قلق إسرائيلي: الخلاف بين السيسي والسعودية يهدد بانهيار “المحور السني المعتدل”
في الوقت الذي جاهرت فيه المزيد من القيادات العسكرية الإسرائيلية بالدعوة إلى المساعدة في إطالة عمر نظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، خدمة لمصالح إسرائيل، حذر مركز أبحاث مرتبط بدوائر صنع القرار في تل أبيب من التداعيات “السلبية” لتدهور العلاقات بين مصر والسعودية عليها.
وحذر “مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة”، الذي يترأس مجلس إدارته وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي المستقيل أخيراً، دوري غولد، من أن الخلاف بين نظام السيسي والسعودية يهدد بانهيار “المحور السني المعتدل”، الذي يساعد على مواجهة “الإرهاب السني” ويسهم في التصدي لإيران، على حد وصفه.
وفي تقرير نشره على موقعه، أعده السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، تسفي مزال، خلص المركز إلى أن انهيار هذا “المحور” يوجه ضربة قوية لرؤية “السلام الإقليمي” التي يتشبث بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، وتقوم على تحقيق تسوية سياسية للصراع تتجاوز الفلسطينيين، وتضمن لإسرائيل الاحتفاظ بخارطة مصالحها في الضفة الغربية.
وحمّل الولايات المتحدة والسعودية المسؤولية عن انهيار هذا المحور، بسبب موقفهما من نظام السيسي والجماعات الإسلامية المتطرفة.
وأوضح المركز أن انهيار “المحور” يمسّ بمصالح إسرائيل، على اعتبار أن وجوده أسهم في بلورة بيئة ساعدت في تحفيز الإدارة الأميركية للعمل ضد المشروع النووي الإيراني.
كما أشار إلى أن وجود “المحور”، الذي تبلور في عهد حكم حسني مبارك، “سمح لإسرائيل بأن تؤدي أدواراً مهمة في المنطقة من وراء الكواليس”.
وحمل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المسؤولية عن انهيار هذا المعسكر لأنها تخلت أولاً عن مبارك وتجاهلت السيسي، ما دفعه للتقرب من الروس وإيران، مما أفضى إلى “الإخلال بالتوازن الاستراتيجي في المنطقة على هذا النحو”، بحسب رؤية المركز.
ووفقاً للمركز، فإن موقف الإدارة الأميركية أضعف السيسي سياسياً واقتصادياً، ما جعله يتجه إلى روسيا والصين وإيران، مشدداً على أن “تقصير” الولايات المتحدة في أداء أدوارها الإقليمية أفضى إلى تناقض المصالح بين نظام السيسي والسعودية، وبروزه على هذا النحو، إذ بات كل طرف معنياً بتحقيق مصالحه الخاصة.
واعتبر أنه في الوقت الذي يرى فيه نظام السيسي في جماعة الإخوان المسلمين التهديد الرئيسي لنظامه، فإن السعودية ترى في إيران مصدر التهديد الأول على أمنها واستقرار نظامها.
وحسب المركز، فقد أفضى تناقض المصالح بين نظام السيسي والسعودية إلى اقتراب الأخيرة كثيراً من تركيا، مما عزز من التعاون الاستراتيجي بين أنقرة والرياض. وهاجم المركز السعودية، معتبراً أن إصرارها على دعم قوى المعارضة السورية المسلحة ذات التوجهات الإسلامية، على حد وصفه، “أثار حفيظة السيسي الذي يرفض سقوط سورية في أيدي هذه الجماعات”.
وأشار إلى أن تناقض المصالح بين مصر والسعودية اتسع ليشمل اليمن وليبيا، موضحاً أنه “على الرغم من أن كلاً من نظام السيسي والسعودية سيحاولان إصلاح العلاقة بينهما، إلا أن أسس ومحفزات الخلاف بينهما ستظل قائمة وستنفجر مجدداً في كل لحظة”.
وفي سياق متصل، قال قائد عسكري إسرائيلي بارز إن بقاء نظام عبد الفتاح السيسي على رأس السلطة في مصر يكتسب أهمية قصوى بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي. وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة “هآرتس”، يوم الجمعة الماضي، قال القائد السابق لقيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، الجنرال غادي شماني، إن صعود السيسي للحكم حسّن من قدرة إسرائيل على مواجهة حركة “حماس” مما أسهم في إضعافها، على حد قوله. وشدد على أن إسرائيل “تستفيد من كراهية السيسي لحماس”، منوهاً إلى أن هذه “الكراهية” ترجمت إلى إنجازات لصالح إسرائيل في المواجهات مع الحركة.
وامتدح شماني السيسي لأنه هو من حال دون اضطرار إسرائيل لتقديم تنازلات إلى “حماس” خلال حرب 2014، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت قد هرولت ووافقت على هذه التنازلات، إلا أن السيسي هو الذي حال دون ذلك في النهاية.
وأضاف “علينا أن نعترف أنه لولا تشدد المصريين لانتهت الحرب بشكل مختلف”، معتبراً أن إسرائيل تستفيد حالياً “من نافذة فرص تاريخية وغير مسبوقة”. وأشار إلى أن إسرائيل لم تتمكن من القضاء على تهديد الأنفاق، التي تستخدمها “حماس” في تهريب السلاح إلى قطاع غزة، وظلت تعاني من وجود هذه الأنفاق “حتى جاء السيسي وقرر تدميرها”، متمنياً أن يبقى السيسي “في حكم مصر لسنوات طويلة”.