اخبار الساعة - * د/علي عبد القوي الغفاري
تتعرض اليوم طائفة من المسلمين إلى نكبة إنسانية من دولة صديقة إنها دولة ميانمار ( بورما ) ديانتها البوذية و الواقعة في جنوب شرق آسيا وسكانها يزيد عن 55 مليون نسمة نسبة المسلمين4 % , هؤلاء المسلمين أصبحوا بحكم الفترة الطويلة جدا التي عاش فيها آباءهم وأجداد أجدادهم من أبناء هذه الدولة التي هاجروا إليها لغرض التجارة ونشر الإسلام , وتذكر المصادر أنهم من أصول عربية من الجزيرة العربية واليمن والعراق وبلاد الشام ومن باكستان وبنجلادش ودولة بورما تعرضت للاحتلال البريطاني كغيرها من دول القارة في نهاية القرن التاسع عشر وحصلت على استقلالها من بريطانيا عام 1948م وهي الفترة التي حصلت الهند على الاستقلال بعد كفاح طويل تزعمه المهاتما غاندي الذي قتله واحد من أبناء طائفته بسبب دعوة المهاتما إلى نشر روح المحبة والإخاء والتسامح مع المسلمين الهنود .
ومن منطلق التمييز العنصري تشجع حكومة ميانمار الطائفة البوذية بقتل وإبادة المسلمين وترحيلهم من البلاد واعتبارهم دخلاء رغم مرور مئات السنين على استيطانهم هذه الدولة .
ولأهمية الموضوع من نواحي إنسانية مختلفة , فإن المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية ينظر إلى هذا الموضوع بقلق شديد ، وبالتالي لابد من موقف عربي/إسلامي لهؤلاء الذين يعانون الأمرين فلا وطن يأويهم ولا من يضمن لهم الحياة ، ووفقا للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للاجئين التي تشير إلى أن المسلمين يتعرضوا إلى أبشع أنواع العنف على يد البوذيين الذين يقومون بعمليات إخلاء قسري وأعمال بشعة واغتصاب النساء المسلمات وهدم منازلهم وإحراق القرى والبيوت التي يسكنها المسلمون , كما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 22 ألفا من المسلمين الروهينجيين نزحوا من بيوتهم التي احرقها البوذيون .
وسواء الأمين العام للأمم المتحدة أو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الذين نددوا بأعمال العنف الذي يمارس في بلدة راخبن الواقعة في غرب ميانمار , فذلك التنديد لايكفي لأن حكومة ميانمار لم تتحمل مسؤوليتها في حماية الأقلية المسلمة ، ولم تتخذ الإجراءات الكفيلة لوضع حد لأعمال العنف التي تمارسها الطائفة البوذية في حق أبناء الطائفة المسلمة , وسبق أن اندلعت أعمال العنف في يونيو الماضي 2012م وأسفرت عن سقوط ونزوح عشرات الآلاف من المسلمين , ونحن في المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية في الجمهورية اليمنية ندعو تدخل الجامعة العربية لمطالبة المجتمع الدولي بالتدخل السريع لدى حكومة ميانمار بما يضمن حماية المسلمين واتخاذ إجراءات سريعة تكفل الحد من الظلم والتمييز العرقي الذي يمارس ضد الأقلية المسلمة الفقيرة جدا التي تحتاج إلى مساعدة ونجدة إنسانية من الدول العربية ، وعلى الجامعة العربية باعتبارها الجهة المعنية ومنظمة التعاون الإسلامي ممارسة دورها بما يضمن
حقوق المسلمين المشروعة في العيش الكريم ومنحهم الجنسية الكاملة وعدم السماح للطائفة البوذية بإحداث المزيد من تفاقم المشاكل مع الطائفة المسلمة , ودعوة الجميع إلى التزام الهدوء والاستقرار والتسامح ، وفي حالة عدم قيام الحكومة بإجراءات قوية وصارمة تلزم الطائفة البوذية من الكف من السياسة العدوانية ضد المسلمين فان إجراءات عربية ستنال ميانمار من خلال منظمة آسيان ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية .
وللعلم فإن المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين أعلنت مؤخرا من أن المخيمات التي تؤوي عشرات الآلاف من المسلمين الذين غادروا منازلهم وقراهم بسبب أعمال العنف الذي نشب بين الطائفتين المسلمة والبوذية في غرب بورما تخطت حدود قدرة المخيمات الاستيعابية وتامين المواد الغذائية لهم , وذكرت الأمم المتحدة ان حوالي 800 ألف من الروهينجيا المسلمين هي إحدى الأقليات الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم .
وبالنسبة لحكومة ميانمار فإنها تعتبر هؤلاء المسلمين مهاجرين غير شرعيين أتوا من بنجلادش لذلك هم بدون جنسية ومن هذا المنطلق على منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية أن تعرب عن قلقهما الشديد وأن تطالب الأمم المتحدة بوضع نهاية سريعة لمأساة الأقلية المسلمة في هذه البلاد وعدم إتاحة الفرصة لحكومة ميانمار بالتخلص التدريجي بشكل دائم من هذه الطائفة .
* رئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية