المشتركيون..العفاشيون..الإخوانيون..الحوثيون..الحراكيون..العسكر قبليون..
الخارطة الجيوسياسية لليمن الانتقالي
كتب/محمد الحمامي
من المتوقع أن تشهد الفترة الانتقالية إعادة رسم موازين القوى وظهور تكتلات سياسية ودينية وقبلية واصطفافات وطنية جديدة، مدعومة بالنجاح الصريح للثورة الشبابية السلمية والإرادة الشعبية التواقة للتغيير، ومحكومة باستمرار الزخم الثوري بالتزامن مع حدوث انفراجة سياسية معاشة وملامسة إيجابيات التغيير واستمراريته بصور مختلفة وهادفة.
وبينما اعتبرت القوى الثورية أن أهم أهداف الثورة قد تحقق برحيل رأس النظام الأسري المستبد وتهاوي أركانه عقب اندلاع ثورة المؤسسات التي أطاحت بالكثيرين منهم فيما تستمر مطالبات أخرى مسنودة بدعوات الساحات لإقالة بقية رموز العهد البائد.. في ذات الوقت كان واضحاً من خلال احترازات الرئيس السابق ومعاونيه أن تمرير المبادرة الخليجية هو لصالحهم أو بمعنى أدق أقل الخسائر وأهون المصائب الماحقة بهم، وربما تبنوا خيار هادي- الرئيس الانتقالي المنتخب- كمخرج آمن لمغادرة السلطة مثلما يعوّل عليه أن يكون ’’اليد الآمنة’’ أميناً على الوديعة وحريصاً على إرجاعها لأصحابها في الوقت المعلوم. فيما يمكن لهادي أن يقرأ التفويض الشعبي الممنوح له في 21 فبراير المنصرم ثم التأييد الإقليمي والدولي الساند والداعم له بأنه غطاء شرعي حصين يحميه ويجعله في حلٍّ من أمره إلا لسلطان الشعب المعبر عنه بالقانون ومتحللاً من أي ارتهانات ضيقة ترهن حاضر ومستقبل اليمن لدوامة العنف والاحتراب وريح التنازع والتشرذم. غير أنه وبالنظر إلى تركيبة المجتمع القبلية ومكوناته الفكرية والأيديولوجية وتجربته السياسية خلال عقدين من الزمن، وبقراءة مستفيضة لتطورات الأحداث على الساحة اليمنية طوال أشهر الثورة السلمية، وحضور عامل التوتر الخارجي وانعكاسه على الوضع اليمني، ولذا فمن غير المتوقع أن تشهد اليمن خلال الفترة الانتقالية الحالية تحولات كبيرة في منهجية الحكم وشكل الدولة وبنية المجتمع، بل ستظل سياسة التوازنات والإرضاءت والمفاوضات هي السائدة في ظل ذهنية إقصائية متبادلة وروح انتقامية مشحونة وخصومة فاجرة ولغة عدائية وحسابات شخصية مقيتة وغايات وتطلعات أنانية ومشبوهة.
بيد أن الرهان معقود بعد مشيئة الله على بقاء الثورة كمنظومة قيمية ومنهج بناء والتغيير كمعيار للجودة وحافز للعطاء، كأهم ميكانيزمات التحول ومحددات مسار النهوض الحضاري.. على ضوء ذلك يتحدد حاضر ومستقبل اليمن وخارطته الجيوسياسية الجديدة.
• أولاً: الخارطة السياسية والحزبية
ستظل مرجعية القرار السياسي توافقية بين شركاء الحكم مع امتلاك رئيس الجمهورية زِرّ الحسم للقرارات الخلافية، والذي بدوره سيقتصد في استخدامه مع الحرص على إثبات استقلالية الرئيس وإن كان بحاجة إلى الاستئناس برأي أهم القوى السياسية وفي المقدمة منها حزب المؤتمر وقيادته (صالح) وذلك أمر لا خوف منه إن ظل زمام الأمر رهناً بقرار هادي وبيده. يدرك الرئيس هادي أنه من المبكر جداً المغامرة بانتهاج سياسة تصادمية مع حزب سلفه، الذي وبلا مقدمات وجد نفسه وعلى حين غزوة صالحية ظافرة نائباً للحزب فأميناً عاماً له!، قبل أن يتمكن من تشكيل قوة سياسية خالصة الولاء له أو يطمئن إلى صدق دعم اللقاء المشترك وبالأخص الإصلاح لمشروعه الطموح في بناء اليمن الجديد. ومثال على ذلك ما تردد من مزاعم حول إخطار صالح وأخذ موافقته حيال تغيير قائد المنطقة الجنوبية، فيما تشير مصادر أخرى إلى امتعاض الأخير من هذا التغيير، ويربط البعض بين هذا الرفض وما حصل من مذبحة للجنود في أبين من قبل من يوصفون بتنظيم القاعدة والذين يعتبرهم البعض على صلة ببقايا رموز النظام السابق بل وتم تسليحهم من مخازن المنطقة الجنوبية حسب ادعاءات غير مؤكدة.
