اخبار الساعة - محمد النظاري
محمد حسين النظاري
قائد التغيير الحقيقي
- كلٌ منا يخال نفسه رجل التغيير، ويدّعي بل ويجاهر أمام الملأ انه من صنع التغيير ولولاه لما قامت للتغيير قائمة، مع أن التغيير الذي حصل في بعض البلدان هو تغيير نسبي، فمن جهة المؤيدين لهو على أحلى ما يكون، في حين يراه الصنف الآخر بأنه لم يجلب لهم سوى الفوضى وما يحدث في ليبيا ومصر خير دليل، فالفوضى غزت حتى الملاعب وضحايا ملعب واحد يتجاوز السبعون قتيلاً في ظل انفلات أمني كبير.
- يبقى التغيير الوحيد الذي يتفق عليه الجميع هو ذلك الذي قاده حبيبنا ومولانا وشفيعنا وقرة أعيننا سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وآل بيته وأصحابه أجمعين، ففي يوم الاثنين من شهر ربيع الأول بعام الفيل، سنة 571 من ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام، ولد قائد التغيير الحقيقي لهذه البشرية، ليشهد العالم بعدها تحولات غيرت وجه الدنيا.
- جاء سيدنا رسول الله صل الله عليه وآله وصحبه وسلم، لينقذ البشرية مما هي فيه، فقاد تغييراً اعجز عباقرة العالم عن حصره وعده، جاء لينتصر للضعيف من القوي، فهل لنا أسوة به عليه الصلاة والسلام في أن لا نستقوي على ضعفائنا؟، سواءً بقوة المنصب أو الجاه أو المال أو الأسرة أو القبيلة، فالناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بينهم إلا بالتقوى.
- جاء جد الحسنين ليزيح الظلام الذي خيّم على العرب لعقود عديدة، وانطلق من هدايتهم ليعم بها العالم اجمع، كان الجهل هو سيد الموقف، وكان لكل منهم صنم يعبده وإذا ما جاع أكله، فأي عاقل يأكل خالقه إلا من طمس الجهل على قلبه، فأفقده التمييز بين الصحيح والخاطئ من الأشياء، فهل لنا أسوة فيه صلى الله عليه وسلم، في السعي بين الناس بإنارة عقولهم ومدها بما ينفع من معلومات، تقود إلى صلاح الأمة؟.
- جاء أبو الزهراء صلى الله عليه وسلم، وكان خير الناس في كل شيء، ولكنه من تواضعه لم يُظهر لأحد تمايزه عنهم، ولا علو قدره عليهم، ولا شرف نسبه فيهم، مع انه كذلك صلاة ربي وسلامه عليه، فهل يقتدي به من إذا تطاول في البينيان ظن انه أعلى الناس قدراً؟، وأرفعهم منزلة، مع انه يوجد في الأمة من هو اعز منه ولو لم يَظهر عليه ذلك، فلله أولياء لا يراهم إلا من يرى بنور الله.
- جاء أول الأنبياء خلقاً وأخرهم بعثاً، ليُدخل السرور على الصغير والكبير والرجل والمرأة، ومن يعرف ومن لا يعرف، فقد كان سلام الله عليه الرحمة المسجاة والنعمة المهداة لجميع خلق الله، أثّر حبه في كل شيء حتى الحيوانات بجلته ووقرته بل واشتكت إليه كالضب والغزالة والجمل، وكانت الأحجار والأشجار تكلمه وتصلي عليه، حتى انه صلى الله عليه وسلم كان يعرف حجراً خارج مكة يسلم عليه قبل نبوته، فهل لنا من اقتباس بعض رحمته لنتراحم بها بيننا؟، فلا نحتقر أو نزدري بعضنا البعض بمسميات عديدة كالبلاطجة والشبيحة والفتوّات، فهي مسميات لا تزيد المجتمع إلا عداوة وتنزع روح التعاون بين أبناء الشعب الواحد.
- جاء الهادي البشير ليؤسس دولة العدل التي يحترم فيها الرعية ولي أمرهم، ويحكم ولي الأمر بالعدل بين رعيته، فلا يفاضل فيهم إلا لمن وقر حب الله ورسوله في قلبه، فمن وقر فيه ذلك الحب قطعاً لن يكون إلا فرداً صالحاً في المجتمع، فهل حقق فينا ولاة الأمر العدل مع أننا مأمورون بالولاء لهم عدلوا أم جاروا؟، وهل حققنا نحن في أنفسنا الامتثال له ولو كان عبداً اسوداً رأسه كالزبيبة، فالحقوق والواجبات مقسومة بين الحاكم والمحكوم بالتساوي، فلا يمكن أن نطالب بإحداها ونضيع الأخرى، وإلا اصحبنا نطالب بما لا نستحق الحصول عليه.
- جاء صلى الله عليه وسلم لينشر التسامح بين الناس حتى من آذوه وعذبوه ومن مكة أخرجوه، ولنا أن نتخيل قوة التسامح التي قالها لأهل مكة عندما فتحها الله له من غير حرب، وسأل أهلها ما تظنون أني فاعل بكم، قالوا أخ كريم وابن أخي قال، فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء، فهل لنا أن ننشر هذه الروح العالية من التسامح ليعفوا كل منا عن الآخر؟، ونحن أحرى بذلك بيننا لأننا أخوة في الدين واللغة والبلد، ولا غالب أو مغلوب بيننا، فهل نتأسى بتسامحه لنفتح صفحة جديدة من العلاقات الحسنة، وان اختلفت تواجهاننا، وتنوعت تطلعاتنا.
- نبارك للأمة الإسلامية قاطبة بحلول ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، الذي ملأ الوجود بما فيها القلب بهجة ونوراً وسروراً، ونحن نحتفل فلنتذكر سجاياه، ولنتأسى بأخلاقه، ولتبعه قولاً وفعلاً، لنحظى بمرافقته في الآخرة، ولن يكون ذلك إلا إذا جعلنا قدوة لنا جميعاً، وان نجعل من تغييره الذي جاء به هادياً للبشرية، منطلقاً نحو السير إلى الروضة المحمدية، ولن يكون ذلك إلا إذا أصبحنا كيمنيين أخوة متحابين في الله، متوحدين في عقيدتنا ومنهجنا لنسعد ونسعد من حولنا.
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا * واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم...