نها لفاجعة مؤلمة وجريمة إنسانية وأخلاقية فاضحة ووصمة عار في جبين وحاضر اليمنيين أن تظل تتعملق بين جنباتهم ديناصورات الظلم وتنهش أجسادهم وتصادر حياتهم وأحلامهم قطعان أكلة اللحوم الآدمية ومصاصي دماء البشر؛ إذ لم يكن استلهام مفردات ومشاهد الطغيان في شخصية ’’طفاح’’ المسلسل اليمني الكوميدي الشهير إلا محاكاة ومحاكمة لواقع يطفح بمئات الطفافحة الحقيقيين الذين شكلوا أسوأ أدوات القمع والقهر وأهم حلقات نظام البغي والاستبداد.
وفي العدين وحدها عِبرة وعَبرة حيث لا إنسانية ولا مواطنة ولا قانون.. حيث توأد الحرية وتصادر أبسط الحقوق وتسحق آدمية وكرامة الإنسان داخل سجن لا يدخله حتى ضوء الشمس.. هناك حيث يصبح الوطن صكاً بجيب جلادٍ فاسدٍ، وحيث لا صوت يعلو فوق صوت الشيخ!!
(اليقين) الصحيفة، ارتأت زيارة العدين -ضمن فريق إعلامي- لتنقل عن كثب حقيقة ما جرى ويجري هناك..
كتب/ علي العوارضي
استجابة لدعوات ونداءات الاستغاثة الموجهة من قبل أبناء مديرية العدين محافظة إب، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المكالمات الهاتفية، توجه يوم الأربعاء 21/3/2012م فريق إعلامي وحقوقي يمثل عدة قنوات فضائية وصحف ومنظمات إلى منطقة العدين، حيث مثلت جريمة مقتل المواطن الجعوش ونجله الأكبر الشرارة الأولى لاندلاع ثورة شعبية ضد ما يسمونه ظلم المشيخ الذي توارثه الناس هناك جيلا عن جيل كما يقول البعض.
ومن هذا المنطلق أخذ أعضاء الفريق على عاتقهم مسؤولية تقصي الحقائق حول ما يحدث من انتهاكات وأعمال قتل ارتفعت وتيرتها خلال الآونة الأخيرة، فذهب ضحيتها 8 قتلى بينهم طفلة لا يتجاوز عمرها (4 سنوات)، وعشرات الجرحى أحدهم امرأة لا تزال ترقد في مستشفى النور بمدينة إب، فضلاً عن المهجرين قسراً والمختطفين في سجون خاصة –حسب البلاغات التي تلقاها الفريق.
وقد أمضى أعضاء الفريق هناك أربعة أيام متتالية تجشموا خلالها الصعاب وواجهوا الكثير من العراقيل وواصلوا الليل بالنهار في سبيل البحث عن الحقيقة والتوصل إلى تفسيرات منطقية ومعقولة لما يجري على أرض الواقع من اقتتال بين الأخوة وأبناء العمومة في عدة جبهات، يعتبرها البعض محاولة بائسة لإشغال أبناء العدين عن مطالبهم المشروعة المتمثلة في رفع الظلم وإنهاء ما يسمونها دولة المشيخ.
وحرصاً من الفريق على التزام الحيادية ونقل وجهات النظر بكل أمانة ومسؤولية، تم الالتقاء بجميع الأطراف المعنية، عدا الجهات الرسمية ممثلة في إدارة السلطة المحلية بمديرية العدين وكذلك إدارة الأمن؛ حيث أجرى أعضاء الفريق عدة اتصالات هاتفية مع كلٍ من رئيس المجلس المحلي العقيد عبدالله بن علي البخيتي، وكذلك نائب مدير الأمن جميل غالب الجبرتي، لكنهما ظلا يتهربان تحت ذرائع مختلفة.
ولم يكتف أعضاء الفريق بالاتصالات الهاتفية مع المسؤولين في تلك الدوائر الحكومية وإنما قاموا بزيارتها أكثر من مرة ليجدوها مع كل زيارة إما مغلقة في وقت الدوام الرسمي، كما هو الحال بالنسبة للمجمع الحكومي الذي بدا خالياً إلا من مجموعة مسلحين مدنيين، أو منزوعة الصلاحيات كما هو شأن إدارة الأمن التي أفادنا بعض ضباطها بأنهم غير مخولين بالإدلاء بأي تصريحات أو تقديم أي معلومات وبيانات دون موافقة مدير أمن المحافظة بناء على تعميم وزير الداخلية السابق .
