خصصة القانون الجنائي
في مكتبه الفخم الذي تعلوه صورة كبيرة جدا لرئيس الجمهورية جلس وزير الداخلية بأنتظار قدوم رئيس جهاز الشرطة للتباحث معه حول اوضاع البلد الامنية واخر تطوراتها ,
دخل رئيس الشرطة وبدأ الاجتماع وكان اول سؤال يوجهه الوزير لرئيس الشرطة :-
طمني كيف احوال البلد الأمنية ؟ اجاب رئيس الشرطة بثقة وهو ينفخ صدره :-
عال العال يا سيادة الوزير , الامن مستتب وكل شيئ تحت نظر الشرطة
قال الوزير وهو ينظر الى تقرير بيده :-
ما رايك في ازدياد عدد جرائم الشرف ؟ منظمات حقوق الانسان تلاحقني وتحرجني حيثما ذهبت .
قال رئيس الشرطة دون تطرف عيناه :-
ظاهرة ايجابية ياسيادة الوزير , وهي تدل على عمق الوعي الاخلاقي والديني للمجتمع بحيث ان الاباء والاخوان يقومون بواجبهم على اكمل وجه ويقتلون بناتهم واخواتهم حفاظا على الفضيلة والاخلاق ويوفرون علينا الاحراج عندما يعرف الجميع مدى استفحال الفساد في المجتمع بسبب سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية , ونحن يجب ان نوجه لهم خطاب شكر ونمنع تسميتها جرائم الشرف ونسميها (تدخل شعبي للحفاظ على الشرف ) .
هز الوزير رأسه متعجبا وقال :-
وماذا عن الرشاوى في جهاز الشرطة ؟ الناس كلها تتحدث عن افراد الشرطة يعطون الحق لكل من يدفع اكثر ولايتابعون اي حالة مالم يدفع المواطن لهم ؟
ضرب رئيس الشرطة على الطاولة بيده غاضبا وقال :-
فساد ؟ عيب هذه الكلمة بحق رجال الشرطة الشرفاء يا سيادة الوزير , هذه اتهامات عارية عن الصحة كل ماهنالك ان نوعا من التضامن قائم بين المجتمع والشرطة حيث يساهم المواطنين بالتقليل من اعباء وزارة الداخلية المالية عبر صرف مكافأت وعلاوات لرجال الشرطة بشكل طوعي تماما ودون اي اجبار وهذا ان دل فهو يدل على حب الشعب لرجال الشرطة وتقديرهم لدورهم ويمنع مطالبة عناصر الشرطة لنا بمكافئات وعلاوات .
ابتسم الوزير ابتسامة صفراء وقال لرئيس الشرطة :-
ولكن ماذا عن حادث اختطاف متهم وسحله في الشوارع ومن ثم تعليقه على عمود نور ؟ اليس هذا دليلا على ضعف جهاز الشرطة وعدم كفائته ؟ اليس دليلا على غباء المسؤولين عنه عندما يأخذون متهم بالقتل في وضح النهار الى مكان الجريمة امام اعين جيرانه واقربائه دون تأمين الحماية الكفاية لمنع ماحصل ؟
رد رئيس الشرطة بدون اي تردد :-
ولماذا نمنعه ياسيادة الوزير ؟ ماذا كنا سنجني لو لم يحصل ماحصل ؟ سنين من المحاكمات والدعاوي والمصاريف ووجع الراس وازدحام في السجون , هل نحن بحاجة لهذا ؟ لا , وهل لدينا اصلا رجال شرطة بعدد كاف؟ فمعظمهم مخصص لحماية بيوت المسؤولين ومزارعهم وسياراتهم ومدارس ابنائهم وبناتهم وكذلك حماية الحفلات الغنائية والراقصة وبالتالي لايتبقى الا عدد معدود ممن يتولى التفاهات مثل جرائم القتل والسرقات وما الى ذلك , وبالتالي فإن ماحدث يعتبر نوعا من الخصخصة للقانون الجنائي بحيث تكون جميع الاطراف راضية اهل القتيل اخذوا ثأرهم, والصحافة حصلت على موضوع مثير تكتب عنه, والقتيل تجنب مصاريف المحامين الذين لايرحمون, والحكومة تجنبت اجراءات المحاكمة الطويلة وضياع وقت القضاة الذين يجب ان يكونوا مشغولين بالبحث عن الحقيقة !! بعد كل هذا أليس ماحصل هو بنفع الجميع ياسيادة الوزير ؟
حك الوزير على ذقنه ثم قال لرئيس الشرطة :-
ساتصل بفخامة الرئيس واخبره ان كل شيئ على مايرام وان الامن مستتب .*
هذه القصة خيالية ولاتمت لاي بلد عربي بصلة !!