اخبار الساعة - متابعة
أفرجت السلطات الأمنية في مدينة عدن (جنوبي اليمن) اليوم الاثنين، عن الصحفي أحمد شوقي أحمد بعد اعتقاله لمدة أيام بتهمة «العمالة لإيران»، وبعد تدخل قيادات أمنية ومحلية رفيعة في المدينة الساحلية والعاصمة المؤقتة للبلاد.
لكن قضية اعتقاله كشفت العور وحجم الخلل في المدينة المفترضة بأن تكون النموذج الفعلي لعودة الدولة اليمنية، وتثبيت شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بعد انقلاب الحوثيين وقوات صالح على سلطاته أوائل العام الماضي.
وروى شوقيلـ«المصدر أونلاين» قصة اعتقاله بالإضافة لاعتقال مدنيين آخرين من قِبل الفصائل التي توصف نفسها بالمقاومة، وقال أنه قبل اسبوعين اتجه من مدينة تعز إلى عدن لغرض تجديد جواز سفره، وبعد أيام وجد نفسه في السجن برفقة مجرمين في المعتقل بتهمة «العمالة لإيران».
وقال «وضعت جوازي للسلطات يوم الخميس وعدت الأحد لاستلام الجواز المجدد، وتفاجأت بأن الموظف يماطلني وبعد وقت قال بأنني مطلوب للحراسة، لم أفهم معنى ذلك، وفي نهاية الدوام وصل أحد الأمنيين وقال لي، ما قصة التأشيرة لإيران؟».
وكان شوقي قد سافر إلى طهران من أجل الدراسة في العام 2013.
وأضاف بأن رجل الأمن أخبره بأن يعود في غد اليوم التالي، وحينها خضع لبعض التحقيقات في مقابل أنه عرّف بنفسه بانتمائه لمقاومة تعز، «سألوني من أعرف، وضعت لهم اسم قائد المقاومة حمود المخلافي ليردوا عليّ بأنهم لا يعرفونه، ثم طرحت عليهم اسم عدنان الحمادي وكان الرد بأنهم لا يعرفونه، فسردت لهم قيادات المقاومة في عدن واصدقاء لي».
كانت تلك الانفراجة في قصة اعتقال شوقي، لكنها كانت مؤقتة، فتلك اللحظة رافقه مسلحون إلى مكتب مدير الأمن شلال شائع، وما لبث دقائق حتى حُول إلى البحث الجنائي ليخضع للتحقيق.
يقول «تفاجأت بأن حديثاً بين الجنود والمسؤولين في إدارة البحث يدور حول القبض عن الإيراني، تفاجأت أكثر بأن الإيراني المعني بأنه أنا»، وفي التحقيق كان الضابط يضرب طاولته بكماشة ويتهم شوقي بالعمالة لإيران وما إلى ذلك، وبأن الجزاء سيكون قطع أصابعه وتعذيبه ومن ثم قتله.
«إذا أنا ذهبت لإيران بُغية الدراسة فهناك أكثر من قائد للحراك ما يزالون يتوافدون لإيران»، كانت تلك العبارة التي حاول شوقي دحض التهمة، لكنها أثارت الضابط المحقق والجنود الآخرين.
من ضمن الاتهامات التي وُجهت لشوقي، بأنه مشترك في مجموعات على برنامج المراسلات الفورية «واتس أب» وبأن أحدهم في المجموعة «سبّ السعودية»، لكن التهمة الأخطر كانت بأنه من ابناء تعز وشمالي.
بعد لحظات كان حرس المنشآت وهم مقاتلون ينتمون للمقاومة يجردون شوقي من هاتفه وكل ما يملك حتى فاتورة المغسلة، وحولوه للسجن مع ذوي الجرائم وأخبروه بأن ينتظر القائد أو آمر السجن.
وكان الجنود يتهمونه بـ«الإيراني»، ومن ثم حُول إلى معتقل آخر.
بعد أن وصلت قصة اعتقال شوقي للرأي العام، تدخل مسؤولون أمنيون ومحليون للإفراج عنه، وكان آمر السجن يرفض كل المحاولات، بل لا يعترف بأي أحد منهم بما فيهم وكيل محافظ عدن ورئيس المجلس الأهلي فضلاً عن مندوب الرئاسة.
قال شوقي الذي عمل محرراً في صحف الوحدوي والأولى وحديث المدينة والشارع ومراسلاً لصحيفة العربي الجديد لـ«المصدر أونلاين»، بأن هناك بون شاسع بين سلطات الدولة والمقاتلين المسيطرين على الأرض، فآمر السجن يرى بأن سلطاته أكبر من سلطات الرئيس هادي.
واستدل بأنه اثناء التحقيقات كان الضباط يرددون «لا نعترف بهادي ولا بأي أحد»، وحين اعترض على القيادي (...)، صاحوا في وجهه وهموا بالاعتداء عليه معترضين «ما اعجبكش (...)».
وحين وجه وزير الداخلية حسين عرب بالإفراج عنه، أثار التوجيه اسئلة كثيرة لمعتقليه من بينها «لماذا يُفرج وزير الداخلية عنك، رغم عدم وجود أي تهمة منسوبة لي».
وأكد شوقي إن العشرات من المعتقلين في سجون المقاومة هم من ابناء تعز، وتم اعتقالهم بناءً على الهوية وبأنهم «مشتبهين» من ضمنهم مقاتلين في مارب، وبأن سلطات المعتقلات لا تسمح لأحد بأن يتواصل مع ذويه.
وقال إن قيادات المقاومة والمخولة بضبط الأمن وإدارة المعتقلات لا يدامون، مما شكل محنة مضاعفة للمعتقلين بالإضافة إلى أنهم يشكلون عائق حقيقي لسلطات الدولة.
وتغيب السلطات الرسمية للدولة في مرافقها، ناهيك عن أن المدينة تغرق في الفوضى رغم عودة الرئيس هادي منتصف نوفمبر من العام الماضي، وعودة نائبه ورئيس الحكومة خالد بحاح اليوم الاثنين، فيما لا يكاد يمر يوم دون أن يُنفذ مسلحون مجهولون عملية اغتيال.