اعتمد الرئيس
علي عبد الله صالح
منذ تسلمه الحكم في صنعاء عام 1978 على القبائل في تثبيت أركان حكمه. بيد
أن استقالة الشيخ حسين عبد الله الأحمر من حزب المؤتمر الشعبي الحاكم
وإعلانه انضمام قبيلتيْ حاشد وبكيل -وهما من القبائل اليمنية الكبرى- إلى
صفوف المحتجين المطالبين بإسقاط النظام أعاد خلط الأوراق من جديد، ورأى فيه
محللون ومعارضون تقوية للحركة الاحتجاجية، وإشارة لنهاية باتت محسومة
للنظام، وفق تعبيرهم.
وجاء إعلان الشيخ الشاب حسين الأحمر
-وهو أحد قادة قبيلة حاشد التي ينتمي لها أيضا الرئيس اليمني- في تجمع
جماهيري ضخم بمحافظة عمران أمس السبت، مؤكدا أن قبيلتيْ حاشد وبكيل ستزحفان
إلى صنعاء الجمعة المقبلة للمشاركة مع المعتصمين في ساحة جامعة صنعاء
الذين يطالبون بإسقاط النظام.
وقد انضم حمير بن عبد الله الأحمر
نائب رئيس البرلمان إلى أشقائه حسين وحميد المعارضيْن لنظام صالح، بعد
اتهام مصدر في وزارة الداخلية له ولشقيقه حميد بإطلاق الرصاص على مواطنين
يوم الجمعة لأسباب غامضة.
واتهم حمير الأحمر جهاز الأمن القومي (المخابرات) بمحاولة اغتيال أخيه الشيخ حميد الأحمر.
ويوصف الشيخ حسين الأحمر (35 عاما)
–وهو رابع أبناء الراحل الشيخ عبد الله الأحمر- بأنه الأكثر نفوذا وتأثيرا
بين أشقائه داخل قبيلته حاشد، وحتى داخل حزب المؤتمر.
ومكنه بقاؤه الطويل في مدينة عمران
عاصمة قبائل حاشد أثناء رئاسته لفرع حزب المؤتمر حتى عام 2005، من إنشاء
علاقات قبلية عميقة مع أبناء قبيلته، في حين أن بقية إخوانه مقيمون في
صنعاء.
وبعد استبعاد الحزب الحاكم له من
اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي عام 2005 -عقابا له على مواقفه المنحازة
للمعارضة- شكل حسين الأحمر مجلس التضامن الوطني عام 2007، ويضم نحو مائتين
من مشايخ القبائل اليمنية وقادة المعارضة ونواب البرلمان، وشخصيات ثقافية
وسياسية واجتماعية ونقابية من مختلف الفئات.
وقد لعب مجلس التضامن الوطني دوراً في
الحياة السياسية والاجتماعية والقبلية في إصلاح ذات البين، ويضم المجلس في
عضويته عددا من النواب المنضوين أصلا تحت كتلة حزب المؤتمر الشعبي الحاكم.
ويعزز من موقعه ونفوذه اتحاد إخوته
بإعلان انضمامهم لجهود الإطاحة بنظام علي عبد الله صالح، فشقيقه الأكبر
صادق الأحمر هو شيخ مشايخ قبائل حشد التي تضم تسعة أفرع، بينها سنحان قبيلة
الرئيس اليمني، أما شقيقه الثاني حمير فهو نائب رئيس مجلس النواب، والثالث
حميد أحد أكبر رجال الأعمال وأبرز السياسيين المعارضين.
|
عبد الله الفقيه: حسين الأحمر له دور وطني كبير في توحيد الصف |
حسم التغيير
ويرى
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الله الفقيه أن انضمام
حاشد وبكيل حسم الأمر بانتقال السلطة من الرئيس صالح، لتمتعهما بثقل كبير
على الساحة اليمنية وامتلاكهما ما بين 200 ألف و500 ألف مقاتل مسلح.
وأشار الفقيه إلى أن إسقاط صالح بات
مسألة وقت بعد كشف الغطاء عنه وانحياز القبيلتين إلى الثورة، معتبرا أن ما
حدث خطوة كبيرة وهامة أفشلت الورقة القبلية التي أراد صالح اللعب بها،
موضحا أن الرئيس اليمني يحاول اللعب أيضا بورقة الانفصال في الجنوب للبقاء
في السلطة، لكن فرصه في البقاء ضئيلة جدا.
