غايات متناقضة دمرت اليمن
استمرار الرئيس السابق علي صالح في ممارسة الانتقام تجاوزت الخصوم ووصلت الى مؤسسات الدولة الهامة ، استخدام علي صالح للجماعات المسلحة للقيام بمهمة الانتقام عمليا هو استحضار كارثي لضرب السلم الاجتماعي وضرب الدولة ومؤسساتها.
لو ان علي صالح وظف علاقاته وإمكانيته السياسية والاعلامية والمالية لصالح اعادة بناء حزب المؤتمر وتنمية قدرات قيادات واعضاء الحزب علميا ومهنيا واقتصاديا وخلق فرص انتاجية لتشغيل العوام والقواعد المسحوقة التي يستخدمها للاستعراض المسلح فكان سيحقق اكبر انتصار على خصومه وسيضعهم في مواقف محرجة ، الانتصار الاقتصادي الذي يعتمد على الانتاج هو السلاح الفتاك في هذا العصر ، اليابان انتصرت على الحلفاء بالتوجه نحو التسلح بالقوة الاقتصادية وحققت في هذا الجانب انتصارا مذهلا على اعدائها العسكريين ونجحت في تركيعهم حين تحولت الى قوة اقتصادية عالمية.
التحشيد المسلح الذي يحيط بالعاصمة هو تحشيد مؤتمري في الاساس، سواء من خلال العناصر المؤتمرية التي " تحوثت " مبكرا او العناصر المؤتمرية المضافة حديثا ، الحوثي وعلي صالح ، كل منهما وجد غايته عند الاخر ، الحوثي غايته السلطة بكامل مؤسساتها وعلي صالح غايته الانتقام من خصومة ، والفتك بهم على مختلف الجوانب .
غايتان متناقضتان تماما ، فغاية الحوثي مشروعة بوسائل غير مشروعة وغير مقبولة لاعتمادها على السلاح والقوة للوصول الى السلطة وهي الغاية التي دمرت البلاد وقتلت ستون الف جندي والاف المواطنين ومثلهم ويزيد جرحى ومعاقين وعشرات الالاف مشردين ومهجرين اضافة الى عدد كبير من حالات الانتهاك الانساني والمادي .
اما غاية علي صالح فهي غير مشروعة بوسائل غير اخلاقية ، والوسائل المستخدمة لتحقيق غايته هي التي تنتظره اجلا نظرا لاستحقاقات والديون المطلوب تصفيتها ومن بينها ثأرات ودم وحقوق وانتهاكات ومظالم مفتوحة ، وان اغلاق تلك الاستحقاقات لم يكون نهائيا بل هو اغلاق مؤقت فرضته الغايات!! ، والغاية التي ستنتصر ستكون السباقة على الانقلاب وفتح صفحات الماضي .
غايتان مهزومتان شعبيا واخلاقيا وسياسيا، وهزيمتهما في وسائلهما بالدرجة الاولى نتيجة للغلاف الخطأ الذي تعتمده الغايتان ، بإستخدام شعارات كاذبة وليس لها اي جوانب واقعية ، بل ان الشعارات التي تغلف حركة التحشيد المسلح سواء شعارات الصرخة او شعارات الجرعة ، جميعها اثبت انها شعارات تدميرية وقاتلة.
من زاوية اخرى .. نجد ان علي صالح وتحالفه مع خصمه الدموي السابق (جماعة الحوثي) وتحالفه مع الخصم هو الذي اخرج الجماعة من مخابئها واظهرها على الارض بل استدرجها الى العاصمة وهو بمثابة سيف ذو حدين ، وقد يكون الانقلاب واردا بقوة على الجماعة من قبل علي صالح في لحظة حرجة تلبية لضغوط الممولين الرئيسيين له، لانه في حالة استشعارهم بخطورة غاية الجماعة فسيمارسون ضغوطا قوية وبالطبع لايمكن لعلي صالح تجاهل تلك الضغوط نظرا لارتباط مصالحه بالممولين وبالطبع ليسوا افرادا بل انظمة ودول وتحديدا الامارات والسعودية ، ومعروف ان مصالح علي صالح المالية والتجارية حولت اغلبها الى دولة الامارات .
تحول تحالف الحوثي / علي صالح المسنود بالتمويل الخليجي السعودي الاماراتي الى كارثة على الاوضاع في اليمن نظرا لغاياته القذرة والغير اخلاقية ، فغاية الخليج ( السعودية والامارات) هو القضاء على تيار سياسي يعتبر اساسي وجزء من الهوية اليمنية الوطنية والاسلامية وغاية الاطراف المموَلة (علي صالح وحليفه الحوثي) غايات دموية انتقامية من ناحية ومهددة لامن دول التمويل امنيا وسياسيا من ناحية اخرى .
من مصالح كل الاطراف المحلية والخليجية هو تحسين غاياتهم وتهذيب ادواتهم بما يتناسب والوضع اليمني ، فمصلحة علي صالح تكمن بالحفاظ على الامن والاستقرار وتماسك مؤسسات الدولة ، ومصلحة جماعة الحوثي تكمن في الاندماج والتحول نحو العمل السياسي المدني والابتعاد عن مراكمة الدم والثارات التي ستتحول الى خصم مخيف تقضي علي الجماعة واصحابها ، ومن مصلحة السعودية والامارات والخليج هو سلامة اليمن من اي اختراق سياسي يعزز وجود الخصم التاريخي للخليج في خاصرته الجنوبية .
التقاطعات المحلية مع الغايات المهددة للامن والاستقرار هو التعامل المزدوج من قبل بعض الاطراف الرسمية وتوظيفها احيانا لصالحها بهدف تحجيم بعض القوى والقيادات رغبة بإعادة ترتيب قواعد التوازن بين القوى المحلية من خلال عملية رفع ونصب وخفض القوى وفقا للقواعد الجديدة ، واحيانا لخدمة سياسات دولية لتلبية مواقف واجراءات معينة ضمن المصالح المشتركة .
لا ننكر ان علي صالح استغل التوافق السياسي المتحكم بالمرحلة لتحقيق اهداف خاصة به شخصيا ومن خلال نفوذه داخل مؤسسات الدولة المختلفة نجح بإختراق سلطة القرار اختراق ناعم ساهم بتمرير سياسات معينة بواسطته ، ومن خلال هذا الاختراق نجح في ( تكييف) اسلوب الاداء بما يتوافق مع اهدافه.
مثلا .. نجح بدفع قيادات هامة حازت على ثقة الرئيس هادي وبطريقة شيطانية من صالح نجح بدفع الرئيس هادي للاعتماد عليها وهذه القيادات مؤثرة بدرجة اساسية على القرار ونتج عن هذا التأثير المعزز بثقة الرئيس الى خلق سياسة ضبابية خاصة فيما يتعلق بالجانب الامني وهيبة الدولة ، هذه السياسة تمثل المناخ المناسب لتنفيذ سياسة صالح ..