مريم رجوي تحيي المشاركين في انتفاضة الشعب الإيراني الكبرى التي انطلقت منذ عام وجارية كبحر هائج يجوب ويطوف كل أنحاء الوطن الحبيب
يجتمع يوم العشرين من يونيو على اكثر من مناسبة سُجلت في ذاكرة تاريخ الشعب الإيراني.. فقبل 28عاما وفي نفس التاريخ الـ 20 من يونيو 1981 تم اطلاق النار من قبل الحرس الثوري الإيراني على اكبر مظاهرات مسالمة لمجاهدي خلق بمشاركة اكثر من 500 ألف من مواطني طهران بأمر من الخميني ومنذ ذالك اليوم تم فرض مقاومة دؤوبة وصعبة وباهضة على مجاهدي خلق الإيرانية.. وكان الثمن باهظا ولازال مدفوعا حتى يومنا هذا و بشكل مستمر.. وجزءا مقدسا من هذا الثمن مائة وعشرون الف شهيدا من خيرة الشعب الايراني 30ألف منهم تم اعدامهم بدم بارد في صيف عام 1988 في حين كانوا يمضون فترات حكمهم. وكان تأسيس جيش التحرير الوطني الإيراني في اليوم نفسه من العام 1987. وتم اعلان هذا اليوم “يوما للشهداء والسجناء السياسيين في إيران” وفي كل سنة وفي مثل هذا اليوم تجري حملات إعلامية في إيران.. كما وتحيي الجاليات الإيرانية في كثيرا من البلدان الأوربية وآميركا الشمالية هذا اليوم بمظاهرات كبيرة.. ولكن يوم العشرين من يونيو لعام 2009 كان ذات لون آخر .. لون دم هز العالم وايقظه على حقيقة مخيفة مرة بائسة كان العالم يتجاهلها لصدورها عن فئة او اخرى الا انه ايقن مؤخرا انه كان نائما..
نداء آغا سلطان تلك الفتاة التي بثت مشاهد استشهادها ولازالت دماؤها تقطر من فمها ومشاهد خروج الروح من جسدها تتلقاها الدنيا باسرها.. وبثت جميع قنوات التلفزة العربية والعالمية هذا المشهد مرات ومرات وبذلك تعرض احد اوجه مظلومية الشعب الإيراني ووحشية الديكتاتورية الدينية الإرهابية الحاكمة واساليب وثقافة قمعها أمام العالم.. الشارع الايراني الثائر الهادر وبكل بساطة وسرعة كان شعاره ناضجا ومتحولا بنضج يثير المدركين من السياسيين المهنيين الذين ادركوا مباشرة ان المعارضة الوطنية الايرانية مع شارعها ومواطنها وكان الشعار التالي دليل ذلك: “لم تمت نداءنا بل ماتت الحكومة”.
ويتدخل الخامنئي ولي الفقيه ليقول: “التطرف في بدن المواطنون سيصل إلى مراحل حساسة وخطرة” ويتابع قائلا “إذا أراد المواطنون مواصلة المظاهرات في الشوارع فسوف تترتب على ذلك نتائج خطيرة جدا.. إنهم مسؤولون عن إراقة الدماء وأعمال العنف والفوضى شاؤوا أم أبوا..”. نعم الخامنئي يقول العكس وما وصل إلى مراحل حساسة وخطرة هو نظامه.. ولن تؤثر خطاباته وشعاراته الا على ضعاف النفوس فقط .. و يعلن مير حسين موسوي رمز الزمرة المغلوبة.. يعلن في موقعه الالكتروني وفي اعلانه: “إن جنابي لن يشارك في أي برنامج وأطلب من المواطنين بأن يكونوا مسالمين ولا يقعوا في صيد احداث الشغب في الشوارع ويحفظوا الهدوء” وهذا ما يلبي طلب ورغبات الخامنئي..
ولكنه وفي نظام الولاية المطلقة للفقيه لم يبقى لا لإيران ولا للشعب الإيراني الذي بلغت قلوبه الحناجر .. لم يبقى أي حل إلا التغيير الديمقراطي. يجب أن يزال بساط الديكتاتورية الدينية وجميع مؤسساتها القمعية الرجعية لكي يتمكن الشعب الإيراني من المشاركة في انتخابات حرة بإشراف الامم المتحدة. فلم يعد هناك اثرا ولا تأثيرا لا للتهديدات التي يطلقها الخامنئي والمرشح الفائز ولا التراجع والاستسلام والدعوة إلى الانفعال والاستسلام من قبل المرشح الخاسر ميرحسين موسوي جميعها لم يعد لها أي تأثير.. والمواطنون يفعلون ما يريدون والنهضة قائمة مسيرة حتى التغيير .
