اخبار الساعة - عباس عواد موسى
مذكرات ليست شخصية ( 13 )
ألبوسنة : ألعين الصهيوصربية والرعاية الروسية من دمشق إلى سراييفو
عباس عواد موسى
في يوغوسلافيا التيتوويّة ( نسبة إلى مؤسسها جوزيب بروز تيتو ) المتفككة , كانت البوسنة والهرسك إحدى جمهورياتها الست بالإضافة إلى صربيا وكرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا ومونتينيغرو ( الجبل الأسود ) . ولكني وفي زيارتي الأولى لها عام 1983 , لاحظت أمناً مختلفاً وجيشاً آخراً وكأنه لبلدٍ غير يوغوسلافيا . فقد أتت الشرطة أكثر من ثلاث مرات تسأل عن مكان مَبيتي . وفيم عرفت أن قومية ساكنيها تُكتب على أنها مسلم في جوازات السفر والوثائق الرسمية إستغربت ذلك , فالإسلام دين وليس قومية , لكن ذلك كان يُيسّر على الأجهزة الأمنية ذات القيادة الصربية مُراقبة الأوضاع الداخلية فيها .
قرأت كتاب قصص مختارة للكاتب اليهودي ( إسحاق ساموكوفليا ) , فور صدوره عن دار النشر كولتورا عام 1989 , فعرفت الحاجة الماسّة لقراءة أدب الصهاينة الذي لا زلنا نفتقر إليه . ألكتاب الذي احتوى قصصاً من أبرزها فِناء رافو , أليهودي الذي لا يتعبد لله في أيام السبت , خانكا , ألعتّال صموئيل , ألحروف السليمانية وغيرها يقودنا لمعرفة دمويّة هؤلاء المارقين وخبثهم . وإصداره جاء بدعم إبن عمه ( بنيامين ) الذي كان يرأس جمعية اليهود في مقدونيا .
مرّ يوم أمس الجمعة عقدان على ذكرى حرب البوسنة والهرسك , التي اندلعت عام 1992 واستمرّت حتى كانون أول عام 1995 . ولعلّي هنا , أتطرق إلى موضوع جديد في مذكراتي التي أجهد أن أضع فيها معلومات مُفتَقَرة في عالمنا العربي . ألا وهو التحالف الصهيوني الصربي والذي هو امتداد للتحالف الروسي الصهيوني الذي حظي بتأييد وموالاة العرب البائدة إلا من بقايا ضئيلة تتوكّل في مسيرتها على الفيتو الروسي الصيني .
( إسحاق ساموكوفليا , صهيونيّ بارز في سراييفو الشيوعية ) . ولد عام 1889 وتوفي عام 1955 , وشهدت الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين إزدهاراً لنشاطاته الثقافية , فقد نشر أولى قصصه ( فناء رافو ) في مجلة الوثائق الصربية عام 1927 ليُصدر أولى مجموعاته القصصية بعد عامين بعنوان ( من ربيع إلى آخر ) .
بلدة ( غوراجدِة ) الصغيرة الواقعة على جسر نهر درينا هي مسقط رأسه , ويعود إسم عائلته إلى مدينة ( ساموكوف ) البلغارية التي نزح اليهود إليها من إسبانيا في القرن السادس عشر كبقية البلدان البلقانية التي تعاني جرّاء تقسيماتها الإستعمارية وتشكل أرضاً خصبة لفتن الصهاينة المعهودة عنهم .
أصدر مع آخرين صحيفة ( زورا ) عام 1908 في العاصمة البوسنية ( سراييفو ) التي انتقل إليها , ليعمل على إضعاف السلطات النمساوية المجرية التي لم تكن تنصاع لأمثاله. وعندما أنهى الثانوية عام 1911 , غادر للعاصمة النمساوية فيينا لدراسة الطب على نفقة الرابطة المقدسة للثقافة التي كانت منذ تأسيسها بؤرة لنشاطات الصهاينة , ليعود إلى غوراجدة طبيباً عام 1917.
وعمل محرراً في صحيفة ( صوت اليهودي ) السرية التي أصدرت عدداً خاصاً إبتهاجاً بوعد بلفور المشؤوم ’ ألذي منح وهو لا يملك ( فلسطين ) لليهود الذين لا يستحقون ليُخلّص بلده وأوروبا من رجسهم .
حارة ( بيلافِة ) اليهودية في العاصمة سراييفو , شهدت نشاطاته , ومنها انطلق ليرأس رابطة الكتاب في البوسنة والهرسك في عهد تيتو , وظل يعمل محرراً في دار النشر ( اُسْفييتْلوسْت ) وتعني الضوء حتى وفاته .
ذهب أكثر من مئة ألف ضحايا لحرب البوسنة الأهلية , واغتصب السفاحون الصّرب عدداً كبيراً من نسائها , ربما أقل ممن اغتُصِبْنَ على أيدي شبيحة المجرم بشار . وعدد ضحايا مجزرة ( سربرنيتشا ) التي وقعت في الحادي عشر من تموز عام 1995 بلغ 613 تم دفنهم جماعيّاً في مقبرة واحدة .
يُحيي البوسنيّون ذكرى الحرب كل عام , ويُحييه صرب البوسنة ( هنالك جمهورية صربية في داخل البوسنة عاصمتها بانيالوكا ) على طريقتهم , وكذلك ذكرى مجزرة سربرنيتشا .
إتفاق دايتون الذي بموجبه أوقفت حرب البوسنة , هشّ , والبوسنة إلى انفجار قادم . أصرابها كشبيحة نظام بشار ومسلموها كأحرار سوريا وحرائرها .
المصدر : عباس عواد موسى