في ضوء الأحداث الراهنة على الساحة الإقليمية، وتداعيات ردود أفعال بعض الحكومات على التحركات الشعبية، الرامية إلى تأمين الحقوق الإنسانية الأساسية للنفس البشرية، وفي مقدمتها الحق في الصحة والحماية، يجدد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط تأكيده على أهمية اتخاذ تدابير عاجلة لوقف تصاعد أعمال العنف ضد المدنيين، لتسهيل أعمال الإغاثة الإنسانية الفورية في جميع بؤر التوتر.
وانطلاقا من مسؤولياتها المهنية والأخلاقية، تدعو منظَمة الصحة العالمية جميع الدول الأعضاء للتعاون في مواجهة هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها بعض بلدان الإقليم، وتجاوز التحديات التي تواجه سكانها، من خلال دور تضامني يشمل جميع مؤسسات المجتمع المدني، لتوفير الأمن والحماية والرعاية الصحية، وتشكيل فرق إنقاذ وطنية تواكب الجهد السياسي المأمول لوقف نزيف العنف، وتوفير الاستقرار باحترام الحقوق والحريات، وضمان سلامة المواطنين. وقد تم تكليف الوحدة المختصة بالإغاثة والعمل الإنساني في المكتب الإقليمي للمنظمة بتنسيق الجهود في هذا المجال.
وتجدد منظمة الصحة العالمية، ممثلة بمكتبها الإقليمي، استعدادها الكامل لتقديم العون الطبي والمساعدة الآنية للمتضررين، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية، في دول الإقليم ممن قصرت عنهم الرعاية الصحية في البلدان المتأثرة، ومن ذلك خدمات الإسعاف والفرق الطبية المتنقلة بالتعاون مع الجهات المحلية القادرة على التحرك الميداني.
وتغتنم منظمة الصحة العالمية هذه المناسبة للإشادة بالدور البناء الذي قامت به جمهورية مصر العربية في الظروف الراهنة التي تعيشها ليبيا، حيث قام الجيش المصري، بجهودٍ كبيرة لتخفيف تداعيات هذه الظروف، ومن ذلك إنشاؤه مستشفى ميدانياً على الحدود المصرية الليبية لإسعاف ضحايا العنف، وإسراعه بعمليات الإجلاء عبر الحدود للمصرين القادمين من ليبيا وغيرهم من الجنسيات الأخرى. وتثني المنظمة كذلك على دور وزارتى الصحة المصرية والتونسية وجمعيات الهلال الأحمر في أعمال الإغاثة على الحدود، مع تأكيد استعدادها لتقديم الدعم الممكن لهذه الجهود الإنسانية المبرورة.
إن منظمة الصحة العالمية، وفي سياق مسؤولياتها في مجال العمل الصحي والإنساني، ومن واقع ما يتم تسجيله من وفيات وإصابات في عدد من بلدان الإقليم ولاسيما في ليبيا، يفوق بكثير المعدلات المتوقعة في ظروف مشابهة، الى جانب التدمير الذي لحق بمنشآت طبية في البلاد، تناشد وزارات الصحة في الإقليم تحمل مسؤولياتها والأمانة الملقاة على عاتقها، احتراما للمعاهدات والمواثيق الدولية وقرارات منظمة الصحة العالمية بشأن حماية المدنيين، وعدم التعرض للمنشآت الصحية والعاملين عليها، وتقديم العون لكل الضحايا على قدم المساواة بصرف النظر عن الانتماء السياسي والديني. وتهيب المنظمة بالدول الأعضاء التحلي بضبط النفس في التعامل مع هذه الأحداث، وعدم تجاوز الحدود في استعمال العنف تجاوزا يشكل تهديدا وخرقا للحقوق الإنسانية المتعارف عليها دوليا وفي مقدمتها الحق في الحياة والحق في الصحة.