أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » على السريع

الصومالية التي أُجبرت على الاختيار في موت أحد طفليها

لاجئة تحمل طفلا وتلقي نظرة وداع الى الآخر بعدما لفظ نفسه الأخير
- صلاح أحمد من لندن

وضعت الصومالية وردو محمود يوسف طفلتها (أقل من سنة) على ظهرها وأمسكت بيد طفلها الآخر (4 سنوات). ثم خرجت بهما من دارها هربا من المجاعة في بلادها سيرا على الأقدام الى كينيا.

وبعد مسيرة اسبوعين مع عدد من الباحثين عن سبل البقاء مثلها، تهاوى ابنها الى الأرض. فرشت وجهه بقطرات من الماء القليل الذي كان معها، لكنه لم يحرك ساكنا. فحاولت إرواء عطشه على أنه ظل غائبا عن الوعي. ولم يحفل بها أحد عندما راحت تصرخ وتطلب الى الناس مساعدتها إذ كان كل شخص مهموما فقط بمسألة بقائه على قيد الحياة.
ونقلت الصحافة البريطانية عن وردو (29 عاما) قولها لعمال الإغاثة في معسكر دباب الكيني الذي وصلت اليه من دون طفلها الأكبر: «ما كان بوسعي حمل طفلين على ظهري فوجدت نفسي أمام خيارين: الأول أن أبقى مع ابني فنموت جميعا. والثاني أن أتركه للعناية الإلهية تفعل به ما تشاء.. وهذا ما حدث. وعندما أدرت ظهري له كان حيا يتنفس.. هذا ما يمزق قلبي قطعا صغيرة قبل أن يطحنها جميعا. يجب ألا توضع أي أم – أو أب - أمام خيار كهذا».

لكن هذا بالضبط هو ما يحدث للعديد من الآباء الذين يهربون من المجاعة مصطحبين معهم عددا من الأطفال يبلغ سبعة الى عشرة في بعض الأحيان في رحلة مميتة لبعضهم. فغالبا ما يضطر الأبوان، أو أحدهما، إلى ترك طفل على الأقل في العراء لأن الإصرار على إنقاذه قد يعني هلاك الباقين.

وتقول وردو: «كانت تلك أسوأ معضلة واجهتني في حياتي، واعتقد أنها الأسوأ التي يمكن ان تواجه أي والد. منذ ذلك اليوم وأنا لا أنام الا لِماما. وإذا نمت غرقت في كابوس ابني وهو يموت أمام ناظري وأنا عاجزة عن إنقاذه. وحتى في ساعات النهار يرتجف جسمي وينشطر قلبي مجددا إذا رأيت أي طفل في عمره.. والأطفال في عمره من حولنا في كل مكان».

بعض الأطفال يدفنون بعد مماتهم.. وآخرون يتركون لمصيرهم في العراء وهم أحياء
بعض الأطفال يدفنون بعد مماتهم.. وآخرون يتركون لمصيرهم في العراء وهم أحياء
ويشدد جون كيفلينج، دكتور الأمراض العقلية المبعوث من «لجنة الإغاثة الدولية» الى معسكر دباب للاجئين، على الثقل النفسي الهائل الذي يصاحب تجارب مثل التي مرت بها وردو وغيرها من الآباء. ويقول إن ما فعلته هذه الصومالية تجاه ابنها «ردة فعل طبيعية لموقف غير طبيعي. ليس بوسع الوالد أن ينتظر فيهلك ويُهلك معه بقية أبنائه».

ويمضي قائلا: «هذا في ما يتعلق بوقت الحادثة نفسه. ولكن بعد انقضاء شهر أو فترة من هذا القبيل، يبدأ عمل الصدمة المتأخرة، فيعاني الوالد أهوال الموقف الذي مر به ويترجم هذا نفسه الى لحظات «فلاش باك» وكوابيس ورؤية الابن المفقود في وجوه الآخرين خاصة في العمر نفسه. وغاليا ما يصير الآباء في مواقف كهذه انعزاليين ومثقلين بالذنب وعائشين على هامش الحياة».

ويذكر أن بعض التقديرات الدولية المحافظة تقول إن حوالي 30 ألف طفل صومالي دون سن الخامسة ماتوا في الأشهر الثلاثة الماضية في هذه المجاعة الأخيرة. وتقول التقديرات نفسها إن عددا غير معروف من الأطفال الضعفاء العاجزين عن إكمال الرحلات الى معسكرات اللاجئين تركوا لمصيرهم في العراء، كما حدث لطفل وردو.

وتقول لاجئة أخرى تدعى فطومة عبد الله، وهي ارملة في التاسعة والعشرين من عمرها، إنها واجهت موقفا أسوأ من ذلك الذي واجهته وردو. وتحكي إنها اصطحبت أطفالها الأربعة، وهم في أعمار الثانية والثالثة والرابعة والخامسة على التوالي. وبعد استراحة قصيرة رفض فيها الطفلان الأكبر الاستجابة لمحاولة إيقاظهما، قررت أن الماء القليل الذي كان بمعيتها لا يكفي للجميع وأن إرواء طفلين يموتان مضيعة لهذا المورد الحيوي على حساب الآخرين الحييْن. فتركتهما وراءها لكنها، كما قالت وهي تذرف الدمع، لن تستطيع نفض الذكرى البشعة عنها الى الأبد.

تعليقات الزوار
1)
مقهور -   بتاريخ: 13-08-2011    
كان اللة في عونكم ويجب التوقف عن الانجاب لحين ما اللة يرزق الجائعين
وين اصحاب المليارات مايتبرعون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Total time: 0.0454