كيف تقتنص فرص النجاح؟
فريد مناع
(سواءً كانت في السماء، أو في الأرض، أو في قصاصة ورق، أو في منظر عابر، أو في خيوط عنكبوت، علينا أن نلتقط ما يفيدنا أينما لاح لنا).
بابلو بيكاسو.
(كان ديف يعمل محررًا بإحدى المجلات، وهو يُحب عمله، إلا أنه كان يَودُّ لو أن لديه بعض الوقت؛ ليمارس حبه الأول: الكتابة، وفي عصر أحد الأيام، استدعاه رئيسه إلى مكتبه وأعطاه موضوع قصة جريمة محلية حدثت بالفعل، مضافًا إليه بعض التغييرات؛ لتكسبها عنصر الإثارة والتشويق، وطلب منه أن يكتب تلك القصة.
أخذ ديف القصة إلى مكتبه، وسرعان ما انهمك في قراءتها، إلا أن شعورًا تولد بداخله بأن تلك القصة هي طريق لفرصة سانحة أمامه، وفي تلك الليلة لم يعرف النوم طريقه إلى عيني ديف، الذي بات يتقلب في فراشه مصارعًا أفكاره.
وفي الصباح وبينما ديف يغسل أسنانه، أتته الفكرة واضحة؛ حيث أدرك ديف أن عليه أن يتصل بشخصيات القصة، ويسمع منها ليؤلف كتابًا يتناول تلك الجريمة، ووجد ديف بين يديه موضوعًا لقصة مذهلة وأدرك أنه يستطيع وضع كتاب رائع عنها، فقد كان ديف على دراية بموهبة الكتابة لديه، ومع أول خطواته في مجال تأليف الكتب عن الجرائم التي حدثت بالفعل، كان متأكدًا من أن العمل في هذا المجال مشروع ناجح تمامًا.
وفي صبيحة اليوم التالي، ذهب ديف إلى رئيسه وأخبره بخطته، وما كان من الرئيس إلا أن سانده في قراره، رغم ما يعنيه هذا من حصول ديف على إجازة بدون مرتب، وبالفعل في غضون ثلاثة أشهر وجد ديف ناشرًا، وها هو الآن يمضي أوقاته في أداء ما يحب ألا وهو الكتابة).
هكذا هي الفرص دائمًا، تكون كالشهاب الذي ما يلبث أن يظهر في الأفق، ثم يشتد ضوؤه، ولكنه يخبو سريعًا، فمن كان قوي الملاحظة، فإنه سيتمكن من رؤيته، تمامًا كمن كان قناصًا للفرص، فسوف يحوزها إن شاء الله.
بقعة ضوء:
كثيرًا ما تأتي الفرص في ثياب تنكرية، وبوجوه مختلفة، ولذا كان لابد من إلقاء الضوء على معنى الفرصة ومفهومها.
والفرص ما هي إلا لحظة يظهر فيها أمامك طريق جديد لم تبصره من قبل، وينفتح في وجهك باب كنت تظنه مغلقًا لسنوات طويلة، وبالتالي تقف أمام لحظة اختيار بين المضي في الطريق الذي أنت فيه، أو التحول إلى طريق آخر.
وما أشبه ذلك بما لو كنت سائرًا بسيارتك، وأخبرك أحدهم بوجود طريق مختصر إلى الوجهة التي تريد الذهاب إليها، ولكنه طريق مختلف عن الطريق الذي اعتدت السير فيه، فهل ستسير في نفس الطريق الطويل المعروف لديك؟ أم ستسلك الطريق المختصر المجهول عندك؟
إنها لا تمطر ذهبًا:
وهذه هي القاعدة الذهبية التي يبني عليها الإيجابيون سعيهم في الحياة، واقتناص الفرص فيها، هي تلك القاعدة التي أرساها لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قال: (لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة).
وحتى لا نتتظر الفرص، بل نسعى إلى اقتناصها، بل وصناعتها أيضًا، فلابد لذلك من جملة وصايا من أهمها ما يلي:
همسة في أذنك:
وأخيرًا ـ عزيزي القارئ ـ لا تضيع حياتك في انتظار فرصة العمر، كما يصفها البعض، وتذكر دائمًا أن الأنهار ما هي إلا قطرات ماء تجمعت وتراكمت، والفرص العظيمة ما هي إلا تجمع لفرص أقل منها، ولكن إن ضيعت الفرصة تلو الأخرى بدعوى أنها فرصة ضئيلة، فلن تصل إلى تلك الفرص التي طالما حلمت بها.
أهم المراجع:
1.
2. .
3. .
4. .