أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

قيران يقر بقتل الأمن مدنيين ويقول انه يتلقى الأوامر من وزير الداخلية ونائب الرئيس، وتعز التي كانت ساحة حرب تواجه اختبار السلام في اليمن

- ترجمة القدس الفلسطينية

تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها من مدينة تعز اليمنية نشرته اليوم الاثنين إن رجال القبائل المسلحين انسحبوا من جيب في هذه المدينة، وأعادوا للدولة مبنى وزارة التربية الذي احتلوه خلال الأسابيع الأخيرة. وقالت الحكومة التي شجعتها هذه الخطوة إن هذا التطور يعتبر اختراقا.

وقتل عشرات الأشخاص خلال أسابيع من العنف. وجاءت اتفاقات وقف إطلاق النار وذهبت. والآن فقد أثار تسليم المبنى من جديد احتمال تحقق هدنة. وطيلة ثماني ساعات ظلت الشوارع هادئة.

ثم استعاد رجال القبائل المبنى. وقال المحافظ، حمود الصوفي، متفائلا: "أعتقد أننا سننجح، وسنرى".

وقد علق اليمن في دائرة من الاحتجاجات والقمع والقتال الفئوي ليس من السهل الخروج منها، رغم أنه، كما في تعز، هناك لحظات كثيرة بدا وكأنها تبشر باختراق، مثل لحظة إعلان الرئيس موافقته على التنحي.

وتواجه الحكومة الانتقالية التي تسلمت السلطة الأسبوع الماضي، وجلبت تفاؤلا، مجموعة من التحديات الكبرى.
الاقتصاد على حافة الانهيار، والتمرد يغلي في شمال البلاد، وتسعى منظمات جنوبية لإقامة دولتها المستقلة، كما سيطرت ميليشيات مرتبطة بتنظيم "القاعدة"، مستغلة الفوضى، على بعض المناطق.

ويتعين على الحكومة بطريقة ما أن تعيد التماسك إلى تعز- وهي حاليا مدينة تموج بالانقسامات الحادة ومشاعر النقمة العميقة-. وستكون المهمة المعقدة والملحة اختبارا للاتفاق الذي أدى الى تنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم، وقد رحبت به شخصيات المعارضة التي وقعت عليه باعتباره مخرجا من الأزمة السياسية، ورفضه محتجون كثيرون اعتبروه صفقة لم تحدث تغييرا كبيرا.

ونص الاتفاق على أن يسلم صالح بعضا من صلاحياته لنائبه، وعلى انتخابات رئاسية في شباط (فبراير) المقبل. كما دعا الى تشكيل لجنة عسكرية يفترض أن تعالج أعقد القضايا التي تواجه اليمن، بما فيها سحب الميليشيات من الشوارع وإعادة هيكلة القوات المسلحة، التي ما يزال أفراد من عائلة صالح يقودون وحدات معينة منها.

وستكون تعز اختبارا دقيقا لفعالية اللجنة، بسبب طبيعة الصراع في المدينة- التي تعكس الوضع في البلاد كلها- وما يزال الوضع على حاله هناك.

واندلعت حرب بالوكالة في المدينة تمحورت حول المحتجين، وواجهت خلالها قوات الحكومة منافسيها في جولات لانتزاع الارض والأسلحة، ما ترك أجزاء من المدينة مدمرة بشكل كبير. وما تزال قوات الأمن تحت قيادة نفس الرجال الذين حمّلهم المحتجون المسؤولية عن رد الحكومة الوحشي القاتل على الانتفاضة.

ويرغب رجال القبائل المسلحون الذين دخلوا الصراع إلى جانب المحتجين في الانسحاب، ولكن من دون أن يتركوا المدينة من دون حماية.

ومنذ توقيع الاتفاق يوم 23 تشرين الثاني (نوفمبر)، لم تزدد قائمة الضحايا إلا طولا.

وتشمل القائمة راوية الشيباني، وهي محتجة في العشرين من عمرها تدرس حفظ القرآن الكريم وقتلت يوم 4 كانون الاول (ديسمبر). ومع أن الحكومة نفت مسؤولية جنودها عن القتل، فقد ذكر المحتجون أن القتيلة أصيبت برصاصة في الصدر من جانب قناص بعد أن اطلق الجنود النار على المتظاهرين خلال احدى هدنات وقف إطلاق النار الفاشلة.

وقالت بشرى المقطري، وهي واحدة من أبرز قادة المحتجين في تعز والتي وقفت قرب جثمان الشيباني في المستشفى بينما كانت والدة القتيلة تبكي فوق جثمان ابنتها: "كان هناك خرق لكل اتفاقات وقف إطلاق النار".
وتضررت الطوابق العليا من المستشفى خلال أيام من القصف العنيف من جانب الجيش، وفقا للأطباء. وقالت المقطري: "الشباب غاضبون. والعنف يولد العنف".