وفيما يخص مؤسسات وسلطات الحكم فإن حكومة الوفاق الوطني المشكلة بموجب اتفاق سياسي حسب المبادرة الخليجية، والتي تحظى حتى الآن بقبول شعبي وتأييد خارجي قوي، هي بمثابة حكومة برلمانية شبه مستقلة وأغلب الخلافات والتوافقات ستنحصر داخل مجلس الوزراء. أما مجلس النواب وإن كان السلطة التشريعية والرقابية إلا أنه سيتم تمرير كثير من القوانين والاتفاقيات عليه كإجراءٍ بروتوكولي أكثر منه تشريعي.. ولأول مرة سيحترم رأي الأقلية التي أضحت بالمستقلين كفة توازن داخل البرلمان.
وفيما يتوقع أن ينصلح حال القضاء فإن الفترة الانتقالية بمثابة مسمار نعش للمجالس المحلية- وربما تجربة الحكم المحلي- ذات الأغلبية المؤتمرية، والتي يتهمها كثيرون بأنها سبب رئيس فيما آلت إليه أوضاع البلاد. فيما تشير توقعات إلى الأخذ بنظام الحكم البرلماني مستقبلاً وفق النموذج التركي مع تمثيل شبه متكافئ للأقاليم التي قد تكون من 3 إلى 5 أقاليم وربما تحل محل المجالس المحلية، والتي إن صحت فلابد أن لا يقل تمثيل الجنوب عن 40% في الهيئات العليا للدولة لضمان اعتبار الجنوب شريكاً رئيساً في السلطة والثروة ومكافئاً ثنائياً في القرار الوطني.
الأحزاب والقوى السياسية
الإصلاح:
بحسابات المكسب والخسارة يعد التجمع اليمني للإصلاح الأكبر مكسباً، بالتفاف أعضائه وأنصاره وارتفاع معنوياتهم ومنسوب ولائهم الحزبي من جهة، ولأن الثورة من جهة أخرى أتت على أعتى خصومه السياسيين (المؤتمر الحاكم) وتكاد تقضي على ما تبقى منه، فيما هي- الثورة- فتحت آفاقاً واسعة ومناطق محظورة ما كان للإصلاح أن يصلها كالمؤسسة العسكرية والأمنية أو يتوغل فيها كالقبائل والنقابات العمالية والمهنية وفي مراكز صناعة القرار في الدولة.
ولكن مما لا يخفى على الجميع تعرض الإصلاح لحملة محمومة توشك أن تكون جوهرة الثورة المضادة. هذه الهجمة الشرسة إلى جانب مآخذ عديدة على الحزب، منها تبنيه لمواقف متشددة تجاه بعض القضايا وارتباطه بشخصيات دينية وقبلية محل انتقاد وقلق، ثم تكريسه لمفهوم البابوية الدينية وإعداد كوادره وفق قاعدة ’’ لا أريكم إلا ما أرى’’.. كلها مجتمعة كفيلة بإجهاض مشروعه في الحكم قبل اكتماله. لكنه مع ذلك يظل الأوفر حظاً وتفوقاً- على الأقل في الانتخابات قادمة.
