تاريخ " شظايا النظام " ولعّبتهم
شكّلوا قوّة واحدة تمكنت من ان تصل الى الحكم في البلد وان تجّثم على انفاس اليمنيين لأكثر من ثلاثة عقود , وفيها فعلوا من " الفعائل " ما لا يستهان به في سبيل استمرار الحكم والسلطة والنفوذ بأيديهم .
كانوا لا يملكون اي شيءودخلوا الدولة " كعسكر " و " موظفين " يعيشون على مرتباتهم "وصرّف الكدم " و " التعّيين " المقرّر لهم شهريا او مرتب و " اعاشة " شئون القبايل , وبعد ان تمكّنوا من السلطة نهبوا البلد نهبا لم يسبقهم اليه احد واصبحوا هم اثّرىالأثرياء في البلد ويمتلكون من العقارات والمؤسسات والشركات والارصدة ما يحّير العقول وما لا يمكن ان يجمعه اي تاجر لو تاجر طول عمره فكيف وهم شاغلي مواقع وظيفة عامة او مواقع اجتماعيةقبلية .
شجّعوا الفساد وقرّبوا المفسدين وولّوهم على عباد الله في سائر الشئون , وقلبوا النظرة الى المال العام على انه " فيد " لهم ولمن يولونه , وحتى المال الخاص لم يسلم فما يروق لهم وصلوا اليه بطريق او باخر , وتسلّطوا على حقوق الناس وعلى آرائهم وعلى حرياتهم , ووصلوا بالبلد الى شّر وضع وبالمواطن الى ازراء حال , وكانوا هم يزدادون ثراء والمواطنون يزدادون ويلا وثبورا .
الملايين من المواطنين هجروا البلد الى شتى بقاع الارض بحثا عن مصدر رزق بعد ان جعل هولا مصدر الرزق هو خدمة تسلطهم ورغباتهم و مؤامراتهم وحماية نفوذهم و "منهوباتهم " , مئات الالاف " يتراجمون " في الحدود للتهرّب الى دول الجوار للعمل الذي لم يجدوه حتى مع تعريض انفسهم للمهالك وللمهانة , مئات الالاف مشردين تجدهم في " الجولات " و " مرجوّمين " على الارصفة ,والملايين في هجرة داخليه يعيشون في " دكاكين " ويتلاحقون هم و " البلدية " على اماكن " البسطات " و " العربيات " كل يوم .
هولاء هم من باعوا الارض تحت مسمى حل مشاكل الحدود وفرطوا بما يعرف القاصي والداني انه اراض يمنية بل اراض في العمق اليمني , و هم من عبثوا بالتركيبة الاجتماعية للبلد وساندوا كل " فالت " في قبيلته " ليعوّث ويلوّث " , وصرفوا له الاعتمادات والسيارات والرتب العسكرية والوظائف القيادية ومونوّه حتى بالسلاح الخفيف والثيل وبالذخائر ولدرجة انهم اعتمدوا لبعضهم " معسكرات " بالكامل .
استثمروا الثروات استثمار شخصي نفوذي وانّشئوا او توكّلوا او شاركوا الشركات التي تتولى الاستخراج اوالنقل اوالبيع للثروات النفطية والسمكية والمعدنية و السياحية , وامتنعت بسببهم رؤوس الاموال اليمنية الكبيرة في الخارج وكذلك غير اليمنية من القدوم الى البلد للاستثمار فيه خوفا من عبثهم وتسلطهم واطماعهم واهدارهم للأمن وللنظام والقانون الذي سيتمثل في الاخير في رغبة " فندم " او رغبة " شيخ " .
اخلّوا بالحياة السياسية واخترقوا كل الاحزاب واكثر منضمات المجتمع المدني , وتقاسموها فيما بينهم " كتكتيك " وليصبحوا هم السلطة وهم المعارضة " وهم المنتهك للحقوق وهم منضمات الدفاع عن الحقوق , وزرعوا في كل حزب او تنظيم سياسي اذرعهم وشجعوهم على الانقلاب على مكوناتهم والاحتفاظ بها كديكورات فارغة من اي مضمون وعاطلة عن اي تأثير في الواقع .
قتلوا المئات واعتقلوا عشرات الالاف واخّفوا قسّريا الالاف , استخدموا ( قوات الوطن ) في شن حروب على (ابناء الوطن )وقتلوا فيها كبارا وصغارا ونساء ورجالا وهجروا قرى ومديريات وخربوا بيوت وطرق ومزارع ومنشئات ورمّلوا وايتموا , واغروا القبائل ضد بعضها وساقوّهمالى حروب تنطلق من رغبة " الفندم " او" الشيخ " لا اكثر .
هولاء هم من اضاعوا البلد , وفي عهدهم اصبح في مقدمة الدول الفاشلة , وفي ضللهم ارتفعت كل المؤشرات السيئة من بطالة وامراض وتسرب من المدارس وتهريب اطفال وتشغيل اطفال وزواج قاصرات وزواج سياحي و جريمة وفساد الى اعلى المستويات مقارنه باي دول اخرى في ذات المستوى فضلا عن دونه , وفي دولتهم ارتفعت الاسعار ارتفاع جنونيا و تردّت كافة الخدمات من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وامن وغيرها , وتحت ادارتهم ساءت سمعة اليمن وتشوّهت المواطنة اليمنية واحتقر اليمني اينما ذهب وعبث به في مطارات العالم اجمع ومنها ما منع حتى من الوصول اليه .
هولاء هم خصوم الشعب او هكذا يفترض , هم من تولّوا المسئولية فيه وخانوّها , " وضّعوا " انفسهم واهدروا ملايين المواطنين الذين يحكمونهم .. ومن السخافة في العقول بل ومن قلة الضمير ان يذهب البعض الى الخصومة مع غيرهم ايا كان .
ليس من العقل في شيء ان نجعل ممن نختلف معه في فكرة او راي او نسب او حزب او مذهب عدوا نهّدر طاقاتنا في مواجهته وقتاله , وليس من المنطق في شيء ان نذهب الى مواجهة الاخر لأننا نختلف معه هنا او هناك , و من يجب ان توجّه اليه الخصومة والعداوة هم " شظايا النظام " هولاء , ليس لانّهم يختلفون عنا او معنا هنا اوهناك ولكن لانّهم تولّونا -ولازالوا يتولوننا جوهريا - وهم من ينهبنا ويعطل ادارة بلادنا ويربك مختلف مناحي حياتنا ويغري بعضنا ببعض .
هولاء كانوا قوة واحدة هي ملّوثة بكل من تواجد فيها ومتشاركة في العبث بالبلد بكل مكوّناتها , و لايجب ان يمرّ على العقول ان ايا من عناصرها هو " المنّقذ " اوهو " الذي على الحق وغيره على باطل " او هو " الثوري " , كل عناصر هذه القوة " سرق " ومنتهكي حقوق المواطن اليمني , وغير هولاء ليس " في بطونهم " لاحد شيء مهما كانت درجة الاختلاف معه .
يجب ان لايمر علينا او نتأثر بان هذه القوة التي كانت واحدة على مدى عقود قد تشظّت اليوم واصبحت عدة قوى وظهرت لنا في صورة المختلفة و المتعادية , كل تلك الشظايا كانت ولا زالت متشاركة في النهب والتسلط والعبث والاقلاق والتعصب في البلد وهي تعرف ذلك تماما ولن تكون في صف المواطنين المنهكين المتضررين منها ابدا مهما اظهرت ذلك او ادعته .
ما سبق هو شيء من تاريخ " شظايا النظام " التي اصبحت في ظاهرها قوى مختلفة اليوم ويجب ان لا ننساه , انها تلعب علينا ابناء اليمن لعبة كثيرا ما استخدمتها خلال فترة سيطرتها على البلد كقوة واحدة وحيدة ولكن هذه المرّة على نطاق اوسع , البعض يضل هنا والبعض يذهب هناك ومن تضرر من هذا " استلقفه " ذلك والعكس وفي الاخير الكل في " أيدي أمنه " .
وهي تحرض كل جماعة او فئة من ابناء اليمن ضد اخرى لتضمن ان يكون الجميع منهكا لا يقدر ايا منها على مقاومتها ولا تقدر جميعها على الاتحاد ضد عبثها , كانت تحرّض وتفرّق سابقا بإمامي ورجعي , واشتراكي وبعثي وناصري , ومخرب ومتأمر , و انفصالي وحراكي وحوثي , واليوم رافضي وايراني ووهابي وسعودي و" بقايا نظام " و " إنقلابيون " .
كل هذه التعبية هي تعبية خاطئة يجب ان ننتزعها من عقولنا ونفرّغ منها قلوبنا ولايجب ان تكون هي معاييرنا تجاه الاخر من ابناء بلدنا , يجب ان يحلّ محلّها فقط مجرم وخارج عن القانون ومن يحدد من هو المجرم ومن هو الخارج على القانون هو القانون واجهزته المعنية بذلك من نيابات وقضاء وليس رغبة او رأي او تصنيف او اتهام " الفندم " و " الشيخ " , ومن يقوم بالمواجهة والعقوبة لهذا المجرم او الخارج على القانون هي اجهزة الدولة لاسماسرة " شظاياالنظام " و اتباع النافذ الفلاني و " الجيوب " التابعة للمتنفذين , غير هذا لن تعرف البلد الخير ولن تستقر لأننا نوجه عداواتنا باتجاهات خاطئة ونترك من يجب ان نتوجه بعداواتنا لهم ليضربوا بعضنا ببعض ويستمروا هم في النهب والسيارات والعقارات والشركات والتسلط والنفوذ .