على الصعيد الآخر استكمل الفريق كافة المهام وفق جدول زمني محدد وبرنامج عمل تضمن رصد الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون وكذلك حجم الأضرار والخسائر التي لحقتهم جراء المواجهات المسلحة، والالتقاء بأطراف النزاع وأسر الضحايا من قتلى وجرحى ومختطفين ومهجرين قسرا.
الاستنتاجات:
- الكل مجمع على أن الدولة غائبة في العدين وأن غيابها قد أفسح المجال أمام الفوضى والغوغائية كي تحل محل النظام والقانون.
- تبين للفريق من خلال بعض الممارسات الموثقة أن الشيخ هو الحاكم الفعلي في العدين ويملك من الإمكانات وتحديدا العسكرية ما يفوق إمكانات الدولة وأجهزتها التنفيذية.
- توصل الفريق إلى أن ثمة مخزوناً تراكمياً من الشعور بالظلم لدى المواطنين انفجر أخيراً مع جريمة مقتل الجعوش ونجله مطلع يناير 2012م فانبثق عنه ما تسمى بـ ’’ثورة نصرة المظلوم’’ التي صار لها ساحة وجمهور وفعاليات ومطالب لا ينبغي تجاهلها في أي حال من الأحوال.
- انعدام الثقة لدى المواطنين بالدولة وأجهزتها التنفيذية دفع بهم إلى الارتماء في أحضان المشيخ كالمستجير من الرمضاء بالنار!
- هناك من يسعى جاهداً إلى تسييس ما يحدث في العدين من حراك حقوقي سلمي وقضايا جنائية بحتة وذلك في محاولة للتمييع وخلط الأوراق والتنصل عن المسؤولية الدستورية والقانونية.
- وقف الفريق على انتهاكات وجرائم جسيمة بحق مواطنين تنوعت بين اختطاف وإخفاء قسري وتهجير، تشار أصابع الاتهام فيها إلى الشيخ صادق بن علي الباشا الذي اعترف بالبعض ولكن تحت مسميات أخرى مختلفة كالتأديب وغيرها مما يدخل ضمن مهام الدولة.
- عثر الفريق على وثائق وقرائن كثيرة تشير إلى تدخل ممثل المديرية لدى السلطة المحلية بالمحافظة جبران صادق الباشا في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالعدين بما في ذلك التأثير على مسار الأجهزة الأمنية والقضائية التي لا تدخل ضمن اختصاصه.
- تأكد للفريق أن معظم المشاكل وأعمال القتل والمواجهات المسلحة التي شهدتها المنطقة خلال الخمسة الأشهر الماضية هي نتاج سياسات طالما اتبعها النظام السابق في فرض النفوذ وتصفية الحسابات عن طريق زرع الفرقة والخصومات بين المؤيدين والمعارضين له.
- وجد الفريق أن كل الأطراف المتنازعة داخل منطقة العدين هم ضحايا طرف ثالث يهيمن على الدولة والقبيلة ويمثل الخصم والحكم في كثير من تلك النزاعات، بينما اقتصرت مهمة سلطات القضاء والأمن على التوثيق إن طلب منها ذلك!
- من خلال حديث علي الجمالي- المتهم بقتل الجعوش ونجله- عن مصير أولاده الجناة، وكذلك رواية صادق الباشا ونجله جبران المتعهد بتسليمهما للقضاء، لاحظ الفريق أن ثمة حلقة مفقودة بين تسلم الأخير الجناة واختفائهم، ويظهر ذلك جلياً في تناقض الروايات الثلاث للحظة الهروب.
- ظهر للفريق خلال لقائه ببعض الأطراف المتنازعة أن المماطلة في حل القضايا غالباً ما يؤدي إلى تفاقمها لتصل حد الاقتتال، كما حدث مع قضية الأبعون وبيت الجماعي، وما سيحدث مع قضية الجعوش إن تكرر السيناريو نفسه.
