حذر خبراء عسكريون يمنيون من تزايد احتمالات انزلاق البلاد إلى منحدر حرب أهلية واسعة النطاق نتيجة الانسداد التام لأفق التسوية السياسية عقب تجديد الأطراف الرئيسة في الأزمة القائمة، التشبث بمواقفها المتشددة وافتعال العراقيل أمام البدء بتنفيذ خيارات التسوية المطروحة وعلى رأسها المبادرة الخليجية .
واعتبر الأكاديمي العسكري العميد عبدالوهاب لطف الحدي في تصريح ل”الخليج” أن المعطيات الماثلة كافة في مشهد الأزمة تتجه أكثر من أي وقت مضى إلى ترجيح انزلاق اليمن إلى منحدر الحرب الأهلية الواسعة، مشيراً إلى أن انسداد أفق التسوية السياسية للأزمة القائمة عقب تجديد الرئيس صالح في خطابه الأخير لموقفه الرافض للتوقيع الشخصي على المبادرة الخليجية ورفض أحزاب المعارضة بالمقابل الخيار البديل المتمثل بالحوار مع نائب الرئيس والاكتفاء بتوقيعه على المبادرة الخليجية نيابة عن الرئيس، إلى جانب استمرار التصعيد العسكري على الأرض من قبل القوات الموالية للرئيس والموالية للثورة الشبابية وازدياد تدفق وتسلل القبائل المسلحة إلى العاصمة، كل هذه المعطيات تتجه باليمن إلى منزلق حرب أهلية وشيكة ومؤكدة” .
من جهته أشار الخبير العسكري العميد عبدالعزيز ناصر خيران في تصريح ل”الخليج” إلى أن تجنب اندلاع حرب داخلية في اليمن بات رهناً أكثر من أي وقت مضى، وفي ظل تشبث أطراف الأزمة كافة بمواقفها المتشددة حيال الدفع بالتسوية السياسية ووقف التصعيد بمدى قدرة القوى الإقليمية والدولية الفاعلة وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية وكذا الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة على ممارسة ضغوط مركزة ومؤثرة لإقناع أطراف الأزمة اليمنية بالتزام خيار التسوية السلمية كمخرج آمن وبدء عملية سياسية للتوافق حول ترتيبات نقل السلطة وفق مواقيت زمنية محددة” .
وأضاف: “يفترض أن حل الأزمة السياسية القائمة يجب أن يكون يمنياً، لكن التعويل على الحل الداخلي المنشود أو الحكمة اليمانية في ظل التصاعد المفزع لمظاهر التصعيد العسكري على الأرض لم يعد للأسف مجدياً أو متاحاً، وفي اعتقادي أن ثمة قوى إقليمية ودولية كدول الخليج خاصة السعودية والولايات المتحدة بإمكانها أن تمارس ضغوطاً أكثر تأثيراً وفاعلية واستغلال نفوذها الواسع لدى الأطراف الرئيسة في الأزمة للدفع بالتسوية السياسية التي من شأنها تجنيب اليمن والمنطقة تداعيات حرب أهلية مكلفة” .
وأشار إلى أن “الأوضاع في البلاد وصلت إلى حد لم يعد فيه مجال للمناورة، ولم يعد ببساطة أمام القوى الإقليمية والدولية سوى خيارين، إما التدخل بجدية وفاعلية لفرض التسوية السياسية للأزمة اليمنية أو تجاهل الانسداد القائم في اليمن والتحمل اللاحق لتبعات ظهور نموذج مماثل للنموذج الصومالي في المنطقة، فاليمن على مشارف هاوية الحرب الداخلية وانتظار الحل الداخلي لم يعد ممكناً أو مؤملاً” .
أما الأكاديمي العسكري العقيد نصر الدين حسين السراجي فقد وصف خريطة الأوضاع الأمنية والعسكرية الراهنة في اليمن بأنها “كارثية ومهيأة لانفجار كبير”، معتبراً أن “تصاعد مظاهر التصعيد العسكري واندلاع الاشتباكات المسلحة الأخيرة بين القوات الموالية للنظام والموالية للثوار داخل أحياء سكينة وشوارع رئيسة في العاصمة يعني من الناحية العملية الاتجاه للحسم المسلح واستبعاد خيار التسوية السياسية” .
وأضاف ل”الخليج”: “اندلاع مواجهات مسلحة بين القوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح والقوات العسكرية الموالية للواء علي محسن الأحمر المنشق عن النظام داخل العاصمة صنعاء، لا يمثل فقط سابقة خطيرة بل وكارثية ستكون لها تداعيات جسيمة على وحدة المؤسسة العسكرية اليمنية، التي باتت أحوج ما تكون إلى إعادة الهيكلة على أسس مغايرة، وهذا يعني أن خيار الحسم المسلح بات أمراً واقعاً وخلاصة لتعثر العملية السياسية، بمعني أدق ما يحدث حالياً في اليمن أن السياسيين تراجعوا عن إيجاد الحل السياسي والسلمي فتقدم العسكر للحسم” .