يوم العشرين من يونيو 2009 تشهد ساحة “انقلاب” في طهران تدفق امواج المواطنين من انحاء طهران..ولم يكن الشباب وسائر المواطنون مكترثين لوعيد الخامنئي وتهديداته ..،وقبل يوم يوصلون شعلة الانتفاضة التي اشتعلت قبل اسبوع إلى ذروتها. وحشود الجماهير تتحرك هادرة نحو ساحة “آزادي”. وفي الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي تتوجه الحشود المليونية نحو الساحة نفسها. والقوات القمعية متأهبة لقمع المتظاهرين بشتى التجهيزات والأسلحة.
ورغم بدأ اطلاق الغازات المسيلة للدموع في الساعة السادسة الا ان القوات القمعية التي كانت في حالة التأهب الكامل لم تتمكن من بناء سد أمام حشود الانتفاضة. ووجد المنتفضون طريقهم للأمام دون تراجع.. ومرة أخرى تُطلق نيران من داخل مقر للتعبئة المسماة بـ (البسيج) على المواطنين. والفلم الذي تم بثه في قنوات التلفزة قد هز الرأي العام العالمي.. وبعد ساعة يتدخل الحرس الثوري ليطلق النار على المواطنين بالذخائر الحية. وتستشهد شابة إثر اصابة في رأسها وتحطم دماغها بسبب سيل من الهراوات على رأسها. وتقوم طائرات الهليكوبتر بالتحليق فوق طهران وتطلق النار من رشاشات بعيار 50 ملم على المواطنين. ومع ذلك لم يختل صمود الشباب ولم يقترب منهم الخوف واشتبكوا في معركة مع عناصر الشرطة. ويستمر الكر والفر.
شعب لن يقبل الهزيمة وقد اختار مسيرته ومستعد لدفع ثمن الحرية.. والمواطنون يحرقون صور الخامنئي. وكسروا جدارياته في شارع “جمهوري” ويقوم الشباب بانزال صور الخامنئي رافعين شعار “الموت للخامنئي” ثم يقومون بتمزيقها واحراقها.. وآخرين امتلئوا بالغضب يحرقون سيارات قوات الأمن الداخلي أيضا.. وفي شارع “قصر” يحاصر المواطنون الغاضبون مجموعات التعبئة (البسيج) ويحرقون سيارة تابعة لهم. وتعلن قناة بي.بي.سي. في اليوم التالي “ان المتظاهرين أضرموا النار على سيارتين ويهاجمهون مركزا عسكريا”. ويضرم المواطنون النار في مقر البسيج ردا على وابل الطلقات النارية التي اطلقت عليهم من داخل هذا المقر.
وفي الوقت نفسه يحتشد تجمعا كبيرا من الإيرانيين في “فيليپنت” بالقرب من باريس حيث تعلن وكالة الصحافة الفرنسية أن 90ألفا من اعضاء الجاليات الإيرانية في البلدان الأوربية والأمريكية جاءوا إلى باريس للتضامن مع انتفاضة الشعب الإيراني والاستماع لخطاب الرئيسة مريم رجوي في فيلبنت بضاحية باريس. حيث بدأت الرئيسة كلامها بـ “التحية لبناتي وأبنائي الشجعان ولأخواتي وإخواني المنتفضين في شوارع وجامعات إيران المشاركين في انتفاضة الشعب الإيراني الكبرى التي انطلقت منذ 13 حزيران (يونيو) الجاري وجارية كبحر هائج يجوب ويطوف كل أنحاء الوطن الحبيب”.
وفي يوم صادف الذكرى الثامنة والعشرين لانطلاقة مقاومة الشعب الإيراني من أجل الحرية, أبطل الرجال والنساء الشجعان حاملين أرواحهم على أكُفّهم ابطلوا شعوذة الانتخابات الرئاسية انتخابات البيعة للولاية المطلقة للفقيه بابدانهم الجريحة وتحت ضربات الهراوات والقبضات والجزمات وقمصانهم ممزقة من قبل الحرس والبسيج وعملاء الاطلاعات. إن المظاهرات في العشرين من يونيو لا تبشر الا ببداية مرحلة مستجدة. ونتحدث في الحلقة القادمة عن
رد الخامنئي على مشاكله بارتكاب خطأ فادح أخر وهجومه بواسطة عملاءه في العراق على مجاهدي خلق العزل في أشرف..
* خبیر ستراتیجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com
الثورة الإيرانية الثانية.. (6من12) 20 من يونيو و “نداء”
اخبار الساعة - محمد إقبال*