- اعتبر الفريق تهرب الشيخ الباشا من الإجابة على سؤاله المتعلق بالسجون الخاصة وعدم السماح للأعضاء بزيارة الأماكن التي يشتبه باستخدامها لذات الغرض إلا بأوامر من النيابة -كحق يراد به باطل- اعترافاَ ضمنياَ بامتلاكه سجوناً خاصة، سيما وأن الرجل صاحب سوابق في هذا المجال.
////////////////////
رهينة.. وفدية
في خيمة المهجرين من دار عمير العليا مديرية العدين، داخل ساحة خليج الحرية بمدينة إب، التقينا فهد فيصل نعمان (18 عاماً) المطارد من قبل حراسة ومرافقي الشيخ صادق الباشا بحجة أنه مطلوب ’’رهينة’’ مقابل إطلاق سراح والده المختطف في سجون الباشا منذ 12/2/2012م بسبب مواقفه المؤيدة للثورة الشبابية الشعبية السلمية بالجمهورية وكذلك نزوله إلى ساحة نصرة المظلوم بالعدين لأداء صلاة الجمعة، كما جاء على لسانه.
وبحسب فهد، فإن محسن عبدالله مثنى، وحسن أحمد سنان، وكلاهما من أتباع الشيخ صادق الباشا قاما باختطاف والده فيصل نعمان وعمه طه نعمان الساعة 8 صباحاً في منطقة مخدرة على خط (العدين/ مذيخرة) الفرعي عندما كانا في طريقهما إلى مدينة إب ومن ثم نقلهما إلى دار الشيخ بمنطقة قصع حليان.
وأفاد بأن اختطاف والده وعمه جاء بعد يومين من نزول الشيخ صادق الباشا إلى قريتهم التي لم يدخلها منذ 15 عاماً، وتهديده لهم بالقول : ’’هناك أناس ينزلون إلى الساحة ويجب ضبطهم بالرصاص الطائش أو بالقيود والحبال وحبس لا يدخله ضوء الشمس’’.
وقال فهد في حديثه لصحيفة اليقين ’’إنه لا يستطيع زيارة والده أو حتى العودة إلى قريته كونه صار مهدداً من قبل الشيخ صادق الباشا، الذي ما يزال يبحث عنه حتى اللحظة لكي يرغمه على سحب ملف قضية اختطاف والده، المرفوع أمام النيابة العامة’’.
كما تحدث عن تعرض باقي أفراد عائلته للتهديد المتواصل من قبل الشيخ وبعض أتباعه، تارة بنهب أملاكهم وطردهم من البيت وأخرى بتهجيرهم من المنطقة برمتها، متهماً النيابة العامة وباقي أجهزة الضبط القضائي بالمماطلة وعدم التجاوب مع قضيتهم ومطالبتهم بسرعة إطلاق سراح والده المختطف.
وكشف فهد عن عدد من المختطفين لدى الشيخ الباشا إلى جانب والده وعمه، ذكر منهم (نجيب حمود - محمد الطويل - نجيب خيشان - محمد أحمد).
ضرار طه نعمان (15 عاماً) أكد لصحيفة اليقين أن الشيخ صادق الباشا أطلق سراح والده مقابل مبلغ 10 ألف سعودي (ما يزيد عن نصف مليون ريال يمني) تم سدادها على دفعتين: الأولى 4 ألف سعودي والثانية 6 ألف سعودي. مشيراً إلى أن جواز سفر والده ظل محتجزاً لدى الشيخ كورقة ضغط من أجل إحضاره هو وابن عمه إلى القصر وتسليمهما كرهائن مقابل الإفراج عن عمه وضمان عدم عودة الآباء والأبناء إلى الساحة.
وقال ضرار :’’كان الشيخ صادق الباشا يذهب إلى والدي يحرضه على المجيء إلى هنا وأخذي بالقوة ويهدده بأنه سوف يحرق جوازه وسيارته إذا لم يفعل ذلك، فجاء والدي ذات يوم وأخذني بالقوة وأنا رافض.. ولأنه مسافر السعودية ومحتاج الجواز فقد خيرني بين الذهاب معه إلى البيت أو أنسى أنه أبي وأني ابنه’’.
