يسهم شهر رمضان المبارك في إيجاد فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل في اليمن بعدما زادت نسبتهم في ظل الثورة الشعبية السلمية المطالبة بإسقاط النظام، ما يساعد في التخفيف من نسبتهم إلى حد ما، خاصة مع زيادة الاستهلاك في الجانب المعيشي من قبل أفراد المجتمع في مثل هذا الشهر، حيث يجد الآلاف من الشباب اليمنيين أنفسهم مضطرين لتوفير احتياجاتهم الضرورية، ويضمنون في هذا الشهر أرباحاً تفوق أرباح بقية أشهر السنة من خلال عرض منتجاتهم من مختلف الوجبات التي تزخر بها المائدة اليمنية .
وتشير التقارير الرسمية إلى ارتفاع معدلات نسبة البطالة في البلاد إلى مستويات قياسية بلغت نحو 35%، فيما تؤكد دراسات اقتصادية محلية وعربية أن نسبة البطالة في اليمن تتجاوز ال 40%، وترجع المصادر الرسمية ارتفاع نسبة البطالة إلى تأثيرات الأزمة المالية العالمية على قطاع العمالة، وتدهور الاقتصاد الوطني المصاحب للثورة الشعبية السلمية وعدم توافر فرص عمل جديدة وانعكاس الخفض الحكومي على الأنشطة الاقتصادية الأخرى .
يقول الشاب إبراهيم الحيمي، الذي اتخذ من ركن في مدخل أحد الأسواق في العاصمة صنعاء لبيع الحلويات طوال شهر رمضان، إن هذا الشهر يأتي ويأتي معه الخير والرزق الوفير على كثير من الناس، فهو موسم لدى الكثيرين للعمل بسبب زيادة الطلب والقوى الشرائية على الحلويات المصنعة في المنازل .
ويلاحظ الإقبال الكبير على الحلويات الشعبية مثل “الرواني” و”الشعوبية” و”القطائف” التي تعد من لوازم المائدة اليمنية عند الإفطار التي اعتاد الكثير من الناس على تناولها خلال هذا الشهر الفضيل، الأمر الذي جعل الشاب عبدالقوي مكرد ومئات العاطلين عن العمل يقومون بإعداد تلك الحلويات والوجبات رمضانية، ويرجع أسباب قيامه ببيع أنواع الحلويات لزيادة الإقبال عليها في رمضان من قبل المستهلك، حيث يبدأ إبراهيم مع أسرته الاستعداد للعمل مع أول أيام رمضان حيث يصنع الحلويات الشهية التي تجيد صناعتها الأسر اليمنية ويقوم ببيعها طوال أيام الشهر . وعن المردود في رمضان يقول إن الرزق في رمضان يزيد والخير يعم الجميع، ويعتبر موسماً للجميع الذين يعملون هذه الأيام للحصول على الرزق، وقال: “نستطيع تأمين احتياجات الأسرة لعدة أشهر إلا أن القوة الشرائية هذا العام انخفضت إلى النصف، مقارنة بالأعوام السابقة نتيجة الوضع المالي المتردي للمستهلك اليمني في ظل الثورة الشعبية القائمة المطالبة بإسقاط النظام” .
أما عبدالله الصبري، الذي يُهيء نفسه في شهر رمضان لبيع المصاحف والكتب الدينية والمسابح ويتخلى عن مهنة بيع العطور فيقول ل”الخليج”: “في شهر رمضان من كل عام أهيئ نفسي للعمل الجديد في بيع المصاحف والمسابح حيث يزيد الإقبال على شرائها بشكل أكبر من الأيام الأخرى”، مشيراً إلى أنه بعد شهر رمضان يعود لمهنته القديمة في بيع العطور ليستطيع توفير احتياجات أسرته .
وليس الصبري وحده الذي يستفيد من شهر رمضان فالشاب مجد العمدي الذي يأتي من الريف إلى العاصمة صنعاء للعمل في هذا الشهر لكي يستطيع توفير متطلبات أسرته الضرورية في رمضان حيث يفترش أحد أرصفة شارع هائل في العاصمة صنعاء لبيع الملابس الذي يستعد منذ أول أيام هذا الشهر بحجز مكان مناسب لعرض الملابس وضمان سهولة الوصول إليه من المواطنين .
العمل الموسمي في شهر رمضان لا يقتصر على الرجال فقط، بل والمرأة أيضاً، التي تجعلها زيادة متطلبات هذا الشهر الفضيل وارتفاع الاستهلاك تقوم بالمبادرة في العمل بوتيرة عالية خلال رمضان من أجل مواجهة حاجات الأسرة ومتطلباتها، حيث يكون المطلوب من النساء سد طلب المنتجات المنزلية أو إعالة الأسرة، أو تحسين دخولهن فتعمل الكثير منهن في تحضير وبيع الوجبات الغذائية خاصة المعمولة في المنازل التي يزداد الطلب عليها في رمضان .
وتحرص أم أحمد لطف على إعداد الخبز والفطائر في المنازل باكراً قبل صلاة الظهر التي يزيد الإقبال عليها في مختلف مناطق ومدن البلاد، بخاصة الجبلية منها، حيث تعرض أم أحمد للبيع ما تقوم بإعداده في المنزل من خبز يدعى “اللحوح” و”الملوج” في مدخل صنعاء القديمة بجوار أربع من رفيقاتها .
وتشير أم أحمد إلى أن الإقبال الكبير في رمضان على خبز اللحوح الذي يحرص اليمنيون على العمل منه طبق “الشفوت”، وهو عبارة عن مادة اللحوح المصنوعة من القمح والذرة على هيئة أقراص رقيقة متوسطة وكبيرة مضاف إليها اللبن والثوم والفلفل الحار .