وأضاف الفقيه أن معظم قادة الجيش
اليمني ينتمون إلى هاتين القبيلتين، لكن صالح ما زال لديه بعض ما وصفها
الفقيه بـ"الجيوب الضعيفة"، حيث إن أعضاء بارزين في قبيلته سنحان سحبوا
البساط عنه وانضموا إلى المجلس الذي يرأسه الأحمر.
واعتبر الفقيه أن تأثير حسين الأحمر
القبلي كبير جدا وبرز في التجمع الحاشد في عمران، ووصف تلك القوة بأنها
تفوق قوة الرئيس صالح الذي قال إنه قد يحاول اللجوء إلى الإرهاب وإشعال
القبلية.
وفي هذا السياق، أشار الفقيه إلى أن
قبائل حاشد وبكيل لوحت بالتحرك عسكريا لإسقاط النظام -رغم سلمية الحركة
الاحتجاجية- إذا جوبه المتظاهرون بـ"البلطجية"، حيث لوحت القبيلتان بالدخول
إلى صنعاء لحماية المتظاهرين.
كما اعتبر أن سلطة حسين الأحمر تمتد
إلى القبلية والمدنية في أنحاء اليمن، حيث يضم مجلس التضامن ثلث أعضاء
البرلمان، وله دور وطني كبير في توحيد الصف، مشيرا إلى ما أعلنه من أنه لن
يترشح هو أو أي من إخوانه لرئاسة الجمهورية.
ورغم كل هذه التحركات، فإن الفقيه
أشار إلى سيناريو آخر ينهي نظام صالح من داخل البرلمان، إذا تمكن المعارضون
له من جمع الأغلبية لعزل الرئيس بتوجيه تهمة الخيانة العظمى له ومحاكمته
باعتباره خطرا على اليمن، أو حتى بتوجه حشود المتظاهرين إلى القصر الجمهوري
وتقتحمه.
|
محمد الصبري رحب بخطوة الشيخ الأحمر واعتبرها قوة مضافة للحركة الاحتجاجية |
رسالة قوية
من
جانبه رحب القيادي في اللقاء المشترك محمد الصبري بإعلان الأحمر، واعتبره
مؤشرا يقوي الحركة الاحتجاجية في اليمن ورافدا للمعارضة الوطنية.
واعتبر الصبري -وهو المتحدث باسم
"اللجنة التحضيرية للحوار الوطني" التي تضم أطياف المعارضة اليمنية في
الداخل والخارج، وبينها المجلس الذي يرأسه الأحمر- أن إعلان الأحمر يبعث
برسالة قوية بأن كل مكونات الشعب اليمني أصبحت تطالب برحيل صالح.
كما اعتبر الصبري أن الشيخ حسين له تأثير
ونفوذ في المعادلة السياسية بحكم وضعه القبلي وأسرته، مشيرا إلى أنه يقود
معارضة لنظام صالح منذ ثلاث سنوات، ولديه كتلة برلمانية تدعمه، وله نفوذ
داخل حزب المؤتمر الشعبي.
وفي هذا السياق أكد أنه خلال الأيام
القادمة ستظهر على الساحة ردود فعل مؤيدة للشيخ حسين في منطقة عمران من
شيوخ القبائل، إضافة إلى كتلته، وربما يستقطب شخصيات بارزة في المؤتمر
الشعبي في خطوات تسرع بمطلب التغيير.
وفي نفس الإطار، أشار الصبري إلى أن صالح
سيجتمع مساء اليوم الأحد بالكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي بعد خطاب الشيخ
حسين، كما أن هناك 59 نائبا استقالوا من المؤتمر.
ورغم الاعتراف بقوة ونفوذ الشيخ حسين
الأحمر، فإن القيادي في المشترك نبه إلى ضرورة عدم تضخيم دور القبيلة في
اليمن أو اتباع التهويل الإعلامي بشأنه، بل يجب إعطاؤه الحجم الطبيعي، حيث
تراجعت القبلية بعد الوحدة عام 1990 وبعد حرب الوحدة في 1994، وانخرط أعضاء
القبائل في الحياة السياسة كمواطنين.