المؤتمر:
على العكس مما يتردد عنه فإنه وللأمانة ورغم ما تعرض له المؤتمر من ضربات متلاحقة أفقدته توازنه إلاَّ أنها لم تفلح في تدميره، وبقى إلى حدٍ كبير متماسكاً، ربما على مستو قياداته الوسطية والعليا بفضل المصالح أو التورط في المفاسد والانتهاكات وهروباً من الوقوع في قبضة العدالة، لكن الفضل في بقاء كثير من أعضائه يعود لتصورات وتقييمات مغايرة ومواقف أخلاقية ترتبط بقيم النجدة والشجاعة والوفاء، وكذا الكبرياء والعناد.. وكان للخطاب الإعلامي الثوري دور كبير في ذلك.
إن انضمام كثيرين إلى كنف المؤتمر الشعبي العام لا يتوقف على جني المكاسب، برغم أنه لا يخلو في الغالب من البحث عنها، ولكنه تعبير رافضٌ لكل صور التطرف وموجباته، والبحث عن منطقة وسطى بين الانتماء الحزبي واللا التزام.
وهكذا فإنه من غير المستغرب بقاء المؤتمر كحالة من التداعي والممانعة.. وتعرضه لمزيد من التصدع والاحتواء والاستقطاب قد يكون وارداً لكن زواله ليس في المستقبل المنظور.
الاشتراكي:
من المهم جداً النظر إلى الحزب الاشتراكي برؤاه التقدمية وقيمه المدنية كمشروع توازن يضم كافة القوى الليبرالية والحداثية في مواجهة قوى التطرف ومشاريع الاستبداد والوصاية.
ويتوقع أن ينشط الحزب مستقبلاً في المناطق الشمالية والوسطى مع عودة كثيرين من القوى السياسية الأخرى لاسيما من المؤتمر إلى رحاب الحزب، مع احتمال عودة الصراع إلى أجنحته في الجنوب ولاسيما بين تياري ما كان يعرف بـ (الطغمة والزمرة).
الناصريون:
لن يتغير حال الناصريين كثيراً خلال الفترة الانتقالية، برغم الحنين إلى عهد الرئيس الحمدي، وإن كانت فرصهم قد تتحسن في محافظة تعز، ولكن حالة الانقسام فيما بينهم ستبقى عائقاً كبيراً يتهدد مشروعهم القومي الطموح.
الحراك الجنوبي:
قد يكون من حسن طالع اليمنيين قيام هذه الثورة السلمية التي وحدت غالبية اليمنيين حولها وأعادت ترتيب أولوياتهم وأولها مطلب تغيير النظام، فانتشرت الساحات الثورية في عدن والمكلا ولحج والمهرة كمثيلاتها في تعز وصنعاء والبيضاء وذمار والحديدة وإب وحجة وغيرها.. ثم جاء انتخاب عبدربه منصور هادي كرئيس للجمهورية بعد تولي باسندوة رئاسة الحكومة التي ضمت نحو 13 وزيراً جنوبياً. وبالنظر إلى التغيير الأخير في محافظة عدن والمنطقة الجنوبية فإن الحراك الجنوبي في ظل تشكل هذا الواقع الجديد أمام مفترق طرق، وعليه برئيي أن يسارع إلى مائدة الحوار الوطني للخروج بحلول ممكنة ومقبولة للقضية الجنوبية في إطار الوحدة الوطنية قدر ومصير الشعب اليمني.. مالم فإن تيار الوحدة في الجنوب سيقوى بمزيد من تمكين التيارات الإسلامية المعتدلة (الإصلاح) وعودة الحزب الاشتراكي إلى صدارة المشهد السياسي الجنوبي خاصة واليمني بوجه عام، إضافة إلى بروز حلف جنوبي واسع لتأييد ومساندة قيادة المشير هادي ودولة رئيس وزرائه.. وذلك كله كفيلٌ بتحصين وتقوية اللحمة الوطنية وابتلاع مشاريع التفتيت ودعوات الانفصال.
الحوثيون:
كغيرهم من القوى السياسية الأخرى يخشى الحوثيون من سيطرة حزب الإصلاح على مقاليد الحكم في اليمن ما يعني دخول اليمن مجدداً تحت وصاية العرش السعودي، وإعادة إنتاج حكم طائفي إقصائي مستبد وأكثر استمالة وتشبثاً بالسلطة من سابقه، ولكنهم بمقاطعتهم الانتخابات الرئاسية وإعلانهم مؤخراً عدم نيتهم المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني إنما يغردون خارج سرب الإجماع الوطني ويراهنون على تحالفات داخلية وخارجية لن تستمر، ومحاولات لتأجيج صراعات لا طائل منها وهم أول من سيكتوي بنارها.