وعن سبب اختيارهم ساحة خليج الحرية مكاناً للاحتماء مما اسموه ظلم وسطوة الشيخ، أفاد ضرار بأن الساحة تعتبر بيتهم الثاني والمصدر الأساسي لقوتهم، خصوصاً وأن للشيخ بلاطجة في عدة أماكن- حسب قوله. وقال إنه واثق جداً من أن الثورة الشبابية الشعبية ستنتصر لهم ولكل مظلوم في اليمن، وأنها اقتلعت رأس النظام ’’هبل’’ ما بالك بشيخ يسيطر على رعيته!
هبة الرئيس للشيخ
وفي ذات المخيم التقينا حميد مهيوب محمد النهاري، جندي في اللواء (105) وأب لـ(14) طفلاً، والذي شكا قيام الشيخ صادق بن علي الباشا بتهجيره هو وأخيه عبدالملك قبل شهر من قرية دار عمير/ قصع حليان- مديرية العدين- بقوة السلاح.. لا لشيء سوى أنهم صلوا الجمعة في ساحة نصرة المظلوم!!
وقال:’’ لقد استدعى الشيخ صادق بن علي والدي، وهو رجل مسن، إلى عنده في دار العدن وطلب منه أن يطردني أنا وأخي عبدالملك ويخرج نساءنا وأطفالنا من البيوت، ثم نادى أحد أفراد حراسته كي يأتيه بصاروخين كتف وقال له بالحرف الواحد أمام والدي: هذا لمنزل حميد وهذا لمنزل عبدالملك’’.!
وواصل حديثه قائلاً:’’غادرنا أنا وأخي القرية الساعة الثامنة من مساء الأحد 12 فبراير 2012م وقطعنا مسافة 7 كيلو مشياً على الأقدام حتى وصلنا العدين ومنها إلى إب حيث توجهنا مباشرة إلى ساحة خليج الحرية، لأنها المكان الوحيد الذي لا يخضع لسلطة الشيخ، فتعاون معنا بعض الحقوقيين وأشاروا علينا بأن نتواصل مع نسائنا وأطفالنا في القرية ونخبرهم أن يعودوا إلى البيوت ليسكنوا فيها كنوع من الحماية’’.
واعتبر حميد النهاري أن مديرية العدين وخاصة ’’قصع’’ هي الشطر الثالث للوطن مؤكداً بأنه منذ عرف نفسه لم ير عسكرياً واحداً يخرج من محافظة إب إلى تلك المنطقة، التي قال بأن أهلها ما يزالوا يسلمون الزكاة إلى يد الشيخ الباشا، وضمان الأملاك إلى يد وكيله بدون أي نظائر أو سندات رسمية. وإذا حصل أن دفع أحدهم أي مبلغ للدولة يتم تأديبه أولاً ثم إرغامه على الدفع مرة ثانية للشيخ.
حميد الذي بقى ضمن 100 جندي في مؤخرة اللواء 23 مشاه (الكتيبة الأولى) بمنطقة العدين، عقب نقله إلى البقع خلال شهر مارس 1983م ، وجد نفسه فجأة وكذلك بقية رفاقه وقد تحولوا إلى مرافقين للشيخ صادق الباشا بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، وإذا به يجعل منهم أدوات قمع ضد كل من لا يدين له بالولاء والطاعة المطلقة –حد تعبيره.
وذكر حميد أنه منذ العام 90 لم يتقاضَ ريالاً واحداً رغم تسليم الدولة معاشه أولاً بأول للشيخ الباشا الذي ظل يتعامل معهم على أنهم هبة منحه إياها رئيس الجمهورية! حتى أنه كان كلما ذهب إليه أحد بهذا الخصوص فاجأه بالقول :’’علي عبدالله صالح جاء بكم مواساة لي’’ وهو ما ضايق النهاري واثنين آخرين من زملائه – حسب قوله- ودفعهم إلى الفرار من قصع والالتحاق باللواء (105) بالخوخة.
واسترسل قائلاً :’’ حين وصلنا المعسكر كان الشيخ الباشا قد نفذ على والدي وعمي (أبو زوجتي) خمسة عسكر ’’بقاء’’ ثم ذهب إلى سوق العدين وجر أخويَّ عبدالملك وعبدالعليم من محل خياطة تابع لهما وأودعهما في سجنه مكبلين بالقيود، فذهب والدي إليه وشرح له ظروفي الصعبة التي جعلتني أعود إلى المعسكر لكنه أصر على فعلته وقال بصريح العبارة : أريد الجندي حقي وإلا أطير بكم ’’!
