة بن لادن ضد الولايات المتحدة والغرب تحت شعار محاربة اعداء الاسلام الى حرب السنة ضد الشيعة .

 

التفجيرات الارهابية في المملكة العربية السعودية وفي الكويت واحداث اليمن التي تضاف الى الحرب في العراق وسوريا تعبر عن صراع مذهبي ولكن الطائفية ليست السبب الوحيد للنيران المشتعلة في منطقة الشرق الاوسط . في ليبيا السنية الصراع قبلي على السلطة والنفوذ، في تونس السنية الصراع على نهج يريد ان يكون وريثا لعلمانية دولة بورقيبة واخر يريد ان يكون حكم الدين .

 

في مصر، ثورة عام 2011 ولدت الصراع نفسه بين نهجين لاتباع دين واحد جعل الاقلية القبطية مستهدفة .

والخلاصة هي انه اذا كان الربيع العربي انطلق بانتفاضة على وضع معيشي ماسوي وعلى انظمة قمعية فانه اصبح ترجمة عملية لمشروع اطلقته وزيرة الخارجية الاميركية الاسبق كونزاليسا رايس تحت مسمى الشرق الاوسط الكبير

Total time: 0.092