وربما خرجوا من مشاركتهم في مؤتمر الحوار بمكاسب خاصة بجماعتهم قد يكون من بينها اعتبار صعدة والمحافظات والقبائل المجاورة لها إقليما ذاتياً ضمن مجموعة أقاليم.
• ثانياً: التيارات الدينية والفكرية
يمثل تيار الإخوان المسلمين أبرز القوى السياسية الفاعلة في الساحة، وسيعمد مستفيداً من حرب الحوثيين ضد السلفيين واشتداد ضربات الجيش على تنظيم القاعدة إلى تشكيل جبهة سنية عريضة ضد الشيعة، كما شرع- حسب مؤشرات- في تكتل أصولي قبلي مواز لتكتل اللقاء المشترك وليس بديلاً عنه ظاهراً، وذلك لمواجهة التيار الليبرالي ومحاولات بقايا النظام العائلي لتكوين تحالفات مايطلق عليها ’’الثورة المضادة’’.
وفيما سيتماهى التيار السلفي بالإخوان مؤقتاً لضمان استمرار مناصرتهم له ضد الحوثة ولتجنب انتقاداتهم لموقفه المعارض للثورة، فإن جناحه المسلح ’’تنظيم القاعدة’’ سيفقد في العهد الجديد أهم مبررات بقائه وأبرز مسانديه ومتعهدي نشاطاته، وظهوره بعد مواجهة كبيرة محتملة مع الجيش لن يعدو أن يكون رسالة من أجل البقاء موجهة من وإلى الخارج.
وكما جرى استخدام القاعدة سابقاً كورقة ضغط على الخارج يتم اليوم توجيههم واستغلالهم نحو الداخل. وفي حين تتهم القوى الثورية صالح بالترتيب لخلط الأوراق وإعاقة التحول من خلال توظيف هجمات القاعدة، لا يستبعد البعض وجود أيادٍ للإخوان وعلي محسن تحديداً بقصد إلصاق تهمة الفشل بقوات الحرس والتحذير من نوايا بقايا العائلة ومساعيهم لتفجير الوضع، والرغبة في تولي علي محسن مواجهة القاعدة لإظهاره كبطل قومي وقائد المرحلة بامتياز ولنفي تهم سابقة عن احتمال تواطئه وقيادات أصولية أخرى في تبني ودعم هجمات إرهابية للقاعدة على أهداف غربية.
بالمقابل لن يفلح الحوثي كثيراً في استمالة أنصار المذهب الزيدي الذين سيظلون ينظرون إلى الحوثية كحركة اثنى عشرية متطرفة وإن كانوا يتعاطفون معها وكثير منهم ما انفك مناوئاً للفكر الوهابي الأصولي. أما تيار الليبراليين فسيبقى تابعاً، تارة في إطار اللقاء المشترك وتارة متخفياً خلف شعارات شباب الثورة، وحينا مرتبطاً سراً بحركة الحوثي وتحالفات الثورة المضادة.. كما أن منظمات المجتمع المدني هي الأخرى مخترقة من قبل تيار الإخوان المسلمين وأجندات أخرى داخلية وخارجية. باختصار يمكن التكهن بموسمٍ حافل بمظاهر الفرز الطائفي والمناطقي والفئوي والاستقطاب السياسي والحزبي.. ومالم تستعيد القوى التقدمية- وفي مقدمتها الاشتراكي- قوتها وحجمها وحجتها في مقارعة الفكر الأصولي والنزعة القبلية المتخلفة فلن تشهد اليمن ميلاد الدولة المدنية المنشودة.
• ثالثاً: الخارطة الديموغرافية والاجتماعية
كان لوجود القبيلة في ساحات وميادين التغيير أثر كبير في رفع وتيرة الثورة واتساع وطول مداها واستمراريتها، كما كان لتمترس النظام الأسري الملفوظ خلف القبيلة دور كبير في إطالة أمد الثورة وتعميق جراحاتها. ولسنا هنا بصدد فرز ’’مع وضد’’ ولكننا نشير إلى مدى قوة القبيلة وقدرتها الهائلة في الضغط والتاثير على مراكز صناعة القرار والتحكم إلى حدٍ كبير بموجهات الموقف الشعبي، واستحكامها كعقد اجتماعي متين وسندٍ مرجعي أصيل في الذاكرة الجمعية اليمنية.