وواصل النهاري :’’جاء والدي إلى المعسكر وطلب مني العودة فرفضت وقلت له أنا التحقت بالجيش من أجل أخدم الدولة وأعول أسرتي ، وتقدمت بمذكرة إلى قائد اللواء أخبرتهم فيها بما تتعرض له أسرتي من ضغوطات واضطهاد على خلفية التحاقي باللواء، فاعتذر وقال: مستعدين نحميك أنت فقط داخل المعسكر، ففهَّمته أن ما يهمني هي أسرتي، فكان رده: بصراحة صادق بن علي شيخ بن شيخ بن شيخ- من عهد أحمد حميد الدين- لا نستطيع أن ننكر ذلك.. والبوابة أمامك’’!!
عاد حميد من المعسكر وقد أصيب بخيبة أمل كبيرة، واتجه مباشرة إلى منزل الشيخ يطلب العفو ويجدد الولاء ويؤكد موافقته على مواصلة العمل معه شريطة تسليمه راتبه الشهري الذي يعد مصدر دخله الوحيد، وهذا ما لم يقبله الشيخ المصرّ على أنهم عبارة عن مواساة له من رئيس الجمهورية!
لم ييأس حميد مطلقا فقرر التوجه إلى وزارة الدفاع بالعاصمة صنعاء لسحب ’’بيان حالة’’ يتأكد من خلالها إذا كان اسمه ما يزال مدرجاً ضمن كشوفات المجندين أم أن الشيخ قد زحلقه، لكنه وصل إلى مبنى الوزارة متأخراً في اليوم الأول –حسب قوله- وطلب منه أن يعود اليوم الثاني مع بداية الدوام.
وبينما كان حميد يرتب أوراق ملف معاملته التي لم تبدأ بعد استعداداً لليوم التالي إذا بأحد زملائه الذين لا يزالون يعملون مع الباشا يتصل به ويسأله: هل ذهبت إلى وزارة الدفاع؟ فرد عليه بنعم، فقال له:’’ انتبه تذهب مرة ثانية لأن أحدهم قد تواصل مع الشيخ وأخبره بالأمر فطلب منه التعرف على اسمك’’.
يومها أيقن النهاري أن معركته مع الباشا خاسرة لا محالة فقرر أن يترك المعاش ويبحث له عن مصدر رزق آخر يعول به أسرته؛ فامتهن صقالة الجنابي وافترش أحد الأرصفة أمام بوابة محكمة إب، وظل يزاول مهنته إلى أن جاء نظام البصمة ليفاجأ بالشيخ الباشا يستدعيه ويوجهه بالذهاب إلى صنعاء لاستكمال إجراءات البصمة وتجديد رقم القيد.
استبشر حميد النهاري خيراً خاصة عندما جاءهم الأهنومي- مدير المالية بوزارة الدفاع- إلى منزل الشيخ الكائن بمنطقة الصافية والتقط له صوراً هو واثنين آخرين كانا قد فقدا بطائقهما العسكرية، ليسلمهم في نفس اليوم البطائق الجديدة.. غير أن الوقت لم يسعفهم كي يتقاضوا بها ولو راتباً واحداً على الأقل، سيما بعد أن قلب عليهم الباشا وأعادهم إلى نفس المربع السابق المتمثل بمواساة رئيس الجمهورية!
المواطن محمد حسين من قرية دار عمير، عزلة قصع حليان، قال في تصريح لصحيفة اليقين ’’إنه بعد يومين من أدائه صلاة الجمعة في ساحة نصرة المظلوم بمدينة العدين تلقى اتصالا هاتفياً أثناء تواجده بتعز من أحد الأشخاص أخبره فيه بأنه مستهدف وأن جماعة الشيخ يبحثون عنه ليختطفوه هو واثنين من أبناء عمه، اللذين اتصل بهما في وقت لاحق وطلب منهما أن يهربا ليلتقوا جميعاً في مدينة إب، عند أحد أقاربهم الذي دلهم على خيمة الحقوقيين في ساحة خليج الحرية، لكي يسجلوا بلاغاً بما حدث لهم’’.