يمضي الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أيامه الأخيرة في الرياض بمشاورات مكثفة جمعته مع وسطاء إقليميين ودوليين، وكذلك مع أركان نظامه الذين استدعاهم لاجتماع طارئ احتضنته العاصمة السعودية لاتخاذ قرار نهائي حيال الخطط الدولية المقترحة للخروج من أزمة نقل السلطة، استناداً إلى بيان مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى عملية انتقالية تلبي مطالب الشعب اليمني في التغيير .
ورأس صالح ليل الأربعاء اجتماعا في مقر الضيافة الملكية بالرياض ضم بعض مسؤولي الحكومة وقادة حزب المؤتمر الحاكم، حيث أفادت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” أنه بحث في مستجدات الأزمة اليمنية وبيان مجلس الأمن؛ فيما أكدت دوائر سياسية أن صالح عرض على القياديين في حزبه وحكومته مطالب المجتمع الدولي بتنحيه والشروع الفوري بإجراءات نقل سلطاته إلى نائبه استناداً إلى المبادرة الخليجية ورؤيته حيال هذه المطالب .
وبحث المجتمعون في مبادرة سعودية لحل الأزمة اقترحت تعديلاً على المبادرة الخليجية يتيح للرئيس صالح البقاء رئيساً فخرياً حتى نهاية العام الجاري على أن يمضي الفترة المتبقية من العام الجاري في المملكة العربية السعودية مقابل إعلانه نقل سلطاته إلى نائبه الفريق عبدربه منصور هادي بصورة فورية والشروع في تنظيم انتخابات بحلول نهاية العام الجاري .
وتزامن الاجتماع مع مشاورات أجرتها قوى المعارضة وشركاؤها لتأليف مجلس وطني لقيادة الثورة، قالت دوائر سياسية إنه يحظى بتأييد أمريكي وأوروبي وخليجي وربما يكون حلاً بديلاً في رفض صالح إعلان نقل سلطاته إلى نائبه وتنفيذ المبادرة الخليجية .
لكن الرئيس صالح أكد خلال اجتماعه مع أركان نظامه في الرياض التزام حزبه المؤتمر في البحث عن حلول للقضايا، وحل الخلاف مع المعارضة والاستمرار في التعامل الإيجابي مع المبادرة الخليجية والبحث عن آلية مناسبة لتنفيذها تتيح انتقالاً سلمياً وسلساً للسلطة وفقا للدستور”، ما اعتبر إعلاناً رسمياً برفض سائر المبادرات التي تدعوه للتنحي الفوري وعدم العودة إلى اليمن خصوصاً أنه شدد على ضرورة قبول سائر الأطراف بما في ذلك الطرف الخليجي ب”آليات جديدة لتنفيذ المبادرة الخليجية تتيح تأليف حكومة وحدة وطنية تشرف على انتخابات رئاسية تنافسية تترجم مبدأ التداول السلمي للسلطة” .
وإذ أخفقت جهود قادها المستشار السياسي للرئيس صالح الدكتور عبدالكريم الإرياني وعدد من المسؤولين في الحكومة في إقناع الرياض تبني مشروع لتعديل المبادرة الخليجية، أكد مسؤولون أن صنعاء لا تزال ترفض “التعامل مع المبادرة في معزل عن التطورات التي شهدها اليمن مؤخرا خصوصا ما تعده” أكبر جريمة اغتيال سياسي استهدفت النظام برمته في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس صالح وأركان نظامه في القصر الجمهوري فيما اعتبرته صنعاء مكافأة للقتلة على جريمتهم ومنحهم حصانة من الملاحقة” .
وقياساً إلى مطالب دولية بالشروع بإجراءات نقل السلطة وإرجاء أية قضايا أخرى اعتبرت صنعاء الموقف الخليجي والدولي المؤيد لفكرة تطبيق المبادرة الخليجية، دون الأخذ بعين الاعتبار المستجدات والأحداث الأخيرة قد يكرس حال الانقسام السياسي وسينقل الأزمة من حال الانسداد إلى انفجار حرب أهلية” .
وترى صنعاء أن هناك حاجة للانتقال إلى “رؤية جديدة تنطلق من وعي بجذور الأزمة وطبيعة المشهد السياسي وحساسيته وتعقيداته وبما يضمن إخراج اليمن من أزماته المركبة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب ويُحقق مبدأ المصالحة الوطنية بين مختلف الأفرقاء كون ذلك طوق النجاة الوحيد لإنهاء أزمات اليمن ووضعه في المسار الصحيح” .
والأكثر من ذلك فإن صنعاء ترى في المبادرة الخليجية “إقحاما للبلد في حال من الفراغ الدستوري، وشرعنة للعنف المسلح والتصفيات السياسية كوسيلة للوصول للسلطة” .