وعطفاً على ذلك يمكن التنبؤ ببقاء القبيلة على المديين القصير والمتوسط قوة مكافئة للنظام الرسمي وعاملة فيه وإن من وراء الستار.. يؤكد ذلك ما تذهب إلية بعض التحليلات من اعتماد السعودية على القبائل في مواجهة طموحات الحوثي ورغبة أمريكية بتغيير استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب في اليمن بإسناد دورٍ محوري للقبيلة في مواجهة القاعدة خصوصاً بعد النجاح الكبير لـ ’’الداعي القبلي’’ في إخراج القاعدة من رداع ومقتل قائدها طارق الذهب على يد أخيه.
يكاد يتركز وينحصر ثقل القبيلة في اليمن بين قبيلتي حاشد وبكيل وتفريعاتهما مع أفضلية نسبية لحاشد. ومثلما هو متوقع فإن مركز التأثير سينتقل من جنوب حاشد إلى شمالها حيث أسرة آل الأحمر ألد خصوم صالح التقليديين- أو هكذا يبدو الأمر. وبالمثل فإن المجال بات مهيئاً لشمال بكيل ممثلاً بالزعيم القبلي الموالي لنظام صالح، محمد بن ناجي الشايف، لإدارة وإعادة التوازن مع حاشد، بينما يتوارى دور قبائل خولان والحدأ وآنس وعنس وبني مطر ليبقى تأثيرها قوياً في أجهزة الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي.
وفي الجنوب من المحتمل أن يبرز بقوة حلف قبلي مساند لهادي وساعٍ للاستفادة من موقعه كرئيس للبلاد، ويضم قبائل أبين وشبوة، وربما الضالع ولحج حال طيّ صفحة الماضي.
أما بقية المناطق التي لاتخضع لسلطة القبيلة ولا تدين إلا للقانون فسيبقى تأثيرها ضئيلاً وبيد ممثليها في أجهزة الدولة والنقابات العمالية. وإذ ستبقى المناطق المحرومة من كثير من المشاريع والأشد فقراً والأكثر اضطهاداً لحقوق وحريات أبنائها كالحديدة وريمة والمحويت وإب وحجة فإن مناطق أخرى كتعز وعدن غادرت مؤقتاً بفضل حراكها الثوري حالة الاستلاب القهري الذي عاشته لعقود.
مناطق الصراعات وبؤر التوتر كالجوف ومأرب والبيضاء والضالع ولحج وأبين وصعدة ستظل لفترة غير وجيزة ساحة لتصفية الحسابات واستعراض مشاريع العنف ورسائل ضغط وابتزاز للحكومة مالم تحدث عملية دمج حقيقية للمجتمع المحلي في برامج التنمية ومشاريع الخدمات.
نقاط تماس المواجهات ستظل ملتهبة بين الحوثيين والسلفيين في دماج وربما تمتد إلى ذمار، فيما تحتدم المعارك بين الإصلاح والقبائل من جهة وبين الحوثيين وحلفائهم من الحرس القديم في مناطق حجة وعمران والجوف والحيمتين وبني حشيش. أما المواجهات بين تنظيم القاعدة وقوات الجيش والأمن ومكافحة الإرهاب فتتركز في أبين وشبوة والبيضاء ومارب وأرحب. بينما يمكن أن يتصاعد التوتر ونذر الحرب بين القبائل الشمالية والملحقة بالجنوب، كالقبيطة في لحج وقعطبة في الضالع مع القبائل الجنوبية المجاورة لها، إثر تصويت أبناء تلك المناطق في الانتخابات الأخيرة التي قاطعها الحراك الجنوبي. كما قد يتطور التنافس والصراع التاريخي بين خولان وسنحان إلى مواجهات عنيفة، وقد تؤدي بقصد أو بدون قصد إلى إضعاف قبيلتي الحكم السابق في آن واحد.
