بالتوازي مع الاتهامات التي تُوجه للنظام السوري في قمعه للمحتجين المطالبين بإسقاط النظام، تُتهم جهات مقربة من الحكومة السورية تطلق على نفسها اسم "الجيش السوري الإلكتروني"، وتنشط على مواقع الإنترنت؛ بقمع الناشطين المعارضين، والتسويق للرواية الرسمية تجاه الثورة السورية عبر اختراق مواقع إلكترونية وتعطيل صفحات على الفيسبوك.
ويقوم الجيش الإلكتروني لهذا الغرض بإرسال رسائل تهديد مباشرة وشتم مناصرين للاحتجاجات السورية، واختراق مواقع وصفحات عالمية وإخبارية تتحدث عن مجريات الأحداث السورية، وصفحات الناشطين السوريين على المواقع الاجتماعية، ونشر عبارات وصور مناصرة للرئيس السوري بشار الأسد، حسب قول المعارضة ومراقبين.
وبحسب مدير موقع الجيش الإلكتروني على الإنترنت، والذي يعتقد أن يكون "عمّار إسماعيل"، في تصريح لصحيفة "بلدنا" السورية التي تحفظت على ذكر اسمه؛ فإن علي فرحة وصديقه حاتم ديب اللذان يدرسان الكومبيوتر بإحدى الجامعات السورية الخاصة، تعاونا لإنشاء مجموعة على الفيسبوك تحت اسم "الجيش السوري الإلكتروني".
ووفقاً لمدير الموقع، فقد وصل عدد الطاقم التقني إلى 150 شخصاً، وطاقم الإدارة إلى 8 أشخاص، بعد أن كوّن علي وصديقه مجموعة كبيرة من الأصدقاء غالبيتهم يدرسون في الجامعات.
وينفي أعضاء "الجيش السوري الإلكتروني" أية علاقة لهم بالحكومة السورية، معتبرين أنهم شباب متطوعون جامعيون لا ينتمون لأي منظمة أو حزب، حسب زعمهم.
وأشاد الشيخ أحمد حسون، مفتي سوريا، بمعركة التكنولوجيا التي يخوضها أعضاء الجيش، كما أشاد بعملياته الرئيس السوري بشار الأسد خلال خطابه في العشرين من يونيو/حزيران الماضي، الذي دعا عبره إلى الاقتداء بكوادر "الجيش الإلكتروني"، معتبرا إياهم نخبة الشباب السوري وقدوة جيل سوريا الجديد.
اتهامات بتلقي دعم إيراني
ويصف ناشطون سوريون حكومة بلادهم بممارستها "التشبيح الإعلامي"، ودعمها "شبيحة إلكترونيين" يقومون بشتم معارضين وإعلاميين وسياسيين، وتوجيه التهديدات المباشرة لهم وتخريب صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعية واختراق المواقع الإلكترونية.
وتتهم جهات معارضة وناشطون على الإنترنت الحكومة السورية بتقديم الدعم المباشر للجيش الإلكتروني، فيما تحدثت تقارير إعلامية عن تلقيه مساعدات إيرانية مكنته من اختراق مواقع عالمية مهمة.
وتعتقد أطراف أخرى معارضة، بضلوع شخصيات قريبة من الحزب الحاكم في ما تتعرض له وسائل الإعلام الإخبارية من هجمات ومضايقات رقمية ووصفها بالتحريض على إثارة الفتنة في سوريا والتشجيع على التدخل الخارجي فيها بسبب مواقفها القومية.
ويتساءل بعض المهتمين فيما إذا كان الجيش السوري الإلكتروني، هو فرع من فروع جهاز الاستخبارات السوري يحاول النظام عبره نشر "بروباغندا" رقمية وديماغوجيا جديدة، ذات طابع افتراضي، حسب ما ذكرته تقارير إعلامية.
وقالت إذاعة "إن بي آر"، الأميركية شبه الحكومية في وقت سابق، إن دفاع الجيش الإلكتروني عن نظام الأسد وهجومه العنيف على معارضيه يمكن أن يكون دليلاً على أنه ممول من جانب النظام.
وقال مراقبون في واشنطن إن مواقع إلكترونية أميركية رئيسية اشتكت من المتطفلين الهاكرز. وأوضحت تحقيقات قامت بها هذه المواقع أن الجيش الإلكتروني السوري يقف وراءها.
واشتكت وزارة الخزانة خلال الأشهر السابقة من هؤلاء المتطفلين، وقال الخبراء إن موقع الوزارة تم استهدافه "ربما لأن الوزارة كانت أعلنت إجراءات عقابية صارمة ضد الرئيس الأسد وكبار مستشاريه وقادة الجيش السوري"، حسب صحيفة "الشرق الأوسط".
ونقلت الصحيفة عن جوش لانديس، وهو أكاديمي أميركي يكتب في مدونة على الإنترنت عن التطورات في سوريا قوله، "إن إيران تقدم مساعدات إلكترونية هائلة للسوريين الذين يقودون حملة الجيش الإلكتروني، وإنه عندما بدأت المظاهرات المعارضة في سوريا كان رد الحكومة السورية هو محاولة إغلاق الاتصالات داخل سوريا وعزل سوريا إلكترونياً عن العالم الخارجي ومنع الصحافيين الأجانب من دخول سوريا"، مضيفا أن خبراء إلكترونيين واستخباراتيين إيرانيين ساعدوا في ذلك.
ويُقسم الجيش السوري الإلكتروني حسب ما أوردته وكالة الأنباء السورية في تقرير لها، إلى أقسام عديدة.
ويُتهم الجيش الإلكتروني بنشر تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي واختراق الصفحات الشخصية وصفحات "تنسيقيات الثورة" وتعطيلها. فيما يقوم آخرون بتوجيه رسائل تهديد إلى إعلاميين عرب ومعارضين سوريين، في حين يتخصص بعضهم في اختراق مواقع عالمية ونشر صور وأقوال مؤيدة للرئيس الأسد عبر هذه الأقسام.
وتشرح ما تُطلق على نفسها "وحدة العمليات" في الجيش الإلكتروني، طرقا عديدة للهجوم على صفحات الفيسبوك والمواقع الإلكترونية، إما عبر كتابة تعليقات مكثّفة على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، أو شن حملات للإبلاغ عن الصفحات المعارضة على موقع الفيسبوك مما يؤدي إلى إغلاقها من قبل إدارة الموقع.
كما تعتبر "وحدة العمليات" أن هناك طرقاً أخرى للهجوم على المواقع عبر اختراقها، "حيث يتم التواصل مع مدراء الموقع أو مدراء الصفحة من أجل التنسيق لعملية هجوم جماعية"، حسب ما يذكره الموقع الرسمي لهذا "الجيش".
وقامت إدارة موقع الفيسبوك، بإغلاق صفحة الجيش أكثر من 50 مرة بسبب تحريضه على أعمال العنف والكراهية وعدم احترم شروط التواصل المعمول بها على شبكة الإنترنت.
واشتكى الكثيرون من تعرُّضهم لاختراق صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أكد آخرون، منهم إعلاميون من الدول العربية، تلقيهم تهديدات عبر البريد الإلكتروني، بسبب ما اعتبرته مضامين التهديدات "فبركة الأخبار، وإشاعة الفتنة" في سوريا.
ونشر الجيش الإلكتروني على صفحته على الإنترنت في وقت سابق أرقام هواتف فنانيين سوريين أعلنوا تأييدهم للثورة السورية. معقباً "هذه أرقام العراعرة لمن يود أن يبدي رأيه بهم مباشرة".
وتطاول بالتهديد على عدد من المعارضين السوريين في الخارج، معلناً على لسان مؤسسه أنه سينتقم من ذوي المعارضين الموجودين في الداخل، دون أن يحدد ماهية ولا طريقة هذا الانتقام.
اختراق مواقع عالمية
وأعلن موقع الجيش الإلكتروني على الإنترنت، اختراقه موقع جامعة هارفرد المعروفة، ومواقع أمريكية أخرى في الولايات المتحدة، كما أعلن عن اختراق مواقع حكومية بريطانية وتركية، وموقع الفنان السوري علي فرزات، والمغنية أصالة نصري، اللذان أعلنا تأيدهما للثورة السورية خلال الأشهر الأخيرة.
في المقابل، قام ناشطون سوريون معارضون لنظام الأسد باختراق العشرات من المواقع الحكومية منذ اندلاع الثورة السورية في 15 مارس/آذار الماضي. وأعلن الناشطون اختراقهم لموقع حزب البعث السوري والتلفزيون الرسمي وجرائد حكومية، وموقع الاتصالات والبريد.
وقال أحد الذين اخترقوا موقع حزب البعث والتلفزيون السوري في تصريح سابق لـ"العربية.نت"، إنه قام بوضع صور وأغان مؤيدة للثورة في هذه المواقع التي اخترقها بسهولة بسبب تواجد ثغرات تقنية عديدة حسب قوله، قبل أن يتم القبض عليه في شهر مايو/أيار الماضي والإفراج عنه في وقت لاحق.