أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني

الكاتب/ راسم عبيدات
- راسم عبيدات
أعداد الأسرى الفلسطينيين في زنازين وأقسام عزل سجون الاحتلال تزداد، وأعداد قائمة عمداء الأسرى تزداد، وأعداد شهداء الحركة الأسيرة يزدادون، ومع حلول ذكرى يوم الأسير، القمع بحق الحركة الأسيرة يبلغ ذروته، والهدف واضح تدمير البنى والهياكل التنظيمية للحركة الأسيرة وكسر إرادتها وتدمير معنوياتها، من أجل خلق حركة أسيرة مطواعة، حركة أسيرة مفرغة من محتواها الوطني والنضالي، حركة تعظم وتقدم المصالح الخاصة على المصالح العامة.

ويبدو أن إدارة مصلحة السجون وأجهزتها الأمنية لا تقرأ التاريخ ولا تجارب الحركة الأسيرة الفلسطينية جيداً، فهذه الحركة الأسيرة العملاقة قدمت تجارب رائدة في النضال والتضحيات على مذبح حقوقها ومنجزاتها ومكتسباتها، تستحق أن توثق وتعمم كتجارب عالمية، يسترشد بها كل المناضلين من أجل الحرية، تلك التجارب دفعت ثمنها الحركة الأسيرة الفلسطينية دماء وشهداء وعزلا وتعذيبا وقمعا ومعاناة، فكان أول شهداء معارك الأمعاء الخاوية الشهيد عبد القادر أبو الفحم في إضراب سجن عسقلان، أوائل آيار 1970، ومن بعد ذلك استشهد كل من المناضلين راسم حلاوة وعلي الجعفري في إضراب سجن نفحة/ 14/7/1980، وليتبعهما في الشهادة المناضل أنيس دولة في 31/8/1980 ومن ثم المناضل اسحق مراغة الذي استشهد على خلفية إضراب سجن نفحة (سجن الموت) في 16/11/1983، أما الشهيد حسين عبيدات فقد استشهد في الإضراب الشامل الذي نفذته الحركة الأسيرة في 27/9/1992، حيث استشهد في 14/10/1992 في سجن عسقلان.

ولم تقتصر القائمة على ذلك العدد، بل تبعهم شهداء آخرون والقائمة تطول وتزداد يوماً بعد يوم. حركة أسيرة عملاقة عمرها ثلاثة وأربعين عاماً، لديها الكثير من التجارب والخبرات المتراكمة، وخاضت كل أشكال النضال المطلبي الجزئية والإستراتيجية منها ضد إدارات مصلحة السجون الإسرائيلية، وهذه الإدارات القمعية لن تهزمها مهما أوتيت من جبروت وقوة وبطش وظلم وممارسات وإجراءات قمعية وفاشية، ولن تنجح رغم كل سوداوية المرحلة من كسر إرادتها وسحق معنوياتها.

والحركة الأسيرة لجأت مجدداً إلى خيار الإضراب ومعارك الأمعاء الخاوية كحق مشروع وخيار نضالي وكفاحي، بعد أن استنفذت كل الطرق والوسائل في حواراتها مع إدارات مصلحة السجون الإسرائيلية، تلك الإدارات التي تراهن على أنها ستخوض معركة كسر عظم مع الحركة الأسيرة الفلسطينية، معركة تريد لها أن تلحق هزيمة قاصمة بالحركة الأسيرة الفلسطينية، بانية حساباتها الخاطئة على فشل إضراب 15/8/2004، وما نتج عنه من تداعيات لجهة تعزيز سيطرتها على السجون والمعتقلات، وسحب العديد من المنجزات والمكتسبات التي حققتها الحركة الأسيرة وعمدها الأسرى بالدماء والتضحيات.

وكذلك فهي تعتقد بأن حالة الانقسام الفلسطيني يمكن لها أن تستفيد منها في هجمتها على قلاع الأسر، ولكنها لم تع وتدرك بأن الحركة الأسيرة استوعبت التجربة والمعركة جيداً، ولماذا وأين أخفقت في تلك المعركة؟ وهي تخوض هذه المعركة متسلحة بكل مقومات الصمود والمجابهة من عدالة القضية والمطالب وعمق الإنتماء وصلابة الإرادة وقوة المعنويات وتراص ووحدة الصفوف. ناهيك عن الثقة العالية بأن جماهير شعبها وقواه وأحزابه ومؤسساته في الخارج لن تخذلهم أبداً، وستكون المدافع الرئيس عن حقوقهم ومطالبهم عبر حركة جماهيرية ضاغطة وواسعة من اعتصامات ومظاهرات ومهرجانات وندوات ومحاضرات، تركز على ما تتعرض له من ممارسات وإجراءات قمعية وإذلالية، ممارسات محكومة ومجبولة بالحقد والعنجهية على شعبنا وأسرانا، لأنهم فلسطينيون وطلاب حق وحرية، ولا يسامون على مبادئهم، ولا يتخلون عن حقوقهم.

في ذكرى يوم الأسير، يقول الأسير المناضل نائل البرغوثي عميد الحركة الأسيرة، والذي دخل عامه الاعتقالي الثالث والثلاثون مكللاً بأكاليل العز والغار، يقول- إن هذه المعركة هي معركة الحسم.. معركة الدفاع عن تاريخ وتراث ووجود وحقوق ومنجزات ومكتسبات الحركة الأسيرة، معركة لا مجال فيها للهزيمة والانكسار، معركة بحاجة إلى مواقف الرجال الرجال، القابضين على مبادئهم كالقابض على الجمر، في وقت تخلى فيه الكثيرون عن مبادئهم وقيمهم، وظنوا واهمين بأن هذا هو زمن المغانم لا زمن المغارم.

والقائد الفلسطيني أحمد سعدات من عزله "يطالب كافة الفصائل والقوى وجماهير شعبنا بتحرك عملي ومتواصل لتشكيل أداة ضغط على الصعيد الفلسطيني الداخلي لإغلاق ملف الانقسام.. وأمام التضحيات الكبيرة التي يتسابق شعبنا لتقديمها في كافة المواقع بصمود أسطوري، فإن الواجب والمسؤولية على الجميع الارتقاء لمستوى هذه البطولات وصون دماء وتضحيات شعبنا عبر خطوات عملية في مسيرة الحوار التي يجب إطلاقها من جديد بروح ومسؤولية وطنية عاليه، تليق وحجم التضحيات الفلسطينية لشعبنا الذي يرفض الاحتلال ويدافع عن كرامته وحريته وحقه" .

أما القائد مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، فقد قال في مقابلة صحفية له من سجن "هداريم" وعبر محاميه خضر شقيرات إنه "مؤمن بشكل مطلق بأن شعبنا سينتصر على أبشع وأطول احتلال في التاريخ، وإننا على موعد قريب مع الحرية والاستقلال". وأضاف "أن المصالحة الوطنية ضرورة لشعبنا كما هو الماء والهواء". ودعا الأخوة في حركة حماس إلى توقيع الوثيقة المصرية، ودعا الجميع للعودة إلى وثيقة الأسرى والتمسك بها، وأضاف أيضاً "سندفع قدماً بالمصالحة الوطنية".

أما الأسير القائد القسامي عبد الله البرغوثي صاحب الحكم الأعلى عالمياً، 67 مؤبدا، فقد قال لجلاديه في المحكمة لأنه "سيخرج من السجن وسيعود إلى صفوف المقاومة، وإن شاليط لن يخرج سالماً،إذا لم ننل حريتنا كأسرى فلسطينيين".

في ذكرى يوم الأسير، أمهات وزوجات الأسرى وكل أهاليهم، يطالبون فصائل وقوى شعبنا بأن يترفعوا ويتخلوا عن خلافاتهم، وأن يتوحدوا خلف مطالب الحركة الأسيرة، وهم يرون بأن المدخل الهام والأساس لذلك هو إنهاء الانقسام، فهو صمام الوحدة والانتصار وتقصير عمر الاحتلال. وقضية أسرانا يجب أن تصبح كالماء والهواء بالنسبة لنا كفلسطينيين، وعلينا أن لا نترك محفلاً أو مؤسسة أو منظمة أو هيئة دولية، إلا وننقل لها معاناة وعذابات أسرانا، ويجب العمل على إعداد مذكرة قانونية تفصيلية، توثق لكل الانتهاكات بحق أسرانا في مراكز التحقيق وسجون ومعتقلات الاحتلال، ورفعها إلى المحكمة الدولية من أجل جلب قادة العدو ممن يرتكبون جرائم بحق أسرانا تمهيداً لمحاكمتهم كمجرمي حرب، وليس هذا فقط بل لا بد من العمل على تدويل قضية أسرانا وطرحها على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأيضاً الطرف الفلسطيني المفاوض عليه أن يتمترس، لا أن يصر فقط، بأن من جملة الاشتراطات للعودة للمفاوضات تحرير قسم جوهري من أسرانا القدماء، مع وضع جدول زمني ملزم لتحرير كل أسرى شعبنا من سجون الاحتلال ومعتقلاته.

Total time: 0.0509