إدارياً قد يتم تقسيم اليمن إلى أمانة العاصمة وخمسة أقاليم تشمل:
- الإقليم الجنوبي: عدن- لحج- الضالع- أبين
- الإقليم الشرقي: حضرموت- شبوة- المهرة
- الإقليم الشمالي: صعدة- محافظة صنعاء- الجوف- عمران- حجة
- إقليم المناطق الوسطى: إب- البيضاء- ذمار- مأرب
- الإقليم الغربي: الحديدة- تعز- المحويت- ريمة
- بحيث يكون الإقليمان الجنوبي والشرقي من نصيب الجنوب بنسبة 40%، بينما يساهم الحوثيون في إدارة الإقليم الشمالي بنسبة 50%
• رابعاً: قيادات ذات نفوذ
1- المشير ركن عبد ربه منصور هادي: شخصية وقورة ومنشرحة وهادئة ومتعمقة، أكسبت سنوات عمله كنائب للرئيس خبرة واسعة في تشخيص الواقع اليمني وتكوين علاقات واسعة مع كثيرٍ من السياسيين والقادة العسكريين ورجال الأعمال اليمنيين والعلماء والمشائخ وقادة الرأي وغيرهم، ووقف على مسافة متقاربة من القوى والأحزاب السياسية والتيارات الفكرية والدينية.. وهو لذلك مؤهل لإدارة المرحلة وحلحلة الوضع المتأزم وتصويب مسار النهج الديمقراطي وإرساء دعائم الحكم المدني بروية وعزمٍ وثبات.
2- الدكتور عبد الكريم الإرياني: هو عراب التوافق الوطني ومهندس تفكيك الأزمات وخبير الشؤون اليمنية وأبرز رواد التنمية في اليمن، وهو صاحب الحظ الأوفر في تولي منصب نائب الرئيس، كما أنه معني بإعادة ترتيب وهيكلة المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي يمتلك مشروعاً وطنياً حقيقياً.
3- اللواء علي محسن الأحمر: ربما يتم استبعاده من قيادة الفرقة وتعيينه مستشاراً للقائد الأعلى إن لم يتم ترشيحه نائباً لرئيس الجمهورية وفق صفقة توافقية بين المؤتمر والمشترك تضمن بقاء مقاليد الأمور في قبضته
4- الشيخ حميد الأحمر: يتوقع أن يصبح الشيخ حميد مدلل السلطة والمعني بملف الاستثمار، مع استمرار تبنيه لمواقف مشاغبة لفرض رؤاه ومطالبه على حكومة الوفاق.
5- اللواء أحمد علي الأشول: يحظى بثقة بقايا النظام العائلي ومحل تقدير الأوساط السياسية والعسكرية والقبلية، ويتمتع في ذات الوقت بعلاقات طيبة مع الإخوان والحوثيين على السواء، كما ويعتبر القائد اليمني المفضل لدى الدوائر العسكرية الغربية والأمريكية على وجه الخصوص، وربما يعدونه لتولي ملف شئون الجيش والأمن اليمني مستقبلاً.
6- العميد أحمد علي عبد الله صالح: تتضاءل حظوظه المستقبلية بالبقاء ضمن دائرة الحكم، في ظل تعالي الأصوات المنادية بإبعاده من قيادة الحرس الجمهوري مع باقي قادة الأمن والجيش المقربين من صالح.. وفي حال تم إبعاده فربما يصبح ضمن مستشاري القائد الأعلى، أو ربما تم استبقاؤه قائداً لقوات مكافحة الإرهاب بناءً على رغبة أمريكية تكرر الحديث عنها، غير أن تأثيره سيبقى في إدارة شئون الحرس الجمهوري الذي يتمتع بشعبية واسعة في صفوف منتسبيه.
7- هناك فرصة كبيرة لبعض القيادات العسكرية ذات السمعة الطيبة، والتي لم تتورط بالانحياز صراحة لهذا الطرف أو ذاك، أن تلعب أدواراً بارزة وتتقلد مناصب رفيعة خلال الفترة المقبلة، ومنهم:
اللواء علي محمد صلاح- اللواء الظاهري الشدادي- الدكتور حميد الشرفي- العميد محمد الصوملي- العميد جواس- العميد أحمد خليل- العميد عبدالله الناخبي..
الخارطة الجيوسياسية لليمن الانتقالي
اخبار الساعة - محمد الحمامي
المصدر : صحيفة اليقين