وقتل عبد الوهاب ضيف الله وهو بقال في الحادية والثلاثين من عمره كان يعيش في أوكلاند بكاليفورنيا، خلال زيارة قام بها إلى هنا، عندما أطلق رجال قبائل متحالفون مع المحتجين النار على سيارته، من دون سبب، وفقا لشقيقه حاتم. وقال حاتم: "نحن لسنا مع الحكومة. ولسنا مع القبائل. وهذه ليست ثورة مشابهة لثورة مصر".

تعز الواقعة جنوب غربي اليمن، معروفة بنزعتها نحو المقاومة، وقد دعمت الثورة ضد صالح من خلال احتجاجات عالية التنظيم ما استجر غضب الحكومة وردها العنيف. وكلما كان المزيد من المحتجين يُقتلون كان رجال قبائل ينضمون الى القتال، ويخوضون اشتباكات أعادت تشكيل الانتفاضة وألقت بظلالها على سلمية المحتجين. وواصل الناشطون المعارضون للحكومة دفاعهم عن تدخل رجال القبائل، واصفين إياهم بـ"حماة الشعب". وسخر الكثيرون من فكرة أن المقاومة المشروعة الوحيدة في وجه القمع الحكومي هي فقط المسيرات السلمية، رغم أن بعض المحتجين في الأيام الأخيرة طالبوا رجال القبائل بالابتعاد عن مخيمات المعتصمين في ساحة الحرية.

وكان دور الساحة مثل مغناطيس يجتذب كل أنواع الاشياء- وفقا لعبد القادر الجنيد، وهو طبيب وناشط مؤيد للديموقراطية. وقد أضاف: "الأمور التي نفخر ولا نفخر بها".

والاتفاق الذي أدى إلى تنحي صالح يكلف اللجنة العسكرية بالتأكد من عودة الوحدات العسكرية الحكومية إلى ثكناتها وأن تغادر الميليشيات شوارع المدن اليمنية. وهذه المهمة التي لا تحسد عليها اللجنة العسكرية، كما نص عليها الاتفاق تعني «إنهاء كل الأعمال القتالية المسلحة».

وفي تعز سيعمل أعضاء اللجنة في مدينة لا تتوفر فيها الثقة. ويحمل أعضاء اللجنة الإسلاميين في تعز المسؤولية عن العنف ويقولون إن المظاهرات يتم استغلالها من جانب أحزاب المعارضة، وهو اتهام ينفيه قادة المحتجين.

واعترف عبد الله قيران، مسؤول الأمن في تعز أن قوات الحكومة «ارتكبت أخطاء» وقتلت مدنيين ومحتجين، لكنه أضاف أن الجنود تصرفوا دفاعا عن أنفسهم، ولم يتلقوا أوامر بالقتل. واتهم رجال القبائل باستخدام أسلحة ثقيلة، وقرأ أسماء جنود قتلوا خلال شهور الاضطرابات.

وأدى استمرار القتال في تعز إلى اتهامات وجهها المحتجون بأن صالح، كان يأمل بمعاقبة المدينة على مقاومتها وبإحباط الاتفاق الذي خلعه من الحكم، وبالتالي فهو ما يزال يدير الردود الحكومية.

وقلل قيران من أهمية دور الرئيس قائلا إنه يأخذ الأوامر من وزير الداخلية، ومن عبد ربه منصور الهادي نائب الرئيس الذي سمي خلفا لصالح.

وأضاف قيران: «لدينا مؤسسات في هذا البلد. بعض الناس يعتقدون أن الأمور يقودها أشخاص»، موضحا أن «الإعلام والمعارضة تعزز ذلك الانطباع».

وبعيدا عن متاعب المدينة حاول مسؤول الأمن استخدام نبرة تصالحية. فهو مكروه من جانب كثير من المحتجين، الذين يقولون إن رد الحكومة على المظاهرات أصبح أكثر فتكا بعد نقله إلى المدينة في آذار (مارس) الماضي.

وقال: «لو استمرت المظاهرات سلمية كما كانت في الأيام الأولى، فربما فكرت في أن اصبح واحدا من مؤيديها. ولم لا، فنحن نؤمن بالتغيير».

والعديد من السكان، رغم ذلك، يتشككون في أن الحل يمكن أن يكون ممكنا من دون تغيير جذري، بما في ذلك عزل قيران، وغيره من كبار المسؤولين الأمنيين».

وقال هارون الناشر، وهو صاحب محل تجاري في الشارع الذي يضم مبنى التربية المتنازع عليه، إن وجود رجال القبائل جعله يشعر بالأمان.

وأضاف: «لو شعروا أن النظام مخلص فسيعودون إلى قراهم. كانت فرص حدوث ذلك حوالي 2 في المائة».
وبعد أربعة ايام أعلن المحافظ، مليئا بالثقة، عن «هدنة جديدة».

المصدر : نيويورك تايمز

Total time: 0.0457