أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

الحقائب الوزارية والهيمنة الحوثية

- عبد الخالق عطشان

من الحماقة التي يجتمع عليها الساسة اليوم فوق طاولة المحاصصة أنهم في معزل متعمد عمّ يجري على أرض الواقع ومازالت تلك هي العقليات الصدئة والتي لا ترى أبعد من أنوفها عبر استخفافها بعقول العامة..  يتجمع معظم  الساسة اليوم من أعلى الرئاسة إلى أصغر حزب أو حركة سياسية وكأنهم في مزاد علني غير أن ما يباع فيه هو الوطن ينتظرون وقد ملوا الانتظار وتهاوى صبرهم كل ينتظر حصته من وطن أضحى في نظر معظمهم عبارة عن حقيبة تركها مؤرث يتقاسم ما فيها ورثته بعد موته ، وكل يريد النصيب الذي يتماشى وفق هواه وأطماعه..

.

أكثر من شهر والخلاف مازال محتدما أولا في تعيين رئيس للوزراء ثم لم اتُفق عليه وهو في رأيي اتفاق أملته الضرورة  بانتظار إملاء الخارج وليس الرضا التام عن شخصه عند معظم المكونات السياسية ومع ذلك تم الاتفاق وبدأ خلاف آخر على الحصص والحقائب الوزارية ثم على شخوصها ثم على نسبة التمثيل وهكذا دواليك ، وقد تجسد الأمر الواقع وظهر جليا في حصول الحركة الحوثية في آخر تسريب عن الحصص الوزارية على ست حقائب تم اختياره لها بعناية بينما وضع هيمنته على بقية الوزارات مستمدا هذه الهيمنة من التحالف القوي بينه وبين صالح والذي تجسد في بسط قوته على الأرض فسُلِمت له المحافظات والمؤسسات المدنية والعسكرية دون عناء ومشقة وبدأ – الحوثي – يمارس سلطات الدولة الرقابية والتفتيشية بالذات على مجمل المؤسسات وكان آخرها – الدائرة المالية – للقوات المسلحة .

لقد  أصبح معنى السيادية من مفهوم حوثي  ليس السيطرة على وزارة سيادية بعينها ولا أكثر من ذلك وإنما السيادة التامة والمطلقة على الدولة بجلوس الحركة على العرش بينما تجلس المكونات السياسية والتي ستبلع طُعم الحقائب الوزارية على فَخذَي الحركة لتضلل الرأي العام بان الظاهر والقابع فوق العرش هم غيرها بينما الحركة الحوثية هي المرجع الأساسي للأمر والنهي وأي خلل أو تقصير في الأداء الحكومي فالمسؤول عنه هي تلك المكونات السياسية لا المرجعية الحوثية العليا .

ماذا بعد التقسيم والمحاصصة هذا هو السؤال الأبرز وما المستقبل الذي ينتظره المواطن في ظل التقسيم الجديد ؟ هل سيتنفس المواطنون الصعداء ويشعرون أنهم يستظلون بظل دولة تعمل على بسط سلطانها وتعيد هيبتها السليبة وقدراتها الأسيرة ام ستنضوي الدولة تحت إبط حركة أو حزب أو جماعة تعمل على مواصلة الإنتقام من الخصوم وتسخير كل مقدرات الدولة لذلك ولتنمية فكرها بالترهيب  على حساب أفكار الآخرين ؟  أم أن المستقبل سيحمل تغييرا ملحوظا على كافة الأصعدة وهذا مالم نرى له أي تباشير خصوصا أن منطق الإجتياحات للمناطق والمحافظات والإشتراطات على طاولة المفاوضات لايُنبي إلا بمزيد من خيبة الأمل . .

الأمر الواقع واللحظة الراهنة التي يجب على الجميع ان يؤمن بها هي أننا نعيش في اللادولة وإن افترضنا أنها دولة غير أنها تقبع بين فكي حركة مسلحة استمدت معظم قوتها من – صالح - هيمنت وسيطرت وفرضت وجودها  بينما الاخرين مشغولون في الخلافات الجانبية والحوار العقيم و الالتزام بالنظام والقانون والمبادئ والتي ماعاد لها أثر إلا في أدبيات الفلاسفة والمنظرين من الساسة ، ماعلى الجميع فعله هو التأقلم والإيمان بالواقع المعاش والتعامل معه بمرونة عالية والحفاظ على ما تبقى من آثار للدولة والإستعداد لمواجهة أي أخطار تجهز على ماتبقى من ثوابت وطنية ..

وللتأكيد فإن توزيع الحقائب الوزارية لن يكون حسب الأنصبة الشرعية ولا القانونية وخطة التقسيم المعتمدة 99-66-4 هي خطة فُرضت فرضا ولايوجد فيها أي توافق هذا ما يجب على الساسة أن يعقِلوه ويبينوه ، فحقائب الحراك الجنوبي مثلا إنما هي كحصة يتيم يتمنى القائم عليه ان لا يبلغ هذا اليتيم رشده  ويحرص القائم عليه - الرئيس هادي - على ذلك رغم أنه ماعاد له سلطان وانما سلطانه بيد القوة المهيمنة .. ، وحتى الحقائب السيادية والتي سُيجت بخطوط حمراء فهي تخضع إن لم يكن بالإختيار فبالموافقة والرضى على شخوصها من قبل الحركة الحوثية وهي الحركة التي استحقت هذه الهيمنة بكل جدارة مهما طال وسائلها من نقد وتجريم وتحريم ومن ينتقد وسائلها كان عليه أن يتحفنا بالوسائل المناسبة لوقف هذه الحركة والحد من خطرها قبل تسليم دماج أو على الأقل قبل تسليم عمران... ومن يتهم الحوثي بالأحمق فهو أحمق منه وكلاهما شركاء فيها .

Total time: 0.0508