أخبار الساعة » حقوق وحريات » اخرى

اثناعشر الف مدني تم اخضاعهم لمحاكمات عسكرين منذ الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك في شهر فبراير

- عبد الكريم الحزمي

في ظل التدهور المتواصل الذي تشهده العلاقة بين الناشطين المؤيدين للديمقراطية والمجلس العسكري الحاكم في مصر خلال مرحلة ما بعد الثورة، أصبحت المحاكمات العسكرية للمدنيين مصدراً مستمراً للقلق.

فحسب منظمة هيومان رايتس ووتش (Human Rights Watch) تم حتى شهر سبتمبر إخضاع حوالي 12 ألف مدني لمحاكمات عسكرية منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في شهر فبراير. وعادة ما تنبني هذه المحاكمات على تهم مثل السرقة وحيازة الأسلحة أو البلطجة. ولم تقم المحاكمات بتبرئة سوى أقل من 1000 شخص، في حين مازال أكثر من 7000 شخص آخر محتجزين داخل السجون. أما الباقون فقد حصلوا على أحكام بالسجن مع وقف التنفيذ، وهو ما يتركهم عرضة للسجن في أية لحظة إذا ما تجرؤوا على إغضاب المجلس العسكري مرة أخرى.

ويرى العديد من النشطاء أن الكثير من الاعتقالات تمت بشكل لأسباب سياسية واضحة وأن المحاكمات العسكرية تفتقر للمعايير الأساسية للنزاهة. ويتم محاكمة معظم المتهمين من قبل ضابط عسكري دون إعطائهم فرصة الحصول على الاستشارة القانونية. كما يتكرر رفض الأدلة والشهود الذين يقدمهم الدفاع. وعادة ما يتم محاكمة المتهمين في مجموعات وإصدار أحكام جماعية، حتى وإن تم القبض على المحاكَمين في مواقع وظروف مختلفة تماما عن بعضهم البعض. وقد اشتكى الكثير من المتهمين من أنه لم يُسمَح لهم بالحديث سوى مرة واحدة فقط أثناء المحاكمة ليدلوا بأسمائهم أو يؤكدوا حضورهم. ويرى النشطاء أن المحاكمات في معظم الحالات ليست إلا إجراء إداري أكثر من كونها إجراءً قضائياً.

ومن المتوقع أن يواجه أيضا 20 محتجاً كان قد ألقي عليهم القبض أثناء ما يسمى بمجزرة ماسبيرو يوم 9 أكتوبر محاكم عسكرية.

وفي هذا السياق، كان محمد عبد الله علي أحد النشطاء الأوائل الذين خضعوا لمحاكمة عسكرية. فقد تم إلقاء القبض عليه مع حوالي 100 شخص آخر في احتجاج في ميدان التحرير بالقاهرة يوم 9 مارس وتم محاكمته بتهم التخريب وحيازة الأسلحة. وكانت مجموعته من بين المجموعات المحظوظة، حيث تم إطلاق سراحهم بعد حوالي شهر من السجن قام خلاله عدد من النشطاء بتنظيم حملة مناصرة لهم. ولكن المجموعة لم تنج من أحكام بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ.

وقد حكى محمد قصته أثناء لقاء تم عقده سابقاً في مركز الدراسات الاشتراكية بالقاهرة. وجاء في قوله:

"الكل يعرف أننا خضعنا للمحاكمة وأن المحاكمة كانت في المطبخ. كان القضاة ووكيل النيابة موجودين. وكانت يدي وكيل النيابة مشغولتين، حيث كانت إحداهما تمسك بجهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز واليد الأخرى تمسك بعصا كهربائية وكان يضع رجله فوق الأخرى. كما كان هناك ضابط آخر يجلس واضعاً قدميه على المكتب ويقلب بين القنوات. كانت لديه إفادة مكتوب مسبقاً بالطريقة التي يريدها.

"وإذا قلت شيئاً لم يعجبه، تتعرض للصعق الكهربائي من قبل الضابط. وبذلك فهو يتجاوز دوره الخاص أو الوظيفة المسندة إليه والمتمثلة في التحقيق وتسجيل الأقوال. لكن لا، هم يأخذون على عاتقهم القيام بما كان يقوم به ضباط الشرطة في عهد مبارك، وهو ما ثرنا ضده.

"إننا مازلنا نواجه نفس النظام القديم في شكل جديد. وأكرر مازلنا نواجه نظام الحكم الديكتاتوري القديم في شكله الجديد. وأود أن أقرأ قصيدة كتبتها مجموعتنا عندما كنا في السجن:

أصبحت فقلت الحلم تحقق،
لا أحدا من حولي تملق،
الدنيا برية والسعد حوالي،
والكل جواري ينادي لا تقلق،
قد ولى الخوف والزيف تولى،
ففاجئني الوضع بصياح: الوضع معلق،
جاهد ما شئت فالجبن ترسخ،
وفساد القوم تعالى كالطير وتحلق،
فرددت بصوت قد قاوم حزني،
أني متفائل لست كمن سمع فصدق،
فناصري قدير قد وسعت قدرته كل الدنيا،
أحيا وأمات وخلق،
سأجاهد دوما من أجلك يا وطني،
ولن أرضخ بشؤم قد قال لي أن أنعق،
ففي ذات صباح سأحقق حلمي،
فالنصر حليف صبور قد أعطى وأغدق،
سيخط التاريخ من النور حروفا
والويل لطاغية وأد الخير وأحرق،
لن تهدأ ثورتنا يا هبة النيل
ووليدك يا بلدي في نيلك يغرق،
لن تهدأ ثورتنا أني متفائل،
ولن أغضب بوصف اليوم أني أحمق
 

المصدر : ايرين

Total time: 0.0606