تمضي الأزمة الدبلوماسية بين اليمن وإيران في طريقها نحو نفق آخر من الاحتقان الحاد وإلى مزيد من التأزم بعد توجيه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مؤخرا اتهامات مباشرة لإيران بمحاولة زعزعة الاستقرار في بلاده من خلال تقديم الدعم والعون لبعض فصائل الحراك الجنوبي المنادية بانفصال جنوب اليمن.
وتأتي تلك الاتهامات بعد أيام فقط من نفي الخارجية اليمنية اتهامات وجهها حسين أمير عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيرانية، للحكومة اليمنية بأنها كانت على علم بوقت وكيفية اختطاف الملحق الإداري بالسفارة الإيرانية بصنعاء نور أحمد نيكبخت الشهر الماضي.
ويرى الصحفي والباحث بالشأن الخليجي والسياسة الإيرانية عدنان هاشم، في حديث للجزيرة نت، أن الأزمة في العلاقة بين صنعاء وطهران "تشهد توترا متصاعدا" مع محاولة الأخيرة استغلال حادثة الاختطاف في ابتزاز حكومة اليمن لتحسين شروط تفاوض حلفائها قبل خروج نتائج مؤتمر الحوار الوطني.
رسالتان
ويعتقد هاشم أن هادي أراد في تصريحاته الأخيرة توجيه رسالتين الأولى لطهران مفادها بأن اليمن لن يكون سوريا بديلة بالشرق الأوسط مع اقتراب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والثانية لحلفائها باليمن (الانفصاليين والحوثيين) بأن تنفيذ أجندات دولة تحاول توسيع نفوذها يفقد الأهلية للحديث عن المشاريع الوطنية.
واستغرب الباحث نفي الخارجية الإيرانية في تصريحات سابقة التدخل بالشأن اليمني، معتبرا الأمر مثيرا للغرابة والسخرية "في ظل اعتراف قيادات إيرانية وأعضاء برلمان وأعضاء بهيئة تشخيص مصلحة النظام الإيراني".
وكان هادي قد اتهام خلال لقائه السبت الماضي بزعماء قبليين مباشرة إيران بدعم الفصائل الحراكية "المتطرفة" التي يقود أبرزها الزعيم الجنوبي علي سالم البيض، كما ألمح خلال حديثه للدعم الإيراني لـ جماعة الحوثي، من خلال إشارته إلى حروب صعدة الست بين الحكومة وجماعة الحوثي.
ووفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) فقد قال هادي إن "الحراك الجنوبي الذي بدأ مطلبيا عام 2007 وانتهى بعض فصائله إلى حراك غير سلمي بفعل تدخلات خارجية وإقليمية خاصة المرتبطة بإيران".
هادي اتهم إيران بدعم الفصائل الحراكية (رويترز-أرشيف) |
اتهامات ونفي
وتتهم السلطات اليمنية بشكل متكرر إيران بتقديم دعم مادي وعسكري وإعلامي لجماعة الحوثي الشيعية، بشمال البلاد وفصائل حراكية متطرفة تنادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله.
من جانبها تنفي إيران دعمها للحراك بالجنوب أو للحوثيين بالشمال، كما تنفي جماعة الحوثي وقيادات بالحركة الانفصالية هذا الدعم، وتردد أن من ينشرون أخبار هذا الدعم يريدون تشويه صورة الجماعة والحركة.
وقال رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي صالح يحيى سعيد بحديث للجزيرة نت إن ادعاء البعض بأن الحراك الجنوبي أو الرئيس علي سالم البيض له علاقة مع بعض الدول والأحزاب الخارجية وأنه يتلقى الدعم منها أو من إيران "ادعاءات كاذبة ومحض افتراء".
وأضاف "نستطيع القول بأن هذا الأمر غير صحيح لكننا نؤكد أن بإمكان الحراك الجنوبي أن يمد يده ويعقد علاقات مع أي دولة أو أي جهة عربية كانت أو أجنبية شريطة أن تكون هذه العلاقة بدون قيد أو شرط أو تمس سيادة الجنوب وحراكه السلمي".
سعيد: الاتهامات للحراك بتلقي دعم إيراني بأنها محض افتراء (الجزيرة) |
حق مشروع
وتابع سعيد "سنمد أيدينا لأي علاقة غير مشروطة تدعم الحق المشروع لشعب الجنوب في نضاله السلمي العادل من أجل تحقيق الهدف الإستراتيجي الذي قام على أساسه الحراك والمتمثل بدرجة أساسية في تجريد الجنوب واستقلاله واستعادة دولته".
وفي سياق متصل، وصف البرلماني عبد الكريم جدبان، عضو مؤتمر الحوار الوطني عن جماعة الحوثي، الاتهامات الموجهة للحوثيين بتلقي دعم ايراني بأنها "باطلة" وأن الهدف منها هو استدعاء الخارج لضرب الحركات والقوى الوطنية في داخل اليمن.
وقال في حديث للجزيرة نت إن القوى التي تعمل لخدمة الصلف الأميركي والصهيوني باليمن تعمد إلى فبركة هذه الاتهامات الكاذبة والمؤامرات لإشعال الفتن واستدعاء الأجنبي لضرب القوى الوطنية، كما هو حاصل الآن بسوريا ومن قبلها العراق وغيرها من المناطق العربية على حد قوله.