ما الذي دفع الحوثي للتحدي والتهديد.. المواجهة المباشرة بين الرئيس والسيد !!
خطاب الحرب الذي القاه عبدالملك الحوثي مساء الاحد على شاشة قناته المسيرة وطالب فيه الشعب للخروج لإسقاط الجرعة واسقاط الحكومة كما جاء في خطابه ، خطاب الحوثي هذه المرة خطاب عسكري انقلابي مسلح على السلطة وعلى المرحلة السياسية وعلى الرئيس هادي الذي كان له النصيب الأكبر من خطاب الحرب الحوثي وان الخطاب تحول جديد ، انتقل من خلاله من الصراع مع الاصلاح الى الصراع مع هادي مباشرة .
الخطاب اظهر مدى التناقض بين شعارات جماعة الحوثي وبين المطالب التي يسعى لها ومن ضمن هذا التناقض اعترافه بأن المشاكل في اليمن هي مشاكل سياسية وهذا يتناقض مع ماقاله ان تحركه ( باسقاط الحكومة والجرعة) هو تحرك شعبي وشعوره بالمسئولية !، وكان التناقض الواضح حين قال ان " ثورته " هدفها تطبيق مخرجات الحوار وقبلها رفض المبادرة الخليجية ووصفها بمبادرتهم وانها لاتعنيه وهذا تزييف واضح فالحوار يعتبر اهم بنود المبادرة الخليجية وجماعة الحوثي حضرت الحوار وبمقاعد اكبر من حجم الجماعة ووقع الحوثي على الوثيقة النهائية لمخرجات الحوار ، تناقض في مواضع كثيرة من الخطاب الذي تلاه عبدالملك الحوثي وبدت حالة الانفعال واضحة وسيطرة على حركاته وصوته حين تشنج اكثر من مرة وحين هدد وتوعد وهذا يدل على اهداف اخرى ليس لها علاقة بالجرعة .
الحوثي سرد المبررات المقنعه له وتخبط كثيرا ومن بين تخبطاته اعترف بالمشكلة وتجاهل السبب ، ذكر ان الاوضاع غير مستقرة وان معاناة الشعب متواصلة ولم يحدث اي انفراج ، هذه مشكلة واضحة ومعروفة لكن عبدالملك الحوثي تجاهل عمدا ذكر اسباب المشاكل وتجاهل انه هو وجماعته السبب الرئيسي والاول بعدم استقرار الاوضاع ونسى انه يخوض حروب عسكرية في اربع محافظات وان جماعته تمارس الفوضى والانفلات وتمارس القتل والتدمير والتفجير وانه لم يجنح للسلم ابدا.
التهديدات التي ارسلها الحوثي للرئيس مباشرة وضمنا هي تهديدات واضحة ولا قبول لاي مبررات لعدم الاعتراف بها وهذه الجرأة بتهديد الرئيس لم تعد مجرد كلام او خطابات او فهلوة ، بل اصبحت حقيقة ماثلة على الارض وموجودة داخل صنعاء وعلى بعد مئات الامتار من منزل الرئيس هادي ، الحوثي عمليا لايحتاج الى اسقاط صنعاء لانها تسقط كل يوم من سلطة الرئيس هادي وتنتقل الى سلطة جماعة الحوثي التي انشأت عدد من المراكز الامنية ( اقسام شرطة) داخل احياء العاصمة وتعمل بشكل رسمي وعلني وهذه المراكز موجودة جنوب العاصمة وشرقها وغربها وشمالها ووسطها وتعمل بطاقم اداري مدرب ويوجد بهذه المراكز سيارات تابعة للجماعة ومدير ومساعد وافراد وشرطة ضبط وبأوراق رسمية ليس للجمهورية اليمنية اي وجود داخل المراكز او اوراقها الرسمية.
كما ان الجماعة لاتحتاج الى اسقاط العاصمة لان اسقاطها اصبح فعل ماضي واسقاطها يأتي بفعل من خارجها وهذا الفعل اصبح موجود داخلها ومدعوم بعدد من مخازن الاسلحة والمليشيات المدربة وفي مقدمتها كتائب الحسين التي ذكرتها وكالة فارس الايرانية في خبر رسمي لها وكان هذا الخبر هو السبب الذي فرض على الجماعة تراجع العمل المسلح من داخل العاصمة.
اي جماعة تتعاطى معها السلطة بالشكل الذي تتعاطاه مع جماعة الحوثي لزما عليها تندفع لاستغلال هذا التعاطي بإعتباره فرصة ذهبية لتحقيق الهدف والغاية من وجودها وهو السلطة بدون الوصول اليها وفقا لقواميس العمل السياسي وانما وفقا لتعاطي السلطة مع الجماعة بنوع من الضعف من ناحية ورهبة السلطة من الدخول بأي صراع مسلح الناتج عن وجود قيادات سياسية وامنية وعسكرية اثرت على قرار السلطة وتوجهاتها تجاه جماعة الحوثي.
تداخلات كثيرة ومثيرة حول علاقة السلطة بجماعة الحوثي والمهمة الموكلة لها بصورة مباشرة او غير مباشرة محلية او اقليمية او دولية لكن الواضح عمليا على الميدان يؤكد ان تعاطي السلطة بالسكوت مع الجماعة وماتقوم به في المحافظات هو ثمن قيامها بمهمات نيابة عن السلطة خدمة لرغبة قوى محلية واقليمية ودولية وهذا واضح ولايحتاج لاي تفاصيل وان تفاصيله هي ( صعده عمران الجوف حجة صنعاء ... وووو) لكن الشيء الذي يجب ادراكه من الان ان جماعة الحوثي لم يكون هدفها وغايتها هو الاصلاح او الاحمر او علان وعلان ، الجماعة هدفها السلطة كاملة غير منقوصة وهذا الهدف هو اولوية قصوى ، لن ترضى الجماعة بغير السلطة كاملة حتى ولو منحت امتياز الحكم الذاتي لاقليم سبأ واقليم ازال معا ولن تتراجع عن هدفها حتى ولو شاركت بثلث الحكومة او حتى نصفها ولن تتراجع حتى ولو ذهب الاصلاح والسلفيين وال الاحمر وكل من يخالف الجماعة الى البحر ، لن تقبل بغيرالسلطة كاملة وبكامل الارض اليمنية، وكل الشواهد والمؤشرات باتت واضحة وملموسة في كل محافظة ، فالجماعة اصبحت تسيطر على مدن وطرقات كاملة غير المدن والطرقات التابعة للمحافظات الخاضعة لحكمها ، الجماعة تسيطر على مدن ومديريات سواء داخل العاصمة او بالمحافظات وهي تسيطر على طرقات رئيسية مثل طريق صنعاء الحديدة والحديدة حرض وصنعاء مأرب عبر جحانة وتسيطر على مؤسسات حكومية بكاملها وتسيطر على وحدات امنية وعسكرية بشكل شبه كلي وان الصؤخة تؤدى داخل كثير من وحدات الجيش والامن.
هذا الكلام ليس انشائيا كما يتوقع البعض لكنه حقيقي وواقع على الارض ولا تتخيلوا ان الجماعة قد استكملت من الاعدادات والمتطلبات اللازمة لادارة شئون الدولة وانها قد استكملت تدريب القيادات والعناصر التي ستتسلم مهمة الادارة في ابعد مديريةداخل الجمهورية، اضافة الى تدريب عناصر الامن والكتائب المسلحة في اغلب المحافظات وان اسلحتها موجودة في كل مديرية وهي بالطبع لن تخوض حربا في كل المحافظات وقد تكون الجوف ومأرب ومحيط العاصمة اخر حروبها ، طبعا الحرب في مأرب احتمال ضعيف جدا ومثله محيط العاصمة .
جماعة الحوثي استفادت من تدويل المرحلة السياسية واستفادت من خدمات الرئيس السابق بشكل كبير واستثمرت رغبته بالانتقام ، واستفادت من قيادات المؤتمر واستفادت من الصراع بين القوى السياسية واستفادت من خسارة الرئيس هادي لحلفائه واستفادة من التعيينات المناطقية ، واستفادة من نفوذ علي عبدالله صالح ووجوده داخل اجهزة الدولة والمؤسسة العسكرية والامنية والاستخبارات ، استفادة من المتغيرات والصراع الإقليمي والدولي ، بل ان الحوثي استفاد من اخطائه وانكساراته وهزائمة واستثمرها وحولها الى نجاحات ( النفق والجوف تقريبا ) .
جماعة الحوثي وظفت جهدها بتركيز مدروس ومخطط ، لذا لا غرابة في نبرة خطاب عبد الملك الحوثي مساء الأحد الذي ظهر في كلماته وحركاته وصوته وكأنه الرئيس والحاكم ولا غرابة في تهديده وانذاره وتحذيره ، الحوثي تحدى وهدد وفقا لمعطيات عملية اهمها القوة العسكرية والجاهزية القتالية، لايمكن لاي جماعة تهدد علنا وتحدد موعد لاسقاط الحكومة بخيارات القوة دون ان يكون لديها معطيات القوة ، فشل المظاهرة او نجاحها ليس مقياس للعمل التالي وتنفيذ وعودها، المقياس الحقيقي هو رد فعل السلطة على العمل الذي تقوم به وهذا واضح من خلال تحول الجيش والأمن الى (نعامات) امام التحرك المسلح لجماعة الحوثي ودخول افواج من السيارات العسكرية والمسلحين الى العاصمة ومرورهم بعشرات النقاط الامنية القادمة من المحافظات الى صنعاء سواء لحضور المسيرة او البقاء في المخيمات على ابواب العاصمة وهي مخيمات مسلحة وقد اكد هذا مانشر وينشر في مواقع الجماعة وعلى لسان قادتها الذين لا يعترفون بالسلمية وقد اشار عبدالملك في خطابه الاخير انه انتظر وانتظر حتى استنفدت كل الخيارات ولم يبقى سوى خيار القوة ، والخبر الذي نشرته وكالة فارس الايرانية عن استعداد الجماعة لاسقاط الحكومة المدعومة بكتائب الحسين وهذه الكتائب لمن لايعرف هي مدربة تدريب عالي ولا يوجد فيها عناصر شعبية وهي بمثابة قوات النخبة وتم تدريب قياداته وضباط الصف الاول وجنود كثيرون في جنوب لبنان داخل افضل كلية عسكرية التابعة لحزب الله.
لن يكون سقوط الحكومة مفاجئا لنا ونحن نعرف ماذا يعني سقوط الحكومة ، الحكومة التي سيسقطها الحوثي يوم الجمعة القادمة ليست هي حكومة محمد سالم باسندوة وليست حكومة الاصلاح والمشترك وليست حكومة المؤتمر شريك الجماعة الاستراتيجي ، لكنها حكومة الجمهورية اليمنية وحكومة سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي سيكون وجوده بعد السقوط هو وجود شرفي لا أكثر.
خطاب الحوثي كان مفاجئا واكثر من ذلك انه لخبط كل الاطراف وكل القيادات ..وهناك من سيتفاجئون ويأكلون مقلب لم يكون على بالهم وأولهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح وبقايا حزبه الذي تم تصديره ومصادرته لصالح جماعة الحوثي ، وثاني واحد يتفاجئ هو الرئيس عبدربه منصور هادي صاحب القلب الطيب والرجل الصبور والحليم ..
اما بقية القوم من الوزراء والقادة والسياسيين فمفاجأتهم مهضومة وغير معبرة وليس لها قيمة أو وزن من الآن ..
المطالب واضحة والاهداف واضحة .. كررها عبدالملك وكرر وبثقة وقوة ان اسقاط الحكومة هدف اساسي وما يجب الاشارة له ان الحوثي يطلق على هذا الحدث (ثورة ) وهو يعي ما يقول ويعرف ما تبعات هذا الفعل ، لا يوجد في قواميس الثورات ثورة على شخص او مسئول او حزب اصبح مستسلما بعد ان كان سلميا ولازال من يوم تأسس وحتى ..... الثورات تعني تغيير النظام !! وتغيير النظام يعني استبعاد الكل!! الحوثي عمليا يمتلك اكثر من نصف الحكومة الحالية ولو كان يفكر بنفس تفكير علي عبدالله صالح والاصلاح وحتى الرئيس هادي لاكتفى بالموجود لكن هدفه اكبر من الحكومة ومن نصفها او كلها!!
طبعا هناك عوامل ساعدت الحوثي على هذا القفز وهذا التحول ومن اهمها الوصاية السعودية الامريكية على اليمن اضافة الى التحول الكبير في العلاقة بين ايران وامريكا وايضا صراع القوى الاقليمية والدولية على المنطقة فالحوثي يستحدث المخيمات حول صنعاء وعينه على باب المندب ومأرب والحديدة والمنطقة الحرة وباقي الموانئ والمنافذ والمطارات.
وهناك فرص لتجنب القادم علي يد جماعة الحوثي واخضاعها للالتزام بالمرحلة الحالية والتحول الى حزب سياسي وتلسيم اسلحتها ولو ان كل هذه اصبح متأخرا بالنسبة لوضع الجماعة وتطلعاتها في استثمار ضعف الاداء واستمرار الصراع وعدم جدية صاحب القرار .
لا تعذروني وامثالي اذا قلنا لقادة المرحلة بعد يوم الجمعة انكم أغبأ الناس ولا تستغربوا اذا قلنا للحوثي بأنه اذكى الناس .. نحن ادينا واجبنا واوضحنا الحقائق وحللنا كل المواقف وأرشدناكم الى ما يجب عمله وتوقعنا المستقبل والنتيجة النهائية وكان الغباء والاستغباء هو المسيطر عليكم ..
ومع هذا لايجب ان ننسى ان جماعة الحوثي تم زرعها لاهداف استراتيجية سواء تحققت الان او في قادم الايام وحين يتحقق الهدف لاتتوقعوا ان الحوثي سيعلن الملكية والسلالية فهذه مستبعده ولن تحدث لكنها مفاهيم يتخندق البعض خلفها!!
اذا سقطت الحكومة فهذا يعني توقف كل برامج المرحلة لان سقوط الحكومة سيفرض واقع سياسي جديد ستختفي معه تلك البرامج التي كانت سببا لكل هذا .. لا حصانة ولا مبادرة ولا مخرجات ولا لجان ولا هيئات .. المدخلات الجديدة !! هي البديل.
خيط رفيع يفصل بين اهداف جماعة الحوثي وبين تحقيقها وتنفيذها وفرض واقع جديد ، هذا الخيط هوبيد الرئيس هادي وحده دون غيره في حال استوعب المتطلبات الذي سيفرضها